تفاعلت قضية إعلان الداعية السعودي محمد العريفي التحضير لزيارة القدس لتصوير حلقة من برنامجه "ضع بصمتك" لقناة "إقرأ" الفضائية ، حيث هددت وزارة الداخلية السعودية بمعاقبة أي شخص يثبت سفره إلى دول ممنوعة دون موافقة الجهات الرسمية. وأكدت المديرية العامة للجوازات بالسعودية أن أي شخص يسافر إلى إحدى الدول الممنوع السفر لها يضع نفسه تحت طائلة المسؤولية القانونية. وأوضح المتحدث الرسمي باسم المديرية، المقدم بدر المالك، أن المحاسبة لن تكون على التصريحات الإعلامية التي قد تكون بهدف الظهور ، لكنها تتم إذا ما ثبت لوزارة الداخلية ممثلة بالإدارة العامة للجوازات أن مواطنا سعوديا تجاوز الأنظمة وسافر بالفعل إلى إحدى الدول المحظورة، حيث يتم الرفع إلى الجهات الرسمية لمعاقبته كائنا من كان. وقال المالك لصحيفة "الوطن" السعودية، إن السفر إلى دول ممنوعة دون موافقة الجهات الرسمية يؤدي إلى العقوبة. وكان العريفي قد أعلن من خلال قناة "اقرأ" الفضائية عن نيته التوجه إلى القدس الأسبوع المقبل لتصوير حلقة من برنامجه "ضع بصمتك" من مدينة القدس، رغم أن الأنظمة الرسمية تمنع السفر إلى إسرائيل. من جانبه اعتبر مقرر اللجنة الاستشارية السابق في وزارة الداخلية الشيخ محمد بن يعيش، أن سفر مواطن إلى دولة ممنوع السفر لها هو أمر خاضع لولي الأمر، وخلاف ذلك يكون خروجا عن الإجماع العربي والإسلامي. وقال إن المسلمين في أنحاء العالم يتوقون إلى المسجد الأقصى لكنهم لا يتوجهون له احتجاجا على السيطرة الإسرائيلية عليه، حيث تعتبر زيارة القدس اعترافا بإسرائيل. وأوضح بن يعيش أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، وهذا العمل فيه مفاسد كبيرة ، منها شق الصف الإسلامي واتهام السعودية بأنها تقف وراء سفر الداعية إلى إسرائيل. الجدير بالذكر أن السعودية لا تقيم أي علاقات مع الكيان الصهيوني وتمنع أي حامل للجنسية "الإسرائيلية" من الدخول إليها. ردود أفعال أثار إعلان العريفي نيته زيارة القدسالمحتلة جدلا سياسيا واسعا، خصوصا وان زيارة اي مناطق خاضعة للاحتلال الاسرائيلي تتطلب إذنا من السلطات الاسرائيلية، وان اي شخص يدخل الى الاراضي المحتلة سيمر عبر حواجز ونقاط تفتيش لسلطات الاحتلال تدقق بأوراقه وجواز سفره، اي ان السلطة الفلسطينية لا تملك سلطة اصدار تأشيرات او تصاريح دخول بصفة مستقلة. وهذا يعني ان العريفي سيقف امام الحواجز الاسرائيلية، ويقدم جواز سفره الى رجال امن الحدود الاسرائيليين. ودعت حركتا حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتان، الداعية السعودي إلى عدم زيارة القدس في الوقت الحالي؛ وذلك خوفاً من أن تعتبر نوعاً من التطبيع مع الكيان الصهيوني. وقال الناطق باسم حماس، إسماعيل رضوان: "لا نشجع في الوقت الحالي زيارة العريفي لمدينة القدس في ظل استمرار العربدة الإسرائيلية وتهويد المدينة". وأضاف: إنه "من الأفضل لعلماء المسلمين في دول العالم أن يحثوا الشعوب المسلمة على مساندة الشعب الفلسطيني وسكان مدينة القدس، في تحديهم وصمودهم أمام ما تفعله إسرائيل بالمدينة المقدسة، على أن يقوم عالم جليل بزيارة المدينة فقط". من جانبه، أكد الشيخ خالد البطش، أحد قيادات حركة الجهاد الإسلامي، أن تلك الزيارة في ظل تهويد مدينة القدس حالياً من قبل "إسرائيل" ستضر كثيراً بعلماء المسلمين. وأضاف: "الشيخ العريفي مُرحّب به في أي وقت وفي أي بقعة من الأرض الفلسطينية، لكن نخشى أن تفسّر زيارته سلبياً، وتعتبرها أطراف عديدة تكريساً للواقع الذي تصنعه حالياً قوات الاحتلال الإسرائيلي من تهويد كامل للمدينة لم تشهده منذ سنة 1967". بدوره، انتقد أستاذ العقيدة في جامعة الإمام سابقا والباحث السعودي في الشئون الإسلامية، الدكتور عوض القرني هذا الإعلان واعتبره خطأ شرعيا يجب الاعتذار للمسلمين عنه. وأضاف القرني في تصريحات لوكالة "قدس برس"، إن مبدأ تعامل علماء المسلمين وعامتهم مع القضية الفلسطينية لا يزال محكوما بالاحتلال ، قائلا :" إخواننا من الفلسطينيين مضطرون اضطرارا إلى الدخول والخروج من خلال قنوات الاحتلال ، أما علماء الإسلام وبقية المسلمين فلا يجوز لهم أن يدخلوا فلسطين تحت حراب الاحتلال ، إلا إذا كانوا مجاهدين حاملين للسلاح من أجل اقتلاع الاحتلال وتحرير الأرض وإزالة دنسه ورجسه عن أرض فلسطين". وفي أول رد فعل من جانبها، رحبت وزارة الخارجية الإسرائيلية بتصريح العريفي بالقدوم إلى القدس، مؤكدة ترحيبها بذلك، إلا أنها وجهته إلى السفارة الإسرائيلية في الأردن لتقديم طلب رسمي للحصول على تأشيرة دخول. وقالت الخارجية في بيان لها أمس إن كثيرا من مواطني الدول العربية والإسلامية التي لا تقيم علاقات مع إسرائيل تقدموا بطلبات كهذه وحصلوا على تأشيرة. وذكرت منهم بعض الزوار القادمين من ليبيا وإندونيسيا وغيرهما. وتجدر الإشارة، إلى أن الداعية العريفي يقيم حاليا في العاصمة الأردنية (عمان) لإلقاء إحدى محاضرته الدينية في جامعة الإسراء. ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية الصادرة في لندن، عن مصادر مطلعة وقريبة من الداعية السعودي قولها: إن العريفي لم يتمكن حتى اللحظة من إنهاء إجراءات السماح له بدخول الأراضي الفلسطينية أو زيارة القدس تحديدا، موضحة المصادر ذاتها أنه لا يوجد أي بوادر إيجابية حتى اللحظة بهذا الشأن، إضافة إلى عدم وضوح الرؤية في هذا الأمر. من جهتها، نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، عن مصدر في بلدية القدس قوله: "القدس تحت راية إسرائيل مفتوحة لجميع الناس من جميع الأديان للقدوم إليها والاستمتاع فيها" . وأضاف: " لكن لن نسمح بأي نشاط سياسي يؤدي إلى العنف في مدينة محتدمة أصلاً" .