في وثائق جديدة صادمة وُصفت ب'سري للغاية'، تكشَّف لدى 'الجريدة' دور خطير لجمال مبارك نجل الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، في تدبير تفجيرات أودت بحياة 88 مصرياً وأجنبياً، للانتقام من رجل أعمال نافسه على عمولة صفقة تصدير الغاز لإسرائيل، التي كانت 'الجريدة' كشفت أسرارها الموثقة أمس.فقد أمر مبارك الابن ووزير الداخلية السابق (المسجون حالياً) اللواء حبيب العادلي التنظيم 'السياسي السري' في الداخلية بتدبير تفجيرات شرم الشيخ في 23 يوليو 2005 (عيد ثورة يوليو)، إذ وجَّه التنظيم مجموعة إسلامية مسلحة إلى تفجير 3 منشآت سياحية عائدة لرجل الأعمال حسين سالم المقرب من حسني مبارك، وذلك انتقاماً منه لمحاصصة جمال الابن في عمولة صفقة تصدير الغاز، ولدوره المخادع في خفضها من 10 إلى 5 في المئة. وقامت الجماعة المسلحة، بالتنسيق الكامل مع التنظيم السري في الوزارة، بإعداد المتفجرات والعربات المفخخة وتمريرها إلى شرم الشيخ والاتفاق على ساعة الصفر، وهي منتصف ليل 23 يوليو. وكانت المفاجأة الكبرى أن المجموعة المسلحة خدعت التنظيم ونفذت التفجيرات في أماكن أخرى غير المتفق عليها وبأسلوب التفجير عن بُعد، رغم أن الاتفاق كان على تفجيرات انتحارية لطمس معالم الجريمة. وقد أدت التفجيرات وقتئذ إلى إصابة المئات ومقتل 88 مصرياً وأجنبياً، وجرى اتهام بدو وفلسطينيين بارتكاب الجريمة. كما أدى خداع المجموعة المسلحة للتنظيم السري إلى تغيير ضابط الشرطة المسؤول عنه. الوثائق وتقول وثيقة صادرة بتاريخ 7 يونيو 2005 من رئيس التنظيم السري إلى العادلي: "اجتمعنا أمس بالمدعو محمد هاشم وأسامة محمود ورأفت مصيلحي وزياد عبدالرحيم (يبدو أنهم أفراد تنظيم مسلح إسلامي) واتفقنا على جميع بنود الخطة الموضوعة لتنفيذ التكليف 231 بتاريخ 29/1/2005 وهو أن تستهدف ثلاث سيارات ملغومة منطقة خليج نعمة، على أن تنفجر الأولى في مدخل فندق موفنبيك، والثانية في المنتجع القريب من الفندق، والثالثة بقرية موفنبيك المملوكين لحسين سالم". واتفق أمير الجماعة محمد هاشم على أن يتم تنفيذ العملية بمعرفتهم من حيث التجهيز والتنفيذ والعناصر البشرية، وأن تكون ساعة الصفر في الساعة الأولى من صباح 23-7-2005، وألا تخرج تفاصيل العملية عن محيط الأطراف المجتمعة. وهي نفسها الأطراف التي سوف تنفجر السيارات وهي بداخلها، وبالتالي تصبح العملية منتهية للأبد. وتضيف الوثيقة: "كما وجهنا المدعو محمد هاشم إلى ضرورة الوجود بمعداتهم جاهزة يوم 20-7-2005 في شرم الشيخ في مقر التجمع المجهز لاستقبالهم تحت تصرفنا وعيننا". ويؤكد التقرير الثاني، الخاص بالتكليف بشأن تفجير أملاك حسين سالم والمرفوع من المقدم حسين صلاح إلى وزير الداخلية السابق، أن مهمات العملية جاهزة من حيث العناصر البشرية والمهمات التقنية وأدوات التفجير، وأن هذه العناصر جاهزة في الموعد المحدد يوم احتفالات مصر بذكرى ثورة 23 يوليو. ويقول التقرير: "اجتمعنا اليوم في مقر تجمع العملية في شرم الشيخ بالمدعو محمد هاشم وأسامة محمود ورأفت مصيلحي وزياد عبدالرحيم واتفقنا على جميع بنود الخطة الموضوعة لتنفيذ التكليف 231 بتاريخ 9/1/2005 وقد راجعنا سويا الخطة وجميع الإجراءات المتعلقة، وأيضا تفقدنا السيارات الملغومة الثلاث، وتأكدنا من كل شيء، وتم التنبيه على جميع العناصر بعدم مغادرة محل التجمع المختار دون إخطارنا". وينتهي التقرير السري بالقول: "بهذا تصبح العملية جاهزة من حيث جميع العناصر البشرية والفنية وفي انتظار ساعة الصفر". أما التقرير الثالث، فقد حمل المفاجأة الكبيرة لوزير الداخلية ورئيس التنظيم، إذ أكد قائد التنظيم حسين صلاح أن العناصر الإسلامية قد "خانتهم وخدعتهم وبدلت مواقع التفجير واستهدفت مواقع أخرى غير أملاك حسين سالم". ويقول التقرير المرفوع إلى وزير الداخلية في 23 يوليو 2007 الساعة العاشرة صباحا: "تم صباح اليوم ساعة 1.15 صباحا تفجير ثلاثة مواقع في مدينة شرم الشيخ غير التي تم توجيه العناصر الإسلامية لتفجيرها". وقد استهدفت العناصر الإسلامية ثلاثة مواقع مختلفة وهي فندق غزالة غاردن والسوق القديم في شرم الشيخ وموقع الميكروباص قرب خليج نعمة، كما أن التفجير لم يكن انتحاريا وتم تنفيذه عن بعد، وفرت جميع العناصر البشرية. وجار ضبط الإسلاميين الهاربين لمحاسبتهم على هروبهم وعدم استهداف المواقع الموجهين إليها". التفجير الأول استهدف منطقة "البازار" أو السوق القديم في ساعات الصباح الأولى من الثالث والعشرين من يوليو عام 2005، حيث انفجرت سيارة مفخخة قرب السوق، مما أسفر عن مقتل 17 شخصا أكثرهم من المصريين. أما التفجير الثاني، فتم بواسطة قنبلة سبق تخبئتها في حقيبة ظهر وضعت بجوار فندق "موفنبيك"، وأسفرت فور انفجارها عن مقتل ستة سياح، بينما وقع التفجير الثالث بعدما انفجرت شاحنة مفخخة قادها سائقها إلى بهو فندق غزالة غاردن أوتيل وهو فندق 4 نجوم يتكون من 176 غرفة في منطقة خليج نعمة في المدينة ضمن مجموعة فنادق تطل على خليج نعمة تبعد نحو 6 كيلومترات عن وسط المدينة، وأسفر الهجوم على الفندق عن مقتل نحو 45 شخصا. وفور وقوع التفجيرات اعتقلت أجهزة الأمن عددا من المصريين بينهم بعض السكان المحليين من بدو سيناء، حيث اتهمت الحكومة بعضهم بتقديم تسهيلات لمن قاموا بالتفجيرات، كما قام محافظ جنوبسيناء ببناء سياج أسلاك عازلة خارج حدود المدينة لمنع التسلل إليها، لكن هذه الإجراءات قوبلت بالرفض وتمت إزالة السور في ما بعد.