الصُبيحي يؤكد إلتزام الحكومة بدعم اللاجئين عبر شراكة إنسانية وإنمائية شاملة    الكشف عن موعد صرف اعاشة ابناء الشهداء المدنيين    الاعلام الحربي يوزع مشاهد استهداف واغراق السفينة (ETERNITY C) .. فيديو + صور    هيئة الإغاثة تناقش تطوير آليات الاستجابة الإنسانية وتحسين كفاءة العمل الميداني    الوحدة اليمنية: حلم الجنوبيين وكابوسهم    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة العميد محمد صالح حويدر    جامعة صنعاء تتسلّم مبنى الأطراف من الصليب الأحمر    الداخلية تستدعي 30 شخصا من اصحاب محلات الزينة بصنعاء    فريق من مجلس المستشارين بالمجلس الانتقالي يلتقي مدير عام مؤسسة كهرباء العاصمة عدن    المرتزقة يعتقلون المهندس هشام شرف بعدن    انباء عن غرق سفينة اخرى في البحر الأحمر وإنقاذ أفراد طاقمها    قطع الماء والكهرباء والرواتب عن سكان عدن يهدد حياتهم بالفناء (تقرير)    حضرموت.. شرارة الثورة الجنوبية ومصدر استعادة الدولة    إيقاف وزير خارجية الحوثي السابق بمطار عدن خلال محاولته مغادرة البلاد    وزير الصحة الإيراني: استشهاد 700 مدني جرّاء العدوان الصهيوني    وقفة احتجاجية لمعلمي شبوة للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية والوظيفية    الدولار في عدن يقفز الى 2805 ريال    وكيل العاصمة عدن ومدير دار سعد يناقشان مستوى إنجاز المشاريع بالمديرية    القبض على وزير حوثي سابق بمطار عدن أثناء محاولته مغادرة اليمن    الهجرة الدولية تعلن ارتفاع عدد النازحين داخليًا في اليمن    عبر تسجيلات مسربة ..ترامب يهدد بقصف موسكو وبكين    اجتماع بصنعاء يناقش آليات التنسيق بين هيئتي المواصفات والأدوية    لقاء في الحديدة يؤكد انسحاب المنظمات قرار سياسي لا علاقة له بالعمل الإنساني    قاع البون في عمران مهدد بكارثة بيئية وزراعية    السقاف يزور التربوي القدير زكي مسعد ويشيد بعطائه الريادي    كم جنى تشيلسي بعد تأهله إلى نهائي كأس العالم للأندية؟    "حيا بكم يا عيال البرتقالة"    نتنياهو: إسرائيل تتكبد خسائر في غزة والضغط العسكري هو السبيل والفرصة متاحة لتوسيع التطبيع    التجربة الأولى.. نجل أنشيلوتي يقود بوتافوجو    الإثنين.. الاتحاد يغادر.. وشراحيلي يدخل برنامجا خاصا    المرة الأولى.. فريتز يبلغ نصف نهائي ويمبلدون    فتّش عن البلاستيك في طعامك ومنزلك.. جزيئات خفية وراء 356 ألف وفاة بأمراض القلب سنويًا    ديمبيلي أمام فرصة لتتويج موسم استثنائي يقوده للكرة الذهبية    علماء يحلون لغز جمجمة "الطفل الغريب"    إنريكي يستقر على توليفة باريس لقهر الريال    حارس ميسي يوقع عقدا ب15 مليون دولار لمواجهة لوغان بول    خبير: البشرية على وشك إنتاج دم صناعي    العلاج بالحجامة.. ما بين العلم والطب والدين    ضابط استخبارات بريطاني سابق يكشف صناعة الغرب ل"داعش"    سلطة حضرموت ترد على نائب البركان.. رجال الدولة لا يستقون معلوماتهم من الإشاعات    هم شهود زور على انهيار وطن    تغاريد حرة .. سيحدث ولو بعد حين    السقلدي يكشف عن القوى التي تسيطر على المهرة واسباب الحضور الباهت للانتقالي    ولادة على خط النار    (دليل السراة) توثيق جديد للفن والأدب اليمني    صنعاء .. الاعلام الحربي ينشر تسجيل مرئي للسفينة "ماجيك سير" من الاستهداف إلى الغرق    مايضير أوينفع الشاة بعد ذبحها    - وفاة عميد المخترعين اليمنيين المهندس محمد العفيفي صاحب الأوتوكيو ومخترع ال 31 ابتكارا    اكتشاف مدينة مفقودة في بيرو عاصرت حضارات مصر القديمة وبلاد الرافدين    الخبير المعالج الصلوي: الطب الشعبي مكملاً للطب العام ، في عدة مجالات    الفصل الخامس    بعد ليزا نيلسون.. فنان فرنسي يتهم مها الصغير ب"سرقة" لوحاته    مدرب الناشئين:سنتيح الفرصة لاستكشاف المواهب على امتداد خارطة الوطن    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    لا يحق لإمام المسجد رفض أمر ولي أمر المسلمين بعزله من الامامة    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعر باب ثالث لبلد باحث عن سعادته !! (22)


غنائيات الثمانينيين الشاهقة
لم يصل بعض شبان الشعراء الذين تداركوا قليلا من صهيل خيل السبعينات الجامح الى عقد الثمانينيات الا وقد كانت تجاربهم الشعرية اكثر اكتمالا ونضجا واستبصارا لماهيتها الرؤيوية والحديث سيتركز على الشعراء محمد حسين هيثم وجنيد محمد الجنيد ومبارك سالمين ونجيب مقبل، اللذين سيشقون بكثير من المكابدة والتعب طرقهم الخاصة التي تخلصت من اعتلالات الشكل وسقم الغنائيات ،التي وقع في اشراكها عديد شعراء من اقرانهم الزمنيين، لانهم كانوا اكثر اخلاصا لموضوع الكتابة المتخلصة من سطوة البيت وتفاعيل الوزن.
وفي نصفه الثاني ستتشكل موجة ثمانينية لافتة من شعراء مغامرين ، سيشكلون بدورهم لحظة تجسير واضحة مع لاحقيهم التسعينيين ،ومن الاسماء التي برزت حينها احمد العواضي وحسن عبد الوارث ونبيل السروري وجمال الرموش وعلي المقري واللافت حضور شاعرة واحدة اكثر اقناعا بصوتها المكتمل وهي "نبيلة الزبير" صاحبة " ثمة بحر يعاودني".
ما ميز صوت هذا الجيل الشعري هو اندياحة الغنائي الباذخ الذي التقط من "محمود درويش" ما بعد بيروت 82 ايقاعه التصويري الشاهق ومن "سعدي يوسف" كثافته البلاغية المخاتلة، في منجزات فردية ظلت تعمل طويلا في مساق الشعرية الجديدة.
التسعينيون الحلم والانكسار
مع مطلع التسعينيات كان اليمن كجغرافية قد دخل منعطفا تاريخيا جديدا باندماج الشطرين في دولة واحدة، استولد حلما فارطا في راس كل شخص عاش هذا الحدث ،الذي كان حتى قبل اشهر من تحقيقه بعيد المنال. وكان للشعراء الشبان مغامراتهم الاكثر جرأة في التماهي مع هذه اللحظة الفارقة ، لهذا صار الحديث عن كسر تابوهات الشكل واصنام الابوة ويقين السطوة، اهم ادوات هذه المغامرة، حتى وهي تعبِّر عن وجودها باضطراب بائن.
ووجدوا في الحدث مساحة لمعاينة السؤال الوجودي .... من نحن وماذا نريد؟! ومع هذا السؤال استطال مفهوم التجييل ، الذي تحول في القراءات النقدية الى مجهر معاينة لخصوصية هذا الصوت باندفاعه الحالم ،وتاليا بارتطاماته الدامية في الصخور الصلدة للواقع العاري ،الذي تحول في ظرف اعوام ثلاثة الى حفرة امتصاصية ابتلعت كل شيء !!.
وحده الشعر ظل يستنهض حلما من ركام السياسة. فالانفجار الشعري التسعيني لم يكن فقط في التطييف اللوني للأسماء ولا في تعدد مرجعيات هذه التجارب الطرية ، وانما في تحول الكتابة ذاتها الى هجاء للسياسة، التي من شدة سيولتها لم تعد تغري في تمثلها الكثير منهم ،كما كان الحال عند من سبقوهم من آباء الشعر منذ الثلاثينيات . فمتلازمة المثقف المناضل والشاعر السياسي ، التي حكمت حضور اهم الاسماء الشعرية طيلة الفترات السابقة لهذا العقد تلاشت مع هذا الجيل بسبب سقوط اليقينيات الكبرى. وبدلا عن شاعرة واحدة يتيمة في عقد الثمانينيات ستتظهر في التسعينيات العديد من الشاعرات اللواتي انحزن للكتابة الجديدة.
غيران اللافت في تجارب هذا الجيل الشعرية هي تلك المتجاورات القاتلة لأشكال الكتابة، اذ سيلحظ متفحص الخارطة الشعرية ان شعراء النثر حضروا جنبا الى جنب مع كتاب القصيدة الوزنية ،الذين لم يبتعدوا بخطوات واسعة عن كتاب العمود من اقرانهم، ومرد ذلك حسب ظني الى الاربكات الشديدة في وعي منتجي النصوص، التي ضاعفت من ترددهم في حسم مسالة الشكل ، لان هشاشة الحوامل المعرفية بتمثلاتها القرائية بدرجة رئيسية عند اكثرهم صنعت هذا الاضطراب. الان وبعد قرابة عقدين من الزمن يصعب كثيرا حصر هذه الاسماء او حتى الاشارة الى بعضهم التي بدورها ستغفل الكثير من الاسماء التي يصعب تجاهلها في الاصل. فعندما انجز في 2000 الشاعر والناقد عبدالودود سيف الجزء الاول من ديوان الشعر اليمني والمكرَّس لشعراء التسعينات ضمَّنه مختارات نصيَّة لأكثر من ستين شاعر وشاعرة محسوبين على هذا الجيل، دون ان يتلافى، رغم جهده الخارق ، غياب بعض اسماء حسبوا على الجيل ذاته.
الالفيون وارتدادات الموجة التسعينية
ارتدادات موجة التسعينيات الشعرية ستجرف معها جزءً كبيراً من اصوات الشعراء، الذين شكلت سنوات اواخر القرن حواضنهم الاولى ، وستجرف معها في ذات الوقت الجزء الاصيل من ذات الاضطراب ، غير ان حسومات الشكل ستسطع هنا لصالح قصيدة النثر الاكثر وعيا بصنيعتها ، والتي ، بفعل الفضاء المفتوح ومغريات التقانة ، ستتجاوز الكثير من عثرات التوصيل التي عاني منها الشعر في اليمن طويلاً، وقد شكل ملتقى صنعاء الاول للشعراء الشبان العرب في عام 2004 ،على سبيل المثال، لحظة قطيعة واضحة ، ليس فقط مع التكريس الرسمي للشعراء ، وانما بالقبول بالقصيدة الجديدة "قصيدة النثر" كصوت للشعر المستولد خارج التابو والابوة، التي رعتها كصيغ وقوالب ولسنوات طويلة المؤسسة الرسمية.
مثل هذه الجرعة المعنوية الكبيرة التي ترافقت مع اجتهادات نقدية تبشيرية بهذا الصوت، جعلت هذا الشكل يتعزز كقناعات للكتابة عند عديد شعراء ،لم يكونوا قد حسموا امر انحيازهم في السنوات السابقة. وستشكل نصوص الهامش ومتجاورات السرد الشعري ورسم الوجوه وتعيينات المكان مشغلات للكتابة الاكثر استبصارا بماهيتها وإراداتها، بواسطة شعراء صاروا اكثر احساساً بزمنهم المفتوح على الجهات الاربع.
اخيرا
مثلما أسمَع شعراء الإحياء الاوائل صرير الظلفة الاولى للباب الصدئ المغلق ، وفتح شعراء التجديد في الخمسينات كوة صغيرة فيه لمرور بعض الضوء ، وفتحت يد الستينيين الخشنة درفتيه الثقيلتين، وخرج منه السبعينيون الى العالم بكل ضجيجهم ،وغنى الثمانينيون على مصطبته طويلا ، وفي ساحته المتقدمة تبلبلت طويلا اصوات التسعينيين ، ها هم الالفييون يطرقونه من جديد، وقد صاروا شهودا حقيقين على الثلمة القاسية للحرب، التي غدت تطبِّع وعيهم بقصيدة الدم الطويلة، كما تفعل قصائد قيس عبد المغني وجلال الاحمدي واقرانهما من الالفيين.
المصدر: صفحة الكاتب في فيسبوك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.