"حنتوس" علوَّ في الحياة وفي الممات    سريع: تصدينا لجزء كبير من تشكيلات الهجوم الاسرائيلي    صدى كربلاء    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (3)    خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية (الحلقة رقم 45)    غارات تستهدف الحديدة والاعلام الاسرائيلي يتحدث عن عدد الصواريخ المستخدمة ونوعها    الجيش الإسرائيلي يعلن انطلاق عملية "الراية السوداء" في اليمن ويشن غارات على الحديدة    ارتفاع حصيلة الفيضانات في تكساس وترامب يعلنها «منطقة كوارث»    بعد 27 عاما من الفراق.. "الجواهرجي" يجمع محمد هنيدي ومنى زكي    بعد 27 عاما من الفراق.. "الجواهرجي" يجمع محمد هنيدي ومنى زكي    من يومياتي في أمريكا .. عذاب القبر في أمريكا    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    بمشاركة عدد كبير من الأطباء من الداخل والخارج .. تحضيرات لعقد المؤتمر الطبي السابع لطب الأسنان    منظمة ترصد اختطاف 51 مدنياً في إب خلال الشهر الماضي    هروب 20 ألف صهيوني منذ بداية "طوفان الأقصى"    آلاف المتظاهرين في باريس يطالبون بوقف الإبادة في غزة    وصف الكيان الصهيوني بالمستعمر الهمجي الذي يقتات على أشلاء الأبرياء    قادمة من صنعاء.. إحباط محاولة تهريب أكثر من 13 ألف قرص كبتاجون عبر منفذ الوديعة    ميسي يستعيد تألقه مع إنتر ميامي في الدوري الأمريكي    الحكومة تقول إنها أقرت حزمة معالجات عاجلة لأزمة الكهرباء    خلال فعالية اليوم العالمي للعمل التعاوني التي نظمتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل..    إصلاح أبين ينعى الشيخ عبد الله بن علي مشدود أحد مؤسسيه: قامة دعوية وتربوية    هيئة بريطانية: تبادل إطلاق نار بين سفينة ومسلحين قبالة سواحل الحديدة    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عدوك الحقيقي    استعرض تنفيذ خطة الطوارئ وتقارير المتابعة.. اجتماع برئاسة وزير الصحة يناقش خطة الوزارة للعام 1447ه    بذكرى 7/7.. الدكتور الخبجي: 7 يوليو كان يوما اسودا واحتلال يمني شمالي مكتمل الاركان للجنوب    الإخوان في اليمن.. مشروع فوضى وإرهاب يرتدي عباءة الشرعية    لا يحق لإمام المسجد رفض أمر ولي أمر المسلمين بعزله من الامامة    مرض الفشل الكلوي (11)    حمى يا بابا... ويل للملاعين من عذاب طفل حرمه الخوف من الظلام وشدة الحر من النوم    تعز: شرطة مديرية ماوية تلقي القبض على متهم بالقتل    دراما اللحظات الأخيرة.. الريال يعبر دورتموند ويصطدم بسان جيرمان    22 يوليو انطلاق المؤتمر الطبي السابع لطب الانسنان في جامعة سبأ    وزير الشؤون الاجتماعية يدشن ورشة تنسيقية لمشروع توزيع 600 الف سلة غذائية    بتمويل من دولة الإمارات العربية المتحدة.. الزهري والسقاف يطلعان على سير الأعمال الإنشائية بمشروع بناء المستشفى الحديث بخور مكسر    مليار و849 مليون ريال فائض الميزان التجاري لسلطنة عُمان    وزير الشباب يُدشِّن المرحلة ال4 من دورات "طوفان الأقصى" لموظفي الوزارة والجهات التابعة    نار الأسعار بعدن تجبر المواطنين على ترك وجبة شعبية شهيرة    اختتام ناجح لفعاليات الدورة الآسيوية (C) لمدرّبي كرة القدم بساحل حضرموت    بولينج عدن يُكرم الخليفي بمناسبة فوزه برئاسة الاتحاد العربي للسباحة والألعاب المائية    ريال مدريد يتصدر قائمة أرباح مونديال الأندية    مدير عام المنصورة يدشن أعمال فرش الطبقة الأسفلتية بمشروع إعادة تأهيل شارع الخمسين    من الظلام إلى النور.. #الإمارات تقود شبوة نحو فجر تنموي جديد    موسيالا سيغيب عن الملاعب 5 أشهر بسبب الإصابة    بالفوز ال 100.. ديكوفيتش يواصل رحلة ويمبلدون    مواطن يسلم وزارة الثقافة قطعة أثرية نادرة    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    مسئول حضرمي يرفع دعوى قضائية على فرقة مسرحية لتطرقها للمعيشة المتدهورة    عدن على وشك الانفجار .. دعوات لثورة ضد الفساد    ابين .. قبليون يحتجزون مقطورات وصهاريج وقود ومخاوف من ازمة غاز في عدن    انتقالي غيل باوزير يبحث سبل تحسين القطاع الصحي بالمديرية خلال لقاء موسّع بالجهات المختصة    وفاة شابين في حادثتي غرق واختناق بعدن    انطلاق أعمال لجنة تحكيم مسابقة "أمير الشعراء" في عدن برعاية إماراتية    ساير الوضع    ساير الوضع    وفاة أسترالي نتيجة الإصابة بفيروس خفافيش نادر وغير قابل للعلاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن صوت دافئ واحد وخريطة من الشعراء

لا يذكر اسم د سلطان الصريمي كشاعر غنائي كبير الا ويذكر معه الفنان المختلف عبد الباسط عبسي، الذي شكل معه ثنائيا فريدا ابتداء من أغنية "واعمتي منو شقول لمسعود" ، التي ظهرت مُغنَّاة أول مرة في مدينة الحديدة اوائل سبعينيات القرن الماضي" 1972" ، فصارت وقتها إنجيلاً للنساء في القرى اللواتي عانين من قسوة فراق الأزواج بسبب الهجرة والاغتراب، التي كانت حينها واحدة من تعيينات المعضلة الاجتماعية مع متلازمة الفقر، الذي يقود الى الهجرة القاسية، والتي قد تكون سببا في اختفاء الأزواج ، الذي يتحول مع الوقت الى شقاء مضاعف في حياة الزوجات الشابات ، فلا يمتلكن من جرائها سوى الشكوى المريرة التي تختصرها هذه الأغنية ، التي تتوجه بها الزوجة للعمَّة.
وطوال تاريخ التعاون الفني الطويل بينهما أنتج الاثنان عشرات الأغاني التي كتبت وتغنت بالطبيعة والإنسان بصوت عبد الباسط الدافئ والمعبِّر في آن ، ومن أكثرها انتشارا أغنية "يا ورود نيسان يا شذى حبي" وأغنية "يا خضبان وردك جماله ثاني " وأغنية " باكر ذري " وأغنية "يا نور أحلامي " وأغنية "عروق الورد مستني رعودك" وأغنية "متى وراعيه شمطر وأغنية "حنين الأرض يا سلمى" وأغنية " يا هاجسي " وغيرها و غيرها الكثير.
(يا ورود نيسان يا شَذى حُبي / ريم من ظمران قد سبى لُبي / واعتلى الفتان عرش في قلبي / ليتني جنبه انتشي والعب / من صفا حبه ارتوي واشرب/ اغتنم قربه ليتني يارب / من فراق الخِل اقتلي واذوب يانسيم عَجِّل شُل للمحبوب/ فُل من باجِل والجواب مطلوب / البُعاد يُبري أضلع العشاق /آه لو يدري كم أنا مشتاق/ دمعتي تجري ترسل الأشواق / منتظر للخير والبلاد ساقي / والمطر يُندي لحنِ أشواقي/ منيتي يا ريم يوم نتلاقي )
وهي أغان "كما تدل عليها العناوين" تستلهم من الطبيعة والأرض والجمال موضوعاتها الفنية، وتعبِّر عنها بألحان عذبة بسيطة ، كما هي الطبيعة البسيطة والجميلة التي جاءا منها (الفنان والشاعر)، وقبل ذلك تعبِّر عن صدق انتما الشاعر والفنان للأرض والانسان ، حين يتجلى احدهما كفلاح او عاشق او حالم كبير.
ومادام الحديث عن تجربة الفنان عبد الباسط عبسي الفنية الكبيرة والثرية ،لابد من التوقف هنا أيضا عند إسهام واحد من أساطين الشعر الغنائي الكبار في اليمن ، الذين اسسوا لهذا الصوت ومدوه بالعافية منذ التكوين الباكر قبل نصف قرن ، ونعني هنا الراحل الكبير محمد عبد الباري الفتيح ،الذي أنتج مع باسط العديد من الأغاني ذات الاستثناء المهم في تاريخ الأغنية بخصوصيتها الثقافية لمحافظة تعز. فمن منا لم يستمع الى أغنية "الليل وا بلبل دنا" ولم يطرب ، أو استمع إلى أغنية " واقمري غرد" ولم تأخذه النشوة بعيدا ، أو استمع الى" ما أمر الرحيل " و" اينه شتسافر واعندليب " و" الليلة من ألف ليلة " و " يا طير يللي " و" لا أين يا رجال " دون أن يحس أن أقدامه تغوص في أديم الارض ، وتمتلئ رئتيه برائحة ترابها وزروعها.
(واقمري غرد ما عليك من هم / خلك معاك وانته بقربه تنعم / مش مثلي اتجرع كؤوس عقلم / سقيم بحالي بس ربي يعلم / اشكي بعاد خلي ايحين شاشوفه / لمن ترك وردة خيار قطوفه / صباح مساء احلم ولو بطيفه / ياقمري والخل ماذكر اليفه)
للفضول عبدالله عبد الوهاب نعمان مجموعة من النصوص الغنائية ، التي تحولت بصوت باسط الى طبق من الفاكهة اللذيذ في مائدته الغنية الدسمة ، ومنها أغنيات "من الضحى حتى دنوِّ الأصيل" و" من مبسم الفجر" و" طعْمهْ قُبَلْ" و" يا حبّي يا ارضي ويا سمائي" و"هاتوا لقلبي كل طل الصباح" و" برْدانْ.. برْدانْ.. أين الحب يدفيني" و" حسنك لعب بالعقول" و" يا حبي يا أرضي "
(حسنك لعب بالعقول /وانا مرَوِّحْ ضحيه /عنَّك حديثي يطول /فاسمع حديثي شويه / شلت ترابي السيول / وراح زرعي عشيه/ وأنا معك في ذهول/ أمشي على حسن نيه /مدريش ماذا تقول/ عيونك البابليه/ وأسمع رنين الحجول/ مثل الأغاني الشجيه /وحليتك عقد لول /وقامتك يافعيه /وتحت نحرك حمول / فواكهه مستويه/ تبقى بكل الفصول /ملآن صدرك طريه/ هات الشهود العدول/ شاقول آخر وصيِّه /شاموت ساكت خجول/ وافوت من غير ديَّه)
ولغير هذه القامات الكبيرة غنى لقامات سامقة ورائدة ايضا مثل الشاعر احمد الجابري الذي غنى له رائعته " أشتي أسافر بلاد ما تعرف الا الحب"
(أشتي أسافر بلاد ما تعرف إلا الحب / العيش فيها وداد والبُعد فيها قرب /اينا شا لإقي بلاد ما تعرف إلا الحب / ليل المُفارق طويل ويا تعب حالي / لو قلت شاشكي لمن من كيد عُذالي/ يا عين كُفي الدموع/ ما للضنا ومالي / اشتي أسافر أنا ...اشتي أسافر.
وللراحل عثمان أبو ماهر غنى رائعته " ماشتيش دنيا قافره بلا حب" ، والشاعر الراحل عبدالله غدوه الذي غنى له باللون التهامي أغنية " ياليت كان محبوبي" و الشاعر عبده علي ياقوت (الذبحاني) "لمه لمه" والشاعر عبد الرب المقطري " ساجي العيون" و "مظلوم معك " ولمحمد المقطري غنى "امرُّ الكؤوس" ، غنى لعبد التواب سيف ايضا " بخطرته قبالي، و انا بمايو صنعت اغلى عيد" .غنى للصديق الفنان عبد الفتاح عبد الولي رائعته " طائر الدان" التي قال عنها الصديق جلال احمد علي (تأخذني إلى عوالم التحليق في أعالي السماء وتهز روحي هزوز)
من كلمات أحمد الصميد غنى "وا جلوبة" ، ومن كلمات عبدالله الكباري غنى" أنا اليمني" ،ومن كلمات سالم بازغة غنى " ياويلك ياهاجري" ، ومن كلمات علي عبد الرحمن البجيري " من نظره ملكت الفؤاد" ، ومن كلمات جبران شمسان " امانتك ياذا الحبيب" ،
غنى للصديق محمد عبد القوي ناشر رائعته " سيل الحب"، وللصديق الشاعر الحارث ابن الفضل غنى "شقيق البدر" و " "يسعد مساكن ". لآخرين كُثر ايضا غنى، امثال الشعراء علي الحزمي وصفوان المشولي وعبده حمود الرجاني وعبد الحكيم الصبري وسمر الرميمة وبشير المعمري وعاطف المردني عبد الهادي الاثوري وحمد عبد القادر قرشي، وللعماني سعيد ابو عبد الحكيم.
ولشعراء آخرين لحن عديد نصوص لكنها لم تسجل حتى الآن ومنهم " أحمد سالم البيض، علي عبد الرحمن جحاف، ناصر مبخوت الخولاني ، ونجيب منصور الصلوي، وصفوان القباطي" وللاخير قام بتلحين نصوص شعبية ، وفي اكثر من جزء تحت مسمى " مهاجل الخير"
لهذا يمكننا القول وبكل اطمئنان إن الناظر لتنوع الشعراء الذين كتبوا لباسط نصوصا غنائية بتمظهرات جغرافية وأسلوبية وجيلية وثقافية أيضاً، صارت نصوصهم بحنجرة الفنان الدافئة نصا طويلاً واحداً يعيد صياغة السيرة الحنونة لأمنا الأرض " اليمن" وانسانها " الفلاح والعاشق والمهاجر والحالم".
وما يمكن الإشارة إليه هنا أن عبد الباسط عبسي كتجربة غنائية رائدة اضافت للون التعزي في الغناء الشعبي وبخصوصيه "الحُجرية" الشيئي الكثير، لتصير في سياق التوصيف الدرسي، وليس التعيين المناطقي ، اضافة للتنوع الفلكلوري الذي تزخر به اليمن، وهو ،كفنان مجتهد ومثقف، أكثر قربا في مقاربة المشكلة الاجتماعية مثل الهجرة والفقر وغلاء المهور، والأكثر تشخيصا لحال الفلاح والراعية بوصفيهما مرموزا لثنائية الأرض والانسان، وما يرتبط بحالهما من مواسم الزراعة والمطر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.