يحيا الإنسان في مدينة تعز وضعاً غير طبيعي, نتيجة الكارثة والمأساة الإنسانية, التي عملت على إيجادها الحرب المفتوحة والحصار الممنهج الذي تفرضه جماعة الحوثي وقوات صالح على المدينة منذ أكثر من 3 أشهر. وتعمل منظمات مجتمع مدني محلية من الواقع الميداني في تعز على نقل الصورة كاملة غير منقوصة, بعد صمت دولي مخز من قبل منظمات تابعة للأمم المتحدة, التي لم تحرك ساكناً حتى اللحظة على إنقاذ حياة طفل وامرأة وشيخ كبير في مدينة, كتب لها أن يمر الموت فيها فرادى وجماعياً.. خمس منظمات كشفت مؤخراً في تقرير عن حجم الكارثة التي تعيشها تعز, أرضاً وإنساناً في أتون حرب ترقى إلى جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب منظمة, وقد شمل التقرير فترة 15 أبريل 2015 إلى 20 يونيو 2015, وخرج بنتائج خطيرة حول الوضع العام للمدينة وأطلق عليها بالمدينة المنكوبة. وأوضحت المنظمات في تقريرها الوضع البيئي الذي أصبح لا يطاق نتيجة امتناع عمال النظافة وتوقف صندوق النظافة والتحسين فتكدست القمامة والنفايات في الشوارع، وكان لهذا آثار بالغة في انتشار البعوض الناقل للأمراض, وانتشار الأمراض والأوبئة الخطيرة منها الملاريا, التيفوئيد, الكوليرا, حمى الضنك كما انتشرت الإسهالات بشكل كبير بين أوساط الأطفال. وكشف التقرير عن حجم الحرب التي تتعرض لها المستشفيات والمرافق الصحية في المدينة, فقد تعرض بعضها إلى قصف بالدبابات وقذائف الهاون دمرت وعطلت الأقسام الهامة مثل قسم غسيل الكلى مما أدى إلى وفاة العديد من المرضى وتدهور حالات آخرين، ونتيجة للقصف أصيب بعض الأطباء والعاملين في المستشفيات بشظايا تلك القذائف. وتحدث التقرير عن مشكلة النازحين التي صارت لازمة لأبناء المدينة, الذين توزعوا في مدن ثانوية وأرياف المدينة, وظهرت العديد من المشاكل والأمراض التي لازمت النازحين وكان لها أثر بالغ وظاهر منها القلق والاضطرابات النفسية لدى الجميع ومن مختلف الفئات العمرية, والخوف لدى الأطفال, وعدم الاستقرار المعيشي لدى النازحين. ودعا التقرير إلى الاحتياجات الإنسانية الملحة لتعز وإلى ضرورة إعادة فتح المستشفيات والمراكز الطبية وتوفير حماية لها من أعمال القصف. منها توفير الدواء والمعدات الطبية اللازمة وبشكل عاجل. وتوفير مياه صالحة للشرب لسكان المدينة والتجمعات الإيوائية للنازحين. والسماح بتدفق المواد الغذائية وحليب الأطفال الى المحافظة وبشكل عاجل. وإعادة الكهرباء للمدينة. وتوفير فرق نظافة لرفع المخلفات وفرق رش لرش أماكن تواجد البعوض. وكذلك توفير مواد إيوائية للنازحين في مناطق النزوح. ودعا التقرير المجتمع الدولي إلى وقف الحرب في هذه المدينة المنكوبة إنسانياً بكل ما للكلمة من أقاصي معنى المأساة, داعياً إلى إخراج قوات صالح وميليشيات الحوثي من محافظة تعز المتسببة بالحرب والدمار، وتشكيل فرقة عسكرية من أفراد الأمن والجيش والمتقاعدين العسكريين الذين لم يشاركوا بالعدوان على المحافظة توكل لهم الصفة الرسمية ليتولوا حفظ الأمن في المحافظة. وشدد التقرير في مطالبة مجلس حقوق الإنسان في الأممالمتحدة لعقد جلسة عاجلة وإدانة الحرب وتشكيل فريق دولي للتحقيق في الجرائم المرتكبة بحق المدنيين, إضافة إلى توفير منفذ بحري وآخر جوي لضمان تقديم المساعدات والإغاثة الإنسانية. وأكد في الختام مطالبته هيئة الأممالمتحدة ومجلس حقوق الانسان إلزام جماعتي صالح والحوثي احترام حقوق المدنيين أثناء الحرب وعدم التعرض للإعلاميين ووسائل الإعلام والمستشفيات وجميع المنشآت التي ليس لها علاقة بالحرب وعدم استخدام المدنيين دروعاً بشرية, إضافة إلى إلزام السلطة المحلية القيام بواجباتها كافة، خصوصاً ضمان إمدادات المياه والوقود والكهرباء وخدمات النقل وعدم استخدامها كمواقع عسكرية حتى لا تستهدف من قبل الطيران السعودي الذي يتخذ ذلك ذريعة لاستهدافها.