في اليمن صحيفة الثقافية العدد 503بتاريخ 11- 10-2009يكتب معاذ الأشهبي مقال يتهم فيه القرآن بالتحريف بعنوان (أخطاء عمرها أربعة عشر قرنا صححوا مصاحفكم) فلنعمل على مقاضاة الصحيفة والكاتب غيرة على القرآن ونصرة ولكتابه ولو بنشر هذا المقال والذي تم نقله من صحيفة الجمهورية للكاتب علي القاضي الحمدلله رب العالمين وأشهد الا إله إلا الله وحده لاشريك له وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد : لا أدري إن كانت الثقافية ستنشر هذا المقال أم لا، فإن نشرته فهذا من حقنا وان لم تنشره فليس بغريب عليها. قد يقولون لماذا هذه النبرة ؟ فالجواب ان الثقافية تعنى بالاستفزاز قبل كل شيء وكأنه هدف استراتيجي لها فقبل سنوات نشرت قصة قصيرة اتهم فيها الكاتب الله سبحانه بالظلم هكذا فهم قصته العقلاء والعلماء، ثم بعد فترة شنت حملة شعواء على السنة حاولت جهدها زعزعة ثبوتها ودلالاتها واستقطبت لهذه الحملة بعض الخطباء للأسف ثم سكتت فترة أو لم أتابعها وعادة بمقال لمعاذ الاشهبي ولا أدري هل هو عربي أم أعجمي؟ مقاله يدل بوضوح أنه لايفقه شيئاً من العربية، ودليل ذلك انه يقول ان القرآن محفوظ ولكن التحريف دخل من خلال تحريف الحركات الإعرابية وهذا الزعم عدم دليل عدم الفهم للغة لان تحريف علامات الإعراب يغير المعنى تماماً فكلمة قتل بضم القاف تدل على من عليه القتل، وبفتح القاف تدل على من وقع منه القتل، فهل يسمى الكلام محفوظاً إذا تغيرت العلامات الإعرابية أم سيكون كلاماً آخر له معنى غير المعنى المراد؟ وهذا الذي يظهر من اكتشاف الاشهبي - لايهمني الكاتب فهو غير معروف وسأتكلم مع الثقافية التي أصبحت أشبه بناد للشواذ فكرياً. المهم هنا ان الثقافية فاجأت العالم كله بالدعوة لتصحيح المصاحف منذ أربعة عشر قرناً وهذا الاكتشاف الهائل يجعل الأمة كلها في ضلال عظيم عبدت الله سبحانه أربعة عشر قرناً بمصاحف لم تراجعها الثقافية وماتت أجيال منذ فجر الإسلام بمافيهم الصحابة إلى الآن لم يعرفوا القرآن المصحح وعرفته الأمة في 11/10/2009م في دولة اليمن السعيد عبر وزارة الإعلام والثقافة اليمنية، من خلال ملحق - مجرد ملحق - بصحيفة رسمية تسمى «الجمهورية» تلك الصحيفة التي يديرها كادر من كبار أئمة العصر من حملة الشهادات المتخصصة في علوم القرآن والحديث والفقه والتفسير واللغة والأصول ودراسة المخطوطات النادرة أو التي لم توجد عند الإنس، ومنها مخطوط «صححوا مصاحفكم». أخطاء عمرها أربعة عشر قرنا اكتشفها الإمام المجتهد المطلق معاذ الاشهبي، وهذا المخطوط المهم سيترتب عليه شطب عقيدة الأمة الإسلامية حول القرآن «بالكركت» منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم إلى 11/10/2009م. ثار العلماء على هذا الإبداع المبتدع من الثقافية كما ثار كل مسلم عاقل وقالوا : ان القول بتحريف علامات الإعراب في القرآن الكريم أو أي تحريف كفر، فثارت الثقافية وقالت: إنها وجهة نظر الكاتب ولايخلو من أجر أو أجرين فهو مجتهد في تشكيكه بالقرآن كما من قبله في التشكيك بالسنة النبوية، وهنا أنصح الثقافية بعدة نصائح: الأولى: أن تميز بين العلماء والصحفيين فهي تعتبر كل من يحسن التعبير وإن أساء المضمون وكل من ثرثر أو يجيد الهمز واللمز وطرح الشبهات مجتهدا، فلو تواضعت الثقافية وقرأت أي كتاب في أصول الفقه - وأقرب لها الكتب فلتقرأ كتاب الوجيز في أصول الفقه للعلامة د. عبدالكريم زيدان وستعرف على من يطلق المجتهد وستعرف انها وأخواتها ستكون ممن لايحق لهم الكلام في الدين لجهلهم بأبسط شروط المجتهد أو المفتي أو حتى طالب العلم. الثانية : أن نتواضع للعلماء، وترجع للعلماء مهما كرهتهم فهم مرجعية الأمة ومحل إجماع الناس وهم مرجعهم ولن تكون الثقافية يوماً من الدهر مصدراً لفهم الإسلام أو داراً للإفتاء وإنما أقصى مايمكن أن تحققه أن تزيد الجهلة بعدا عن الدين بأبحاثها المشككة بالثوابت وتزيد كتابها تعالياً وعناداً لأئمة الإسلام قديماً وحديثاً، فعلى الثقافية أن تترك الكبر على العلماء فهي ترى أنهم أعجز عن فهم مقالاتها المشككة بالقرآن والسنة، وانه مهما كان العلماء على دراية باللغة والشرع فهم أقل من أن يفهموا مقالاتها التي لايفهمها إلا من لايفهم الثوابت ولا بفقه باب الردة ولايحترم المسلمات ولايفهم الواقع الذي يهرف فيه بمالايعرف. الثالثة : أنصح الثقافية ان تعرض مقالاتها على المجامع الفقهية ومجامع الفتوى في العالم الإسلامي إذا أرادت الفهم السليم للاسلام ولا أظنها ستطعن في كل مجامع العلم ومجالس الإفتاء التي تضم أكابر أئمة العصر فإن طعنت فهذا برهان على أنها تسعى لنسف مرجعيات الأمة من كتاب وسنة وعلماء، نسأل الله لنا ولهم الهداية.. وعودة لمقال الثقافية «صححوا مصاحفكم» أو مقال الاشهبي جاء في المقال: 1 أخطاء عمرها أربعة عشر قرناً، صححوا مصاحفكم قلت وهذا استفزاز من الثقافية للأمة، والأخطر من ذلك أين المصحف الصحيح إذا كانت المصاحف من فجر الاسلام إلى اليوم غير صحيحة. 2 قال : إن أهل الكتاب زادوا السنة وسموها الحديث الشريف، قلت : السنة هي المصدر الثاني للتشريع باجماع الأمة وهي من الله باجماع الأمة لقوله تعالى : «وماينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى» وعند الثقافية أن السنة من وضع أهل الكتاب وراجع أخي القارىء النص لترى كيف يفسر الكاتب القرآن بهواه، واما حكم إنكار السنة فقد قال الإمام الابادي في شرح سنن أبي داؤود 7/150 والإمام السيوطي في مفتاح الجنة 444 الإمام ابن حزم في مراتب الاجماع 140 وغيرهم ان إنكار السنة جملة وتفصيلاً كفر بالاجماع. 3 قال : ليس لله أصدقاء أو اخلاء أو احباب، قلت فأين قوله تعالى : «يحبهم ويحبونه» وقوله :« إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين» إلى غير ذلك من الآيات، فهذا إنكار لآيات من القرآن الكريم. وأجمع العلماء على ان من أنكر آية أو حرف من القرآن المتواتر فهو كافر «انظر مراتب الاجماع لابن حزم ص145 والاعلام بقواطع الاسلام ص95لابن حجر والشفاء للقاضي عياض 2/200. 4 قال في قوله تعالى : «واتخذ الله إبراهيم خليلا» معنى الآية أن الله اتخذ ابراهيم خليلا هذا المعنى لايجوز على الله والمدهش انه موجود في كل كتب التفسير، قلت هذا الكلام تكذيب لله تعالى فهو يقول انه اتخذ ابراهيم خليلا ؟ ومعاذ الاشهبي يقول لم يتخذ الله ابراهيم خليلا، وهذا مايفهمه كل عاقل ولم تفهمه الثقافية وجعلت نفي الآية وجهة نظر، ثم إن الكلام كفر من جانبين : الأول : تكذيب الله والثاني :اعتقاد ان الامة كلها في ضلال وتقدم معنا حكم من أنكر آية أو حرف، أما حكم من ضلل كل الأمة فقد اجمع العلماء على كفر من قال قولا يتوصل به إلى تضليل الامة كما قال القاضي عياض في الشفاء ج2/200. نعم لا أحكم على الكاتب بالكفر لكونه جاهلاً أو غير مكلف أو نحو ذلك حتى تقوم عليه الحجة ويعرف عقله من عدمه ولكن هذا الكلام لاشك انه كفر وهناك فرق بين إطلاق الكفر على الكلام دون قائله يعرفه العلماء وتجهله الثقافية. الخلاصة : قال تعالى : «إنا نحن نزلنا الذكر وإناله لحافظون» الحجر/9، فالذكر هنا القرآن باجماع العلماء والأمة، فالقرآن محفوظ بلفظه ومعناه دون زيادة أو نقصان لافي حروفه ولافي علامات إعرابه وهذا أعرف من أن يستدله، والسنة الصحية محفوظة على أيدي علماء جهابذة ميزوا صحيحها من ضعيفها وخدموها خدمة لم تعرفها البشرية لكتاب من الكتب علم ذلك من علم وجهله من جهله، وحفظ السنة يدل عليه العقل أيضاً لان القرآن لايمكن فهمه أبداً أبداً دون السنة فكيف ستصلي أو تصوم أو تحج أو تتزوج.. إلخ.. دون السنة. ولهذا كله كان مقال الاشهبي تشكيكاً في القرآن ولاينفعه قوله إن التحريف في علامات الاعراب بإجماع العلماء، واسالوهم إن كنتم تعقلون. وإنكاره للسنة بزعمه أنها من وضع اليهود، لاحجة له في تأخر وضع علامات الاعراب أو نقط المصحف لان العرب كانوا يقرأون القرآن بسليقة عربية أصيلة لاتحتاج إلى شكل أو نقط ثم إن أكثر العلماء قالوا ان أول من وضع النقاط والشكل هو الإمام أبو الاسود الدؤلي بأمر من الإمام علي رضي الله عنه كما يقول الإمام السيوطي في الاتقان ج2/167. والمهم هنا أن الامة اجمعت على ان هذه النقط والشكل لم تغير من القرآن شيئاً ومن قال غير ذلك فليس بمسلم، قال الإمام ابن حزم : ولا خلاف بين أحد من الفرق المنتمية إلى المسلمين على وجوب الأخذ بما في القرآن وانه هو المتلو عندنا نفسه وإنما خالف في ذلك قوم من غلاة الروافض وهم كفار بذلك مشركون عند جميع أهل الاسلام.. الاحكام في أصول الاحكام ج1/111. وفي كتاب الفقه للمذاهب الأربعة للإمام الجزيري 4/367: قال : ويكفر إذا أنكر حكماً أجمعت الأمة عليه. وقال ابن حزم : من أدعى شيئاً من القرآن أو الحديث الصحيح انه منسوخ ولم يأتي على ذلك ببرهان فهو كاذب مفترى على الله داع إلى رفض شريعة قد تيقنت، فهو داعية من دعاة إبليس المرجع السابق 2/294. وبرهان الاشهبي على التحريف هو الوقائع التاريخية فهو يصحح القرآن من خلال التاريخ، وراجع المقال لتعرف صحة مانقلناه، وراجع المرجع السابق لابن حزم لترى الاجماع على كفر من قال ماليس بقرآن إنه قرآن. اللهم أهد معاذ الاشهبي والثقافية وحبب إليهم الإسلام ووجههم إلى ماتحبه وترضاه وجنبهم الزيغ والإلحاد، آمين.. آمين.