كتب عبد الكريم الرازحي تعتبر قبيلة بني خطفان أول قبيلة رحبت بالديمقراطية والعلنية والشفافية. وفي ظل الديمقراطية والعلنية والشفافية راحت قبيلة بني خطفان تمارس الخطف علنا، وتخطف الأجانب والسياح نهارا جهارا وبشفافية. ومقابل حرية التعبير في المجتمع المدني شاعت حرية الخطف في المجتمع القبلي. مقابل الرأي والرأي الآخر في الصحافة مارست القبيلة الخطف والخطف الآخر بحرية مطلقة، وبدون رقابةٍ مسبقةٍ أو لاحقة. والفضل في ذلك يعود إلى قبيلة بني خطفان الباسلة التي استبسلت في رفع سقف حرية القبيلة وناضلت من أجل إلغاء الرقابة على عمليات الاختطاف وقالت: لا للرقابة المسبقة لا للرقابة اللاحقة .. لا للملاحقة .. وبعد هذه "اللالات" الثلاث كفت الدولة عن مراقبة عمليات الخطف، وتوقفت عن انتهاك حرية الاختطاف، وعن مضايقة وملاحقة الخاطفين، وعن التدخل في الشئون الداخلية للقبيلة. وحتى عندما كانت تتدخل للإفراج عن مخطوفين لا تتدخل باعتبارها دولة ولها سلطة وإنما تتدخل كوسيط بين طرفين: بين الدولة التي ينتمي إليها المخطوفون وبين الخاطفين من بني خطفان. وبالمناسبة قبيلة بني خطفان لم تشتهر إلا في عهد الديمقراطية عندما راحت تكشف عن مواهبها وتمارس حرية الاختطاف. عندها فقط حدث أن لمع وسطع نجمها وذاع صيتها وتجاوزت شهرتها المحلية إلى العالمية. والذين يذهبون إلى أمريكا وإلى فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، هولندا وغيرها من دول العالم يعرفون مدى شهرة قبيلة بني خطفان. فالمواطن الأوروبي العادي -على سبيل المثال- لم يسمع باليمن ولا يعرف إن كانت تقع في قارة افريقيا أم في أمريكا اللاتينية لكن المفاجأة هي أن المواطن الذي يجهل كل شيء عن بلدك يعرف الكثير عن قبيلة بني خطفان ولديه معلومات غزيرة لا تعرفها أنت. وسوف تفاجأ أكثر عندما يحدثك عن وجود سفارة لبلده في بني خطفان وعن الدور الذي تقوم به السفارة في إطلاق سراح المخطوفين. وحقيقة فقد كنت من أشد المعجبين بقبيلة بني خطفان، وكان يتملكني إحساس بالزهو والفخر كلما تناهى إلى سمعي أن هذه القبيلة الكبيرة الشجاعة الباسلة قد خطفت سائحة فرنسية أو عجوزا ألمانية. وكنت بعد كل عملية اختطاف أزداد فخرا بها وزهوا. وأقول بيني ونفسي: من حق قبيلة بني خطفان أن تخطف عجوزا سائحة، وتقرأ عليها الفاتحة، وتفوز بصفقة رابحة طالما لديها القوة والشجاعة والبسالة والشهامة والنخوة والمروءة والرجولة ولديها الحرية الكاملة والمطلقة. وعندما كان البعض يلومني على هذا الحماس وعلى هذا الانحياز الكامل إلى جانب الخاطفين كنت أرد عليهم قائلا: وراء كل سائح دولة، ووراء هؤلاء السياح الذين تختطفهم قبيلة بني خطفان دول عظمى فلماذا نقلق عليهم؟ دولهم سوف تطالب بهم وسوف تتدخل لدى قبيلة بني خطفان لإطلاق سراحهم وهذا ما كان يحدث. تختطف سائحة ألماينة وتقف ألمانيا بكل فلاسفتها وعظمائها خلف السائحة الألمانية. تختطف عجوز فرنسية وتقف فرنسا بكل تاريخها وعظمتها وثقافتها وراء عجوزها المختطفة. وفي كل عمليات الاختطاف كان من حقي أن أفخر بقبيلة بني خطفان التي تقف في مواجهة دول عظمى راس براس. لكن الأمر تغير عندما أقدمت قبيلة بني خطفان القوية الشجاعة الباسلة على خطف طفل يتيم من مدرسته. وعندما تناهى إلى سمعي أن قبيلة بني خطفان خطفت الطفل علي محمد عبدالله العديني. شعرت بالخزي والخجل وقلت -وقد تملكني إحساس عارم بالألم والغضب- يا لهم من جبناء! كيف تقدم قبيلة بهذه القوة والشجاعة والبسالة على خطف طفل وهي تعرف أنه يتيم الأب والدولة وليس هناك من سيطالب به ويتدخل للإفراج عنه! وفيما رحت أجهش بالأسى على الطفل اليتيم الذي خطفته بني خطفان من مدرسته قبل العيد توصلت إلى حقيقة مريعة وهي أن القبيلة والدولة في اليمن بلغتا أعلى مراتب الضعف وأرقى أشكال الانحطاط.