عادت المسألة الاشتراكية خصوصاً العدالة الاجتماعية منها تلح في الحضور لدى السياسيين اليمنيين في ظل الأوضاع الاجتماعية البائسة التي تعيشها البلاد ويتخذ الفقر عنوانها الأبرز. وبعد حديث سياسيين عن ضرورة إيلاء الحزب الاشتراكي اليمني مسألة العدالة الاجتما عية اهتماماً في نشاطه، كانت العدالة الاجتماعية محور الموضوع الشهري لمنتدى الشهيد جار الله عمر الذي انعقد يوم الجمعة إضافة إلى الحديث عن الديمقراطية. وتحدث في المنتدى يحيى الشامي عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني ال ذي بدأ يثير مسألة العدالة الاجتماعية في المؤتمرات الحزبية لمنظمات حزبه وخلال أحاديث صحفية إلى عدد من الصحف. وقال الشامي إن "الاشتراكيين في البلاد كانوا قد وصلوا في يوم ما إلى مشارف الترجمة العملية للعدالة الاجتماعية لكن حدثت تطورات هي برمتها سلبية على الصعيد الوطني والعربي والعالمي مع استثناءات". ولفت القيادي الاشتراكي إلى أن "تردي الأوضاع وبروز بنية اقتصادية وثقافية واجتماعية تضع عراقيل أمام طموحات الاشتراكيين. وهذه البنية ليست تلك القوى الإقطاعية القبلية بل البرجوازية الطبقية". وأكد الشامي أن خطورة هذه القوى تكمن في أنها لا تتمتع بأي قيم إنسانية أو وطنية انما تبحث عن الربح وهي على استعداد لسحق كل ما يحول بينها وبين أهدافها. تحدث الشامي طويلاً في المسألة الاشتراكية وضرورة حضورها عند الاشتراكيين اليمنيين في المرحلة الراهنة لينفذ إلى رغبته التي سبق أن أفصح عنها. وهو يوردها على هيئة تساؤل عن مدى إمكانية إجراء حوار ببين الحزب الاشتراكي اليمني والأحزاب المتحالفة معه خصوصاً التجمع اليمني للإصلاح بشأن صيغة لتحقيق العدالة الاجتماعية. فالحوار في هذه القضية سيوفر جهداً ويجعل الأحزاب ويهيئ هذه الأحزاب للتعامل مع قضية العدالة الاجتماعية في حال حكمت البلاد في رأي الشامي. يقول الشامي إن للإصلاح تجربة في إنشاء جمعيات خيرية تقدم خدمات للأسر الفقيرة . "لكن هل هذا الأسلوب يحل المشكلة" .يجيب الشامي على استدراكه بأنه يعتقد أن هذا الأسلوب لن يحل المشكلة وإن كان هدفاً إنسانياً ورمزاً لأمر طيب. ويعبر الشامي عن إدراكه بأن "الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية غير مهيأة لتوفير شروط تطبيق العدالة الاجتماعية لأن القوى المضادة ستهب لإجهاض هذا التوجه" لكن على المشترك وهو يبحث في هذه المسألة أن يقف إلى جانب "الرأسمالية المنتجة ضد البرجوازية الطفيلية التي لا تنتج". أما علي الصراري عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني الذي تحدث في المنتدى حول القضية نفسها فسرد لمحات تاريخية عن كفاح البشر من أجل العدالة ثم تناول الوضع في اليمن في ظل غياب العدالة الاجتماعية. وقال الصراري إن العدالة الاجتماعية موضوع قديم وجديد لأن المجتمع لا يستطيع أن يتخلى عن حلم العدالة "وهو حلم يراود المجتمع منذ أول صراع بين الملاك والمستَغلين". لذلك، مازال الناس في رأي الصراري يمجدون الأشخاص الذين يرمزون إلى الكفاح من أجل العدالة الاجتماعية بدءاً من سبارتاكوس قائد ثورة العبيد في روما قبل الميلاد وأبي ذر الغفاري وعلي بن أبي طالب حتى أن التمجيد يشمل الشخصيات الأسطورية التي تركزت الأسطورة فيها حول الكفاح من أجل العدالة مثل روبن هود. وفي الوقت الراهن، "هناك عولمة رأسمالية تقابلها عولمة إنسانية فهناك مناضلون يشعرون بمأساة البلدان المتخلفة ويطرحون مسؤولية عالم الشمال تجاه عالم الجنوب". وفي الحالة اليمنية، يقول الصراري إن التوزيع العادل للثروة يقتضي أولاً إنتاج الثروة نفسها ثم خلق حوافز للتطور مثل حرية السوق والسماح بنشاط القطاع الخاص إلى جانب القطاع العام. لكن ما حدث في اليمن منذ نحو عقدين يصفه الصراري بأنه ليس مراجعة للاقتصاد بل تراجعاً "شمل كل شيء تقريباً" . ويوضح القيادي الاشتراكي ذلك "ففي الاقتصاد صار لدينا طبقة لم تنشأ من الاستثمار بل من استخدام السلطة للاستيلاء على الثروة الجاهزة". "وهنا يكمن الفرق بين الطبقة الكلاسيكية التي تستخدم الاستثمار والطبقة الجديدة التي تستخدم السلطة" فالطبقة ا لأخيرة "مثل ما انها تفسد الطبقة الرأسمالية فهي تمارس الإفساد في بقية مناحي حياة المجتمع".