ضمن فعالياته الثقافية الرمضانية ,أستضاف (ملتقى قوى الحداثة) في ساحة التغيير بصنعاء الرفيق/ معن دماج,وذلك يوم الثلاثاء السادس والعشرين من رمضان الموافق 14 أغسطس 2012م في منتدى جار الله عمر متحدثا عن ثورات الربيع العربي من وحي الثورة التونسية.[[فمعن دماج ,عايش الحدث عن قرب هناك في تونس , ولا شك أنه قد أختزن في ذاكرته الكثير والكثير عن هذا الحدث . كيف بدأ؟ وكيف حصلت المعجزة؟ سيحدثنا عن الثورة التونسية , عن الشباب التونسي الثائر.. عن أحلامه ,وتطلعاته.. كيف سارت الأمور؟ وكيف كانت التحديات والصعوبات؟ المسارات والتعرجات, النجاحات والإخفاقات ؟سيحدثنا إجمالاً عن ثورات الربيع العربي, والدور المطلوب اليوم . لقد بدأ الحدث بعفوية , هناك في تونس ومصر وليبيا , وهنا في اليمن ..ولكن الأهم الآن ,كيف يصل إلى نهاياته ويحقق أهدافه. انطلقت الثورات ,وهي مستمرة ,ولكن الآن كيف نعيها ؟ كيف ندركها ونلم بها؟ وكيف ننتج منظومة معرفية علمية متكاملة بشأنها ؟ وكيف نرسم لهذا الحدث الثوري خارطة طريق واضحة الملامح,مستوية ومعبدة؟ حتى لا يذهب الحلم ويفلت من بين أيدينا ..وحتى لا يضيع أو يتبدد كما تبددت أحلام كثيرة وكبيرة منقبل..] بهذه الكلمات التي استهل بها الأخ/عارف الشيباني هذه الفعالية –الأمسية - مقدماً ومرحباً ومحتفياً بالأستاذ/ معن دماج ,والذي بدأ حديثه بإعطاء صورة عامة عن الارهاصات الأولى التي سبقت ومهدت للحدث الثوري في تونس , والذي كان وبصورة أساسية ورئيسية نتيجة , ورداً على الخيارات الاقتصادية والاجتماعية للنظام التونسي الذي لم يعد يلبي طموحات الجماهير والطبقات الشعبية التونسية . وأراد (دماج) بذلك إعطاء الأسباب الحقيقية التي كانت تقف كمطالب جوهرية مهدت للثورة في تونس- وبالمثل للثورة في مصر واليمن- والتي كان الخطاب الإعلامي يحاول إخفاءها وتغييبها كأسباب حقيقية لخروج الشباب مطالبين بإسقاط النظام , وأشار( معن دماج) انه لإخفاء هذه الاسباب والتمويه عليها كان الاعلام يكرس في الاذهان واصفاً الثورة التونسية (بثورة الياسمين )وكذا ثورة مصر (بثورة اللوتس) محاولاً بذلك-اي الاعلام -إخفاء وتغييب الجذور والاسباب الحقيقية للثورات وإخفاء طابعها الطبقي المتمثل بالأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تقف وراءها والتي كانت المحرك الحقيقي لانطلاق شرارة الثورة التونسية . وفي هذا الصدد قال موضحاً: "نستطيع ان نقول ان الحركة الثورية في تونس التي من ميزتها الكبرى انها –ربما- اعادت طرح مسألة الثورة للمرة الأولى بعد ان كانت قد أسقطت من الادبيات السياسية والاجتماعية وبعد ان بدا ان الحديث عن الثورة كأنه موضوع خيالي ,وبعد ان تحولت في الوقع أغلب القوى الثورية والراديكالية الى قوى إصلاحية , وبعد ان (تلبرلت) اغلب قوى اليسار واليسار الماركسي وبدا وكأن النظام الليبرالي والنظام الرأسمالي هما الافق الوحيد للبشرية ,وان كل ماهو متاح وممكن هو اصلاحات ضمن الامر الواقع للنظام القائم.". وأضاف "ان تونس أعادت للخطاب وللواقع مفهوم الثورة وأعادت تكريسه ,بعد ان بدى للحظة من اللحظات انه قد تم اسقاطه من جداول الاعمال البشرية" .مشيرا ان "الحدث التونسي والتجاوب العربي الغير مسبوق والسريع له دلالاته الجيوسياسية كما ويدل على طبيعة التكوين الاصيل وعلى طبيعة المصلحة والوعي القومي السائد في المنطقة ,رغم كل الاعتقادات من ان المسألة القومية لم تعد مؤثرة " وتحدث في معرض محاضرته عن الدور الكبير الذي قام به "الاتحاد التونسي للشغل في تأطير الحركة الثورية ,حيث ان اغلب المظاهرات في الأساس قد بدأت في مقرات اتحاد (الشغل) ومن الساحة العامة التي تقع امام هذا الاتحاد". وتابع :"ان الثورة التونسية قد ارتكزت على قوى جديدة . جديدة بالمعنى الفكري وبالمعنى التنظيمي وبالمعنى السياسي .وبدا وكأن اغلب القوى و الحركات السياسية عجزت عن التنبؤ بالحركة الثورية وأظهرت فشل وعجز عن قراءة الحدث الثوري وبدت وكأنها تركض وراء الاحداث . وقال :"ان الحركة الثورية في المنطقة العربية أبانت وأوضحت طبيعة الاشكال التنظيمية للقوى الثورية في المنطقة العربية والمحسوبة على القوى الثورية وانها ظهرت كحركات إصلاحية وليست ثورية ",وأعاد ذلك معتبرا إياه انه "جزء من مأزق الحركة الثورية العربية التي هي في أزمة " وتعيشها حتى اليوم. واوضح قائلا :"انه لدينا حالة ثورية ولدينا انتفاضة شعبية ثورية , لكن الاطراف المعنية بتأطيرها وبقيادتها هي حركات إصلاحية , سواء الحركات الاسلامية والتي هي حركات تفكر داخل نفس النظام وتتبنى المشروع الاقتصادي والاجتماعي الرأسمالي مع مسحة أخلاقية ورغبة في إصلاح الافراد والمواطنين لا في إصلاح النظام العام". كذلك اعتبر الحركات الماركسية والاشتراكية هي في الواقع قد "اصبحت حركات إصلاحية ولم تعد تطرح مطالب ثورية بتغيير بنية المجتمع والبنية الاقتصادية والاجتماعية ." ووصف الحالة الثورية في المنطقة العربية بأنها متعثرة .لان قوى الهيمنة وقوى من أسماها: بقوى الشد الى الخلف وقوى السيطرة هي قوى منظمة تنظيم كوني , من صنعاء الى الرياض الى القاهرة الى تونس الى لندن الى نيويورك . بالمقابل فإن القوى الثورية لا تمتلك استراتيجية قومية واقليمية ودولية كما انها لا تمتلك تنظيم قومي واقليمي ودولي , بل ان التنظيمات الثورية هي تنظيمات محلية ما قبل وطنية موجودة في بؤر وفي مدن معينة وليست موجودة حتى على مستوي الكيان القطري أو على مستوى الكيان الوطني.. هذا وقد اثار الاستاذ /معن دماج اشكاليات عديدة للثورات العربية بشكل عام والثورة اليمنية بشكل خاص معتبرا تونس اشبه بالمخبر للثورة العربية رغم اختلاف الحالات والظروف والتاريخ الاجتماعي والتقاليد الثورية..