تصديقاً لقول رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية) يكون اليمانيون دائماً هم المبادرون لفعل الخير وما ينفع الناس منذ ظهور الدعوة الإسلامية وحتى الآن. آمن اليمانيون وأسلموا ولبّوا دعوة الإسلام سلماً لا حرباً، وكانوا في مقدمة الصفوف نشراً للإسلام والدفاع عنه في كل أصقاع الأرض، فبسيوف اليمانيين دخل الإسلام ووصل إلى عديد من بقاع الأرض في آسيا وأفريقيا وأوروبا وغيرها. وما مبادرات الرئيس/علي عبدالله صالح القومية والإسلامية عند كل نائبة وفاجعة تنال أو تمس الأمة العربية والإسلامية أو أحد شعوبها إلاّ تجسيد للإيمان والحكمة ولتلك السجية الفاضلة وللإرادة اليمنية وإرادة اليمانيين كلهم.. فذلك يجعل اليمن أفضل بكثير من كل الأنظمة العربية والإسلامية، وأفضل من أولئك الحكام الذين لا نلقى منهم ولا تلقى منهم الأمة العربية وشعوبها إلا الخذلان والجري وراء الأسياد في واشنطن وتل أبيب لإرضائهم، متجاهلين غضب الشعوب وسخطها وغليان الكراهية والحقد على أعداء الأمة وقضاياها العادلة. وقد نجد أن كل مبادرة يطلقها اليمن ممثلاً بالرئيس/علي عبدالله صالح غالباً يكون مصيرها الإجهاض أو إفراغها من مضمونها الخيّر، أو الرفض لها أحياناً من كثير من الأنظمة العربية وحكامها، وسنرى ذلك في المبادرة الأخيرة للأخ الرئيس والمتعلقة بعقد قمة عربية تخرج بموقف حازم وجاد تجاه العدوان الاسرائيلي والأمريكي في فلسطينولبنان والعراق. ولو سلّمنا أن هذه القمة العربية عقدت فإنها لن تكون أفضل من سابقاتها من القمم وربما لن تخرج عن القرارات التي خرج بها مؤتمر وزراء الخارجية العرب أخيراً.. وحتى لو خرجت القمة العربية إذا عقدت بقرارات شديدة اللهجة قوية التعبير فإنها لن تطبق أبداً، ولا أقول هذا جزافاً وإنما أقوله من وحي التجربة ومن وحي القرارات السابقة التي صدرت من قمم عربية سابقة لم تر النور ولم تطبق منذ صدورها وحتى الآن، وأهمها اتفاقية الدفاع العربي المشترك التي يطالب الأخ الرئيس/علي عبدالله صالح بتطبيقها وتفعيلها على الواقع صداً وردعاً للعدوان على الأرض العربية وشعوبها، ولن تطبق هذه الاتفاقية أبداً إلا إذا كان ذلك ضد أي بلد عربي في المجموعة العربية. والأدهى من ذلك أن الكثير من الحكام العرب كما هي عاداتهم عقب كل قمة سيتسابقون وباندفاع محموم للذهاب إلى البيت الأبيض ليبرروا موقفهم من تلك القرارات التي قد تصدر عن القمة العربية المرتقبة محاولين تهدئة الخواطر لأسيادهم، معللين بأن تلك القرارات إن صدرت إنما هي لامتصاص غضب الشعوب وذر الرماد على العيون، وأنها أي تلك القرارات ستكون حبراً على ورق، وستحفظ في الأدراج كما حفظت سابقاتها. لذلك يظل اليمن ممثلاً بقيادته السياسية بصدق هو الصادق والمنافح عن الأمة والمهموم بقضايا الشعوب العربية، ولكن كما يقول المثل: «اليد الواحدة لا تصفق» أو كما يقول المثل: «تغريد خارج السرب» لأن السرب العربي ممثلاً بأغلب الحكام العرب لهم تغريد آخر موجّه وملحون من الغرب وبالذات من واشنطن وتل أبيب، ولن يتغير تغريدهم حتى لو أبيدت الأمة العربية كلها واحتلت كل الأرض العربية وأبقوهم على كراسيهم حكاماً «خيال مآته» فلن يغير تغريدهم المتضمن الشكر والحمد ليس لله الواحد الأحد وإنما لأسيادهم عجول أمريكا واسرائيل. أقول بصدق وحق : إن اليمن هو دائماً صاحب المواقف القومية العظيمة والمبادرات التي تحمل هم الأمة وآلامها، فاليمن بقيادته هي الوحيدة التي احتضنت المناضلين الفلسطينيين بقيادة ياسر عرفات رحمة الله عليه في مطلع الثمانينيات عند خروجهم من لبنان عقب الاجتياح الاسرائيلي، وهو الذي أرسل حينذاك الدعم البشري والمالي والغذائي والعسكري للمقاتلين هناك في بيروت أثناء الاجتياح، وكان ذلك الموقف أفضل وأكبر من كل المواقف المتخاذلة من جانب كل الأنظمة العربية حينذاك. ولا أشك لحظة أنه لو كان موقع اليمن ضمن نطاق الطوق الاسرائيلي لما تأخر اليمن شعباً وقيادة عن خوض الحرب ضد كل عدوان اسرائيلي أو أمريكي، ولن يتأخر عن الدعم العسكري واللوجيستي لكل المقاومة العربية في فلسطينولبنان، ولن تكون كمثل كثير من الأنظمة التي بدلاً من أن تقف بصدق وشرف مع المقاومة إذا بها تندد وتشجب ليس العدوان وإنما ما وصفتها بالمغامرات المقاوماتية وبالتحديد حزب الله وأعماله في جنوبلبنان. وبدلاً من أن تتداعى تلك الأنظمة العربية وحكامها للالتئام في قمة عربية عاجلة يصدر عنها فعل مشرف يرد للأمة كرامتها وللشعوب ثقتها بنفسها وبحكامها إذا بهم أي أولئك الحكام يتلكأون ويماطلون لعل اسرائيل تحسم الموقف فتجنبهم مواقف الإحراج فيكتفون عندئذ ببيانات الشجب والاستنكار والمطالبة بضبط النفس والخضوع للشرعية الدولية وقراراتها التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع. فكان اليمن وعلي عبدالله صالح هو المبادر، وهو الصارخ بين «صم بكم عمي فهم لا يعقلون». وحتى تأتي القمة العربية القادمة لا يسعنا إلا أن نقول: بوركت الأيدي المقاومة، وبورك كل فرد وكل جماعة وكل تنظيم وحزب يدعو إلى المقاومة المسلحة ودفع العدو وردعه، فتلك هي اللغة التي يفهمها الأعداء، أما الضعفاء فإنهم يداسون ولا يؤسف عليهم. نقول هذا ونحن نعرف أنه أضعف الإيمان، فما باليد حيلة ما دام وأغلب الحكام العرب لا يريدون أن يقاتلوا، بل لا يريدون أن تخرج منهم كلمة حق تغضب ولاة أمورهم وأسيادهم هناك في