• هل ما يدورُ داخلَ المؤتمر الشعبي العام هو خلافٌ حقيقيٌّ بين الرئيس هادي والرئيس السابق صالح؟، أم أن ما يدور من خلافات ليس أكثر من مسرحية يراد منها لفت الأنظار عن ما يحصل في كواليس السلطة من مخطط كبير يهدف إلى إزاحة كُلّ الخصوم المناوئين للرجلين. فبعد سلسلة من التسريبات والاتهامات والترويجات بين الطرفين يتضح أن وراء الأكمة ما وراءها. فلا هادي يريد إقصاء صالح وإلغاءَه، ولا صالح يريد إبعاد هادي وإلغاءه من المؤتمر؟!. ففي الوقت الذي تؤكدُ الأخبارُ والمعطياتُ على الأرض بأن هادي يعتزمُ شقَّ المؤتمر عبر الدعوة لمؤتمر عام للمؤتمر يُعقد في عدن بعد أيام من اقتحام مقرات المؤتمر من قبل هادي بغية شق الحزب. يدعو صالح إلى عدم التعامل مع ما تطلقه بعض القيادات المحسوبة مع هادي، مؤكداً على تماسك المؤتمر ومحذراً من مغبة شق الحزب الذي أسَّسَه ويرأسه. هادي الذي يقالُ بأنه يقفُ وراءَ إدراج اسم صالح من ضمن المعرقلين وأنه يقف وراء الرسالة التي قدمها السفير الأمريكي وتدعو صالح إلى مغادرة البلد. كل هذا وغيره يبدو للمتابع بأن العلاقة بين الزعيم وبين هادي ليست على ما يرام، بيد أن المتأمل يصاب بالدهشة في حال تأنَّى في قراءة الواقع وأبعاد تلك الخلافات والغاية منها، ولماذا تهدأ لفترة ثم تعود للمشهد من جديد حين يراد لها أن تعود. كل طرف لديه صلاحيات ولديه نفوذ وكل طرف لا يسعى لإقصاء الآخر ولا إلغائه. هذه الحقيقة تبدو من خلال المعطيات التالية لو افترضنا أن هادي يريد التخلص من صالح الذي سلمه السلطة ورفض تسليمها لشخص آخر غير هادي، وقال: نحن نسلمها لأيادي أمينة. وهو يعرف من هو هادي جيداً، وبالتالي لو أراد هادي إبعاد صالح لفعل ذلك مستغلاً وقوف المجتمع الدولي معه ولن يخسر شيئاً سوى تقديم بعض المعلومات ويكون صالح في خبر كان. ليس تسليمه أو إبعاده من البلد، بل هناك أمور تتعلق بالمال والنفوذ بإمكانه أن يحدِّدَها ويعطِّلَ من نشاط صالح، وهذا الأمرُ لن يؤثرَ كثيراً في المشهد السياسي أو في علاقة هادي مع المؤتمر، لو افترضنا فعلاً بأن هناك خلافاً كما يروَّجُ له بين الزعيم والرئيس هادي، فلماذا لا يبادر الزعيم بموجب صلاحياته داخل المؤتمر إلى إلغاء عضوية هادي والإرياني ومن معهما من المزوبعين حالياً في الجنوب بدلاً عن تغييرهم من مواقعهم مع الاحتفاظ بعضوياتهم؟!. لماذا لا يدعو صالح أعضاء المؤتمر إلى عدم التعامل مع هادي داخل إطار الحزب بعد أن يكون قد ألغى عضويته وأفقده شرعية نحن الأغلبية، مثلما فعلت الأطراف السياسية بصالح في 2011م وأزاحته من الرئاسة.. استغل الطرفان هادي وصالح المتغيرات الإقليمية في المنطقة والعلاقة غير السوية بين أنصار الله والإصلاح ليدفعوا بالطرفين نحو المواجَهة بُغية التخلُّص من الطرف الذي يمثل مراكز النفوذ والتسلط التي أطاحت بصالح ولو عبرَ مراحل وحتى يعاد رسم المشهد السياسي من جديد. كان لصالح وهادي ما أرادا غيرَ أنهما لا يزالان مصدومين من تسارُع الأحداث التي انتجت قوةً سياسيةً جديدة يصعُبُ عليهما إلغاؤها أو تجاوزها، فمع كُلّ خلاف يروّج له بين هادي وصالح يتم استيعاب المئات من المحسوبين على صالح الذي سبق وَتمت إزاحتهم في 2011م.