أمام قائمة الأفلام قرب شباك التذاكر في صالة السينما، يتسمر مشاهدون، ويدققون في عنوان الفيلم "صيد السلمون في اليمن"،. وتتفاوت ردود الفعل لدى عشاق الأفلام قبيل اتخاذ قرارهم بمشاهدته، ويتساءل معظمهم" هل يوجد سلمون في اليمن؟". هذا السؤال يكاد يكون حاضراً في ذهن كل من يقف أمام عنوان الفيلم، فالفضول دافعهم في البداية، ووجود اسم اليمن في عنوان فيلم أجنبي يثير تساؤلات لدى بعضهم، حول ما اذا كان فيلما مسيئا للعرب. لكن وجود الفنان المصري عمرو واكد، أحد أبطال العمل، يخفف من وطأة هذا الشعور، ليقرروا اخيراً مشاهدة الفيلم الذي يتناول حكاية شاب يمني يطلق عليه في الفيلم اسم " الشيخ" يجسد دوره الممثل واكد، ويقرر تحويل هوسه بسمك السلمون الي مشروع في اليمن، خصوصا في منطقته الصحراوية، فيلتقي مع عالم بريطاني ليحقق له هذا الحلم، فتسمع الحكومة البريطانية بالمشروع، وتقرر مراقبته ودعمه، فحسب المسؤولة الحكومية في الفيلم "على أرض مملكة سبأ، من الصعب على المرء ان لا يؤمن بالمستحيل". الفيلم المأخوذ عن رواية للمؤلف بول توردي كتبها عام 2007م ، من بطولة إيميلي بلانت وإيوان ماكغريغور. وكريستين سكوت توماس وعمرو واكد، ومن اخراج لاس هالستروم. يحاول الفيلم أن يلفت الانتباه الى ان تحقيق الأحلام يبدأ من الخطوة الأولى في تنفيذها، واختيار السلمون نوعاً من السمك غير موجود في اليمن أساسا وليس موجوداً أيضا في منطقة "الشيخ " هو التحدي. لكن ايمان الشاب اليمني بقدرته على تحقيق هذا الحلم اثار العالم البريطاني. وبطريقة ذكية يوضح الفيلم ان السياسة اذا ما تدخلت في تحقيق حلم تتغير المعادلة كلها، فالاتفاق في البداية كان بين "الشيخ" والعالم البريطاني، لكن بما أن اليمني كان مراقبا، تم التنصت على حديثه مع البريطاني من قبل وزارة الداخلية البريطانية، ليكتشفوا أن الموضوع شخصي له علاقة بتوفير بيئة مائية ليعيش السلمون في اليمن. واختيار اليمن ليس مصادفة، في اشارة الي أن تحقيق الأحلام بات متاحاً في الوقت الحالي. وتذكر انه "حتى كندما حاولت السياسة البريطانية التدخل، اختلفت المعادلة، لكنها في النهاية عادت الى رحم المكان. وتقول منيرة محمد ( 36 عاما) بعد مشاهدتها الفيلم . "انا من اليمن، وشعرت بالفخر لارتباط تحقيق الحلم باليمن". الفيلم بكل مشاهده وسيناريو الحوار فيه، يضع المشاهد في جو من الخيال وكأنه يقرأ رواية ألف ليلة وليلة، هذا الشعور أزاح تفكير المشاهد تجاه البحث عن أي مشهد يسيء إلى العرب، لكن في الفيلم ظهر العربي بوصفه متحكما وفائق الذكاء في المشروع الغريب الذي قدمه الشاب اليمني. لفت حلم الشاب نظر الحكومة البريطانية، ورأى رئيس الوزراء البريطاني في الفكرة المجنونة مشروعاً ملهماً يقام في وسط منطقة مليئة بصراعات سياسية في المنطقة، فقرر أن يرسل المتحدثة باسم الحكومة إلى اليمن لمتابعة التجربة. يقول عاقل المولى (28 عاما) ان "الفيلم جميل جدا وفيه فكرة خلاقة، وتصحيح مفهوم مغلوط عن الشخصية العربية"، مؤكداً " لولا ربيع الثورات العربية لما تم انتاج هذا الفيلم على هذا الشكل"، موضحا ان الإساءة ليست موجودة للعربي، والشكل ليس مقززا كما السابق في العديد من الأفلام الأجنبية التي نقلت صورة نمطية مغلوطة عن العربي، أما فيلم "صيد السلمون في اليمن"0 فيصور العربي ذكيا وحالماً ومتحدياً لكل الظروف القاسية كي يصل الى السكينة، مانحاً الفيلم ثماني درجات. ووافقه الرأي حسام العلي ( 30 عاماً) الذي يقول "شعرت بأن صيت العربي الذي وصل الى العالم بتحديه الظلم ووقوفه أمام الصعاب لتحقيق الحلم، سيغير طريقة عرض صورة العربي في الأفلام الأجنبية الجديدة"، مشيراً الى ان الدليل في هذا الفيلم الذي وصفه بأنه " رائع لأنه نقل تماماً ما يدور في خلد الفرد العربي". ويضيف أن الشاب اليمني الذي يحلم بتحقيق مشروعه الصعب رفض التدخل الحكومي في تحقيق حلمه، كناية عن رفض الثورات العربية للتدخل الأجنبي، وفق العلي الذي منح الفيلم تسع درجات. وبدورها تقول سعاد علي ( 26 عاما) ان " الفيلم منصف بحق اليمن وبحق العرب، وأظهر الجانب الكوميدي في الشخصية العربية التي تحب الضحك وتحب السعادة والمرح" مانحة اياه العلامة التامة. الجو العام للفيلم مليء بالحب والرومانسية، حتى الحب يبدأ من حلم، والشخصية العربية في الفيلم تعرف تماماً كيف تظهر الأصالة والجمال في المنطقة حتى لو كانت صحراء، فهو قادر على تحويلها الى جنة خضراء، وجعل تحدي الشاب اليمني العالم كله يترقبه ويترقب صعوده ويصفق له.