أيد مجلس الأمن الدولي دعوة أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لإرساء هدنة إنسانية جديدة في اليمن، مطالباً أطراف النزاع في هذا البلد ببدء مفاوضات سلام في أسرع وقت ممكن. وفي وقت من المفترض أن يعقد المجلس جلسة مغلقة اليوم بناء على طلب روسي لبحث الأزمة اليمنية، تتواصل الاتصالات لتحديد موعد انعقاد محادثات في جنيف رحبت بها جماعة "أنصار الله" بالحوار، فيما رجح مصدر ديبلوماسي أن تعقد هذه المفاوضات في 10 حزيران الحالي، بناء على اقتراح بريطاني، في وقت أعلن مساعد للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المقيم في الرياض منذ بدء الحرب السعودية على بلاده، أن الأخير قرر المشاركة فيها. وأبدى أعضاء مجلس الأمن ال15، في بيان صدر بالإجماع أمس الثلاثاء، "خيبة أملهم العميقة" إزاء إرجاء مفاوضات السلام التي كانت مُقرّرة الأسبوع الماضي في جنيف. وأضاف أعضاء مجلس الأمن، في بيانهم، أنهم "يؤيدون دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لإرساء هدنة إنسانية أخرى، من أجل السماح بوصول المساعدات إلى الشعب اليمني بصورة عاجلة". وفي الوقت الذي رجّح فيه مصدر ديبلوماسي موعداً تقريبياً للمفاوضات، شدد المتحدث باسم الأممالمتحدة ستيفان دوجاريك على أن "المفاوضات يجب أن تُعقد من دون شروط مسبقة". ولكن الجانب الخليجي في مجلس الأمن مصمم على أن يكون الحوار وفق المبادرة الخليجية والقرار الأممي 2216 ومخرجات الحوار الوطني، فيما تعيد "أنصار الله" التأكيد على ضرورة أن تستأنف المفاوضات من حيث توقفت جولتها الأخيرة مع المبعوث الأممي السابق جمال بن عمر في صنعاء قبل الحرب. هذا التأكيد جاء على لسان رئيس "اللجنة الثورية العليا" التابعة للجماعة محمد الحوثي، الذي رحب في حديث لوكالة "الأسوشيتيد برس" بالدعوة إلى الحوار، مشيراً إلى أن "هادي هو من أفشل جوار الحوار التي كانت مقررة في وقت سابق". وقال الحوثي إن "المباحثات يجب أن تبدأ من النقاط التي انتهت إليها المباحثات السابقة" مع بن عمر، والتي تضمنت "تشكيل حكومة وبرلمان جديدين وجلس رئاسي"، مشيراً إلى النقطة الوحيدة التي كانت عالقة "تعلقت بما إذا كنا سنبقي على هادي على رأس المجلس الرئاسي". وقال الحوثي إن "العدوان السعودي على اليمن منذ 69 يوماً دفع البلاد إلى الكارثة"، معتبراً أن اليمن يواجه "إبادة حقيقية". وفي وقت استمرت المحادثات غير الرسمية في العاصمة العمانيةمسقط بين مندوبين أميركيين وممثلين عن جماعة "أنصار الله" للدفع باتجاه محادثات سلام برعاية الأممالمتحدة، أكد مساعد لهادي أمس لوكالة "أسوشيتيد برس" أن الرئيس اليمني وافق على السفر إلى جنيف للمشاركة في المفاوضات التي سترعاها الأممالمتحدة، مشيراً إلى أن "هذا القرار جاء بعد اللقاء الأخير بين المسؤولين اليمنيين المتواجدين في الرياض ومبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد". وكانت الولاياتالمتحدة أكدت أمس عقد موفد أميركي رفيع للمرة الأولى محادثات مع جماعة "أنصار الله"، وذلك وفق ما أعلنت الخارجية الأميركية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية ماري هارف إن كبيرة الديبلوماسيين الأميركيين للشرق الأوسط آن باترسون التقت في سلطنة عمان ممثلين لأطراف معنيين بالنزاع المستمر في اليمن "بينهم ممثلون للحوثيين" في محاولة لإقناع جميع الأطراف بالمشاركة في مؤتمر السلام المقترح عقده في جنيف. وأوضحت هارف أن الاجتماع مع الحوثيين هدف إلى "تعزيز فكرتنا القائلة إن حلا سياسيا للنزاع في اليمن هو وحده ممكن وان كل الأطراف بمن فيهم الحوثيون ينبغي أن يشاركوا فيه"، لافتة أيضاً إلى أن "باترسون توجهت أيضاً إلى السعودية لإجراء مشاورات حول حل النزاع اليمني مع مسؤولين سعوديين والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي". ميدانياً، عاشت العاصمة اليمنيةصنعاء منذ ليل أمس أعنف الغارات التي شنها "التحالف" العربي منذ بدء حربه على اليمن في 26 آذار الماضي، ما أدى إلى سقوط ضحايا. وقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وأصيب 11 آخرون بجروح، عندما ضربت المقاتلات "مجمع 22 مايو"، وهو مجمع صناعي تابع للجيش، بحسب مصدر طبي وسكان. وهزت العاصمة اليمنية عدة انفجارات نتيجة الغارات العنيفة التي شنها طيران "التحالف" خلال الليل وصباح اليوم، والتي استهدفت أيضا مقر الفرقة الأولى مدرع . كما شن الطيران غارات على معسكر للشرطة في صنعاء وعلى مواقع للحوثيين وللقوات العسكرية الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، لاسيما في همدان شمال صنعاء، إضافة إلى مواقع في محافظتي حجة وصعدة في الشمال وإب في الوسط وتعز والضالع في الجنوب، بحسب سكان. وعلى الأرض، استمرت المعارك بين الجيش اليمني و"اللجان الشعبية" الموالية للحوثيين من جهة، والميليشيات الموالية لهادي من جهة أخرى. وذكرت مصادر محلية أن الحوثيين تقدموا في عدن باتجاه حي المنصورة، فيما شن "التحالف" السعودي غارات كثيفة لمساندة المسلحين الموالين له. إلى ذلك، واصل الجيش و "اللجان الشعبية" التقدم في محافظة مأرب، حيث هاجموا "أوكاراً لعناصر تنظيم القاعدة وميليشيا (حزب) الإصلاح في عدد من المناطق في المحافظة"، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ". كما واصل الجيش اليمني و"اللجان الشعبية" تقدمهم في منطقة الوبح في محافظة الضالع، بحسب الوكالة. (أ ف ب، رويترز، أ ب)