شبكة البيضاء الاخبارية / بقلم الشيخ عبدالله بن محمد النهيدي قبل عدة أيام وقع حادثٌ , شنيعٌ , وغريبٌ , غريبٌ جداً , وغرابته ليست في ذات الحادث , فمثله يقع كثيراً , في كل بلاد العالم 0 طفلٌ صغيرٌ , لا يتجاوز الخمس سنوات , أرسله أبوه في حاجةٍ , ومع مغيب الشمس بدأ قلق والده عليه , عيناً منه على الطريق , وأخرى على ساعته , وكأن حركة الثواني أياماً , وحركة الدقائق شهوراً 0 سمع صراخ ألأطفال , فكأنه ينتزع روحه من بين جنبيه , ولما لا وهو أب , سمع ما لا يود أن يسمعه , وما تمنى لو أن ألأطفال كلهم كذابون وليس فيهم صادقاً , وفي مثل هذه المواقف يحب الناس الكذب بل ويتمنونه , فلان دعسته( ) سيارة , فلان دعسته سيارة . هرع إلى مكان الحادث , وأخذ ولده سريعاً , ووصلوا إلى المستشفى , وأودعوا الطفل في غرفة العناية المركزة , وهنا بدأ التساؤل , من صاحب السيارة , ولم يجدوا أي جواب , لقد فر الجبان لأنه (( بلا ضمير )) 0 ولكن لماذا هرب , ألم أقل إنه حادث غريب , كيف سمحت له , ديانته , أخلاقه , مروءته , بهذه الجريمة 0 طفل برئ , ضحية التهور والامبالاة , ويفر الجبان تاركه يتشحط في دمه على قارعة الطريق , أين ضميره , ولم نطالبه ديانةً , فقد إفترضناه سكيراً , في لوس أنجلوس ,لا مسلماً من بلاد ألإيمان0 ولم نطالبه أخلاقاً , فقد إفترضناه , لقيطاً من شوارع روما0 لا عربياً , من بلاد الحكمة . لم يحصل أن غُرم أو سجن أحدٌ في حادثٍ كهذا , فلماذا هرب , وإن كنت ألوم من يتسرعون في العفو عن أمثال هؤلاء , لا لأنني لا أحب العفو أو أدعو إليه , ولكن لأنهم تجرءوا علينا , لم تكن جرأتهم على أموالنا ولا على هدوئنا , بل على أرواحنا , وفلذات أكبادنا , لقد إنسلخ من كل معاني ألإنسانية , والمسؤولية , وانحط إلى أسوأ الدركات , عندما يحصل مثل هذا فإننا لا نملك سوى أن نقول (( بلا ضمير )) 0 هناك آخرون لا يقلون سقوطاً , ولا إنحطاطاً عنه , يحصدون ألأرواح يومياً , يسرع أحدهم بسيارته , وبأقصى درجات السرعة , بين الحواري , وألأزقة , وفي الشوارع العامة , وبجوار المدارس , نرى من ضحاياهم كل يومٍ المزيد , لا يرقبون فينا إلاً ولا ذمةً , رأيت طفلاً معاقاً , يذرف عليه أبوه دموع ألأسى , وتتأوه أمه الحسرات , وسبب إعاقته أحد المتهورين , مر بجوار بيتهم بسرعة الريح , ,اخذ الولد معه إلى عالم ألإعاقة والحرمان , وحصل على عفوٍ سريعٍ من والد الطفل , قد ربما لئلا يقول عنه الناس دنئ , أو لأنه جرى العرف في المجتمع على مثل هذا , وبما أن السائق (( بلا ضمير )) فقد عاد إلى غيه ليلحق ضحية أخرى من ضحاياه إلى مأساة جديدة , إذا كان السائق متهوراً , أو طائشاً , أو مسرعاً فوق الحد المعقول بلا مبرر , فينبغي أن يؤدب , وإن حصل الحادث منه بغير تفريط فهنا نقول (( العوض من الله )) . هذا في الحق الخاص . لكن أين الحق العام , الذي ينبغي على الدولة أن تستوفيه من أمثال هؤلاء , فهل نقول في من بيدهم ألمسئولية أنهم هم أيضاً (( بلا ضمير )) 0 إلى الذين وكلتهم الشعوب على حفظ أموالها ودمائها , ومصالحها , رجال ألأمن ورجال المرور , أطرح عليهم هذا السؤال , أين الحق العام , أين تطبيق القانون , إنهم وبكل بساطة لا يتوانون في القبض على الجاني , وفور وصوله إليهم , يساومونه على تخليصه من تطبيق القانون , طبعاً إذا لم يهرب كصاحبنا , وتبدأ الوساطات بعملها , والسماسرة بسمسرتهم في دمائنا , وتأتي الذئاب الجائعة , وينتهي كل شي , وربما قبل أن يوارى الضحية الثرى , ويرجع كلٌ بما حصل عليه من الغنيمة , ولكنهم يعودون (( بلا ضمير ))شبكة البيضاء الاخبارية / بقلم الشيخ عبدالله بن محمد النهيدي