في خطوة تعتبر الأولى للقوات الأجنبية في أفغانستان، سلم الجنود الهولنديون اليوم الأحد 1/8/2010 قيادة مهمتهم التي استمرت أربع سنوات في ولاية أروزغان جنوب البلاد إلى القوات الأميركية والأسترالية، لتبدأ عملية انسحاب أحد أبرز الدول المشاركة في الحرب الدائرة هناك. وقد سلم الهولنديون القيادة في حفل أجري في "كامب هولاند" بولاية أروزغان، قاعدتهم الرئيسية في افغانستان. وسيحل مكان الهولنديين جنود أميركيون وأستراليون وسلوفاكيون وسنغافوريون. وقال الكومندان جويل هاربر الناطق باسم القوة الدولية للمساعدة على إحلال الأمن (ايساف) إن "القوات الهولندية كانت متميزة في أروزغان ونشيد بتضحياتها وتضحيات نظرائها الأفغان". وأضاف هاربر إن الحلف سيبقي بعد رحيل الوحدة الهولندية "على قدراته الحالية وخصوصا بشأن الوحدات القتالية والتأهيل وإعادة الاعمار". ارتياح هولندي وأعرب وزير الخارجية الهولندي ماكسيم فرهاغن في بيان عن ارتياحه لعملية الانسحاب قائلا "المجتمع الدولي والحلف الأطلسي يساعدان أفغانستان على الوقوف على قدميها، وأن هولندا تحملت مسؤوليتها وقاتلت من أجل إحلال الأمن وإعادة إعمار أفغانستان". وكانت هولندا نشرت منذ بدء وجودها في أفغانستان في الأول من أغسطس 2006، نحو 1950 جنديا في إطار القوات الدولية "ايساف" في ولاية أروزغان حيث تنشط حركة طالبان. وقد فقدت القوات الهولندية في أفغانستان 24 جنديا خلال أربع سنوات من بقاءها هناك بجانب أكثر من 140 جريحا. وكان الجنرال بيتر فان أوم القائد الأعلى للقوات المسلحة الهولندية قال الأسبوع الماضي "لقد حققنا نتائج أكيدة تفخر بها هولندا". ومنذ بدء المهمة التي كلفت الحكومة الهولندية 1,4 مليار يورو، ارتفع عدد المنظمات غير الحكومية في هذه الولاية من 6 إلى 50 فيما تضاعف عدد المدارس ليبلغ 179. وتكفلت هولندا خصوصا ببناء طريق بين تارين كوت وشورا المدينتين الأكثر اكتظاظا بالسكان في أروزغان وتدريب ثلاثة الاف جندي أفغاني. وسمح انتشارهم في أرزوغان أيضا بتضاعف عدد المدارس وتلقيح معظم الأطفال وبناء مركز لتدريب عناصر الشرطة وتحسين وسائل النقل. وغالبا ما ذكرت المقاربة الهولندية المسماة "3 دي" ما يعني تنمية ودبلوماسية ودفاع باللغة الانكليزية، كمثال على المسرح الدولي. وأعرب حلف شمال الأطلسي عن رغبته في تمديد مهمة القوات الهولندية لمدة سنة، حتى أغسطس 2011، إلا أن الاختلافات في الرأي حول المسألة أدت في 20 فبراير الماضي إلى سقوط الحكومة وعدم التمديد للمهمة حيث رفض أحد أحزاب الائتلاف الحكومي (حزب العمل) تمديد فترة بقاء المهمة في أورزغان، وقام بسحب وزرائه من الحكومة.
ترحيب طالباني ومن جهتها هنأت حركة طالبان "هولندا على سحبها عسكرييها من افغانستان" على ما أفادت صحيفة فولكسكرانت الخميس الماضي في مقابلة مع ناطق باسم طالبان. وصرح قارئ يوسف احمدي الذي قالت الصحيفة اليسارية إنه ناطق باسم طالبان في غرب وجنوبأفغانستان "نريد أن نهنئ من كل قلوبنا مواطني وحكومة هولندا لما تحلوا به من شجاعة لاتخاذ هذا القرار المستقل". وأضاف في حديث هاتفي مع فولكسكرانت "نامل أن تقتدي الدول الأخرى التي تنشر جنودا في افغانستان بمثال الهولنديين وأن تسحب قواتها" واعتبر القرار الهولندي "قرارا من أهم القرارات التي اتخذتها الحكومة الهولندية ومواطنيها". وأضاف "إننا ندعو مجددا الدول الأوروبية التي تنشر جنودا في أفغانستان إلى مغادرة البلاد لأنها ليست حربكم بل حرب الولاياتالمتحدة التي تبحث عن تحقيق أهداف امبريالية في العالم وخاصة في هذه المنطقة". تداعيات الانسحاب ويشكل انسحاب القوات الهولندية الخطوة العملية الأولى في اتجاه بدء انسحاب شامل من أفغانستان والذي يتم الحديث عنه في أوساط الناتو، رغم عدم قناعة قيادات في الجيش الأمريكي بأن الحديث عن انسحاب مبكر يساعد في تقوية شوكة طالبان. ومن المتوقع أن تبدأ كندا بسحب قواتها من أفغانستان العام القادم، كما حدد الرئيس الأميركي باراك أوباما بدء انسحاب الجنود الأميركيين الذين يشكلون ثلثي الوحدات الدولية (أكثر من 140 ألف جندي أجنبي) في يوليو 2011. إلى ذلك تحدث رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مؤخرا عن امكانية انسحاب قسم من القوات في صيف 2011 مع التأكيد بأن القوات البريطانية ستنسحب نهائيا من أفغانستان خلال السنوات الأربع القادمة. ويهدف الحلف الاطلسي إلى تسليم مهمة الأمن إلى القوات الأفغانية بحلول نهاية 2014، وهي مهمة يعتبرها المراقبون صعبة وتشكل تحديا أساسيا لكل من الناتو وحكومة الرئيس حامد كرزاي