تساءلت صحيفة لوس أنجلوس تايمز عن مدى قدرة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح على مواجهة الضغوطات الشعبية التي تنادي بإسقاط نظامه، موضحة أنه عُرف عن صالح دهاؤه ومكره السياسي حتى استحق لقب الداهية، لكن الضغوط عليه كبيرة هذه المرة.ورغم أن صالح استطاع طوال عقود أن يلعب على جميع الأوتار وأن ينتقل بتحالفاته من قبيلة إلى أخرى وكأنه يرقص على الحبال، مما ساعده على الاحتفاظ بالحكم طوال هذه السنين، فإن الضغوط عليه هذه المرة مختلفة من حيث شدتها وكبر حجمها، مما يجعل المرء يتساءل عن مدى قدرته على الانحناء حتى مرور العاصفة والنهوض من جديد، أم هو السقوط لا محالة. والرئيس اليمني تمكن من الصمود في موقعه رغم الحروب الداخلية والثورات القبلية ورغم حربه المستمرة على تنظيم القاعدة في البلاد، حتى بات إسقاطه ربما يعد أمرا صعبا من خلال الثورات الشعبية السلمية كما حدث في تونس ومصر. تصعيد الاحتجاجات وفي المقابل وعد قادة الأحزاب المعارضة وشيوخ بعض القبائل اليمنية بتصعيد الاحتجاجات في ما يسمى يوم الغضب، حيث خرج إلى الشوارع الثلاثاء مئات الالاف في العاصمة صنعاء والمدن الرئيسية الأخرى في البلاد. ويتوقع مراقبون أن يقوم صالح بفعل شيء ما يكون من شأنه تحويل انتباه أنظار الشعب اليمني، حيث يقول معلمو المدارس إنه من الحماقة بمكان عدم توقع قيام الرئيس بعمل معين يشتت فيه انتباه الجميع، مضيفا أن صالح يعرف نقاط ضعف كل جماعة من الجماعات المعارضة في البلاد. وأما مدير مركز اليمن لاستطلاع الرأي فيقول إن القبائل لا توالي صالح موالاة مطلقة، موضحا أن الرئيس اعتمد في الماضي على ثلاثة عناصر هي الجيش والأمن والقبائل، لكن القبائل لم تعد تصطف إلى جانبه في الوقت الراهن. وبينما أشارت لوس أنجلوس إلى انفصال بعض قادة القبائل عن النظام وانضمامهم إلى صفوف المحتجين مثل الشيخ حسين بن عبد الله الأحمر أحد قادة قبيلة حاشد، قالت إن صالح في المقابل وعد بمقاتلة المحتجين حتى آخر قطرة دم من جهة اخرى أوضح المعارض اليمني أن الخطاب الرئاسي كثيرًا ما يتغنى بالجيش وبأنه الحارس الأمين للشعب ومكتسباته، لكن الحاكم يعتمد على أقاربه في المؤسَّسة العسكرية للحفاظ على بقائه. من المآخذ التي تؤخذ على الرئيس اليمني في هذه النقطة تعيين أبنائه وأقاربه في مراكز قياديَّة مهمَّة في الجيش والأمن، منها الحرس الخاص والحرس الجمهوري والقوات الجويَّة والبحريَّة والبريَّة والدفاع الجوي والفرقة أولى مدرعة وحرس الحدود إلى جانب الأمن المركزي والأمن القومي. كما اتَّهمت الأحزاب الجيش بقمع الاحتجاجات السلميَّة، واستدلَّت بما حدث في بعض محافظات الجنوب، حيث دخلت الدبابات وسلاح المدفعيَّة في حصار مدينة ردفان ودكت بعض منازلها. كما اتّهمت الداخليَّة بتكليف رجال أمن بلباس مدني بإطلاق الرصاص على المعتصمين سلميًّا في الماضي. ويرى المحلل السياسي ورئيس تحرير أسبوعية الأهالي علي الجرادي أن المؤسَّسة العسكريَّة والأمنيَّة تابعة تبعيَّة مطلقة للرئيس وأفراد عائلته، وهو يدعو إلى إعادة هيكلة هذه المؤسسة ومنع الأسرة الحاكمة من السيطرة عليه، وقال: إن الجيش الأمن يجب وفق القانون العسكري أن يكونا مؤسّسة وطنيَّة خالية من أي تحيزات قبليَّة أو أسريَّة.ويرى الجرادي خيارين أمام صالح: أن يسلم السلطة سلميًّا مما يحفظ له ولعائلته الكثير من المجد والشرف والمستقبل الأفضل، أو أن يخسر كل شيء إذا أصرَّ على البقاء، خاصةً بعد خروج مئات آلاف اليمنيين في جميع المحافظات مطالبين برحيله. ويأمل عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي المعارض علي الصراري أن يعمل صالح على تحييد المؤسَّسة العسكريَّة والأمنيَّة فورًا، لكنه يعتقد أيضًا أنه عاجز عن الزجّ بالجيش في أي ثورات شعبيَّة محتملة.وتحدث عن احتقان يسود "جنود وضباط" القوات المسلَّحة الذين يشاهدون حسب قوله الفساد الذي تمارسه القيادات الكبيرة المتنفِّذة في الجيش. وحسب الصراري تخشى تلك القيادات رفض أفراد الجيش تنفيذ تعليمات قادتهم في قمع المحتجين، لذا اعتمدت السلطة على البلطجيَّة في مواجهة المظاهرات.وكان من نتائج ذلك تزايد الضغوط على الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للتنحي عن الحكم، خاصةً بعد إعلان اثنتين من أهم قبائل اليمن انضمامها إلى الاحتجاجات المناهضة له، في حين ارتفعت حصيلة المصادمات التي وقعت بين قوات الأمن وآلاف المتظاهرين في عدنجنوب اليمن أمس الجمعة إلى سبعة قتلى على الأقل وأكثر من أربعين جريحًا. فقد أعلن شيخ قبيلة حاشد حسين بن عبد الله الأحمر اليوم -في تجمع شمال العاصمة صنعاء- استقالته من حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم "احتجاجًا على قمع المتظاهرين المسالمين في صنعاء وتعز وعدن"، وتعهَّد بالانضمام إلى الاحتجاجات المناهضة الرئيس اليمني. ويعتبر اتحاد قبيلة حاشد أكثر القبائل اليمنيَّة قوة وهي تضمُّ تسعة قبائل، من بينها قبيلة سنحان التي ينتمي إليها الرئيس صالح. وقوبل الإعلان بترحاب من الحشود المجتمعين، وبينهم أعضاء من قبيلة بكيل ثاني أكبر قبائل اليمن والتي أعلنت بدورها الانحياز إلى المعارضة.