لا فائدة من أن ينعدل ذيل معظم الحكام العرب ، فهم أتباع منذ أن وجدوا على كراسيهم وعروشهم، فمهما صنعت أمريكا واسرائىل بالأمة العربية وشعوبها فلن يحرك لهم ذلك ساكناً.. وما الموقف الأخير لأمريكا في دعمها لاسرائيل سياسياً برفضها صدور قرار بوقف إطلاق النار في لبنان وعسكرياً بفتح خط جوي لوجستي لإمداد العدو الصهيوني بالأسلحة والقنابل الذكية والليزرية ما هو إلا دليل واضح وصريح للعداء الأمريكي للأمة العربية والاستهانة بالحكام وبكرامة الإنسان العربي الذي صار بين شقين، حكامه الذين لا يجيدون إلا الغطرسة عليه والتجبر البغيض المرتكن إلى دعم أسيادهم طغاتة العالم وجبابرته. فأمريكا بدعمها القوي وغير المحدود للعدوان الاسرائيلي تريد أن تحقق هيمنة ذلك العدو على كل الأرض العربية ومقدراتها وقهر إنسانها حتى لا يرتفع صوت ولا يبقى من يضمر مجرد الضمير المستتر بالخروج عن الطاعة العمياء والتسليم المطلق بالإرادة الصهيونية، فهي تريد شعوباً عربية كالنعاج يخطف منها الأعداء ما يريدون وهي راضية مستسلمة لا حول لها ولا قوة، وكأنها أي أمريكا لم تكتفِ بما يصنعه حكام العرب بشعوبهم وما وصل إليه أولئك الحكام من مذلة واستكانة وخذلان لا يحسدون عليه.. فأمريكا تريد أيضاً قهر الشعوب العربية وإذلال الإنسان العربي كما أذلت حكامه. وهي يمكن أنها لا تدري أو لا تدرك أن المواطنين العرب ليسوا كلهم حكاماً يخافون على كراسيهم وعروشهم وامتيازاتهم وثرواتهم التي تعج بها بنوك العالم، أو أنها مرتكنة على الحكام العرب ليؤدوا واجبهم ومهماتهم بقهر شعوبهم حتى لا تثور أو تتمرد على رغبات الأسياد في واشنطن وتل أبيب، ولا يدري أو لا يدرك أولئك الحكام أنهم مجرد ورق كوتشينة تلعب بها أمريكا والصهيونية، وأنها بمجرد أن تحقق أغراضها وغاياتها سترمي بهم كما رمت بمن سبقوهم من حكام إيران سابقاً وهايتي وفيتنام وإلى آخرهم. وعليه فالواقع ينبئ أنه لا فائدة أبداً من الحكام العرب، فلا هم يرحمون ولا يدعون رحمة الله تنزل على عباده.. كما يقول المثل، فلا هم حاربوا وقاوموا الاعتداءات المتكررة على الأرض العربية والإنسان العربي ولا هم تركوا الشعوب تقوم بواجبها بالدفاع عن نفسها ومصالحها.. وهذا الوضع يوصلنا إلى قناعة أنه لا بد من ثورة وثورة عارمة تقوم بها الشعوب العربية متضامنة، ليس ضد أمريكا واسرائىل فقط وإنما قبل ذلك ضد كل حاكم تابع وعميل للأعداء ومتواطئ معهم ضد مصالح الأمة وكرامتها وأمنها وسيادتها، لأن كل حاكم متخاذل ومتلكئ عن مقاومة العدوان وصده عن اتخاذ موقف جاد وحازم تجاه أعداء الأمة فهو بلا شك عنصر من عناصر الطابور الخامس للأعداء، دوره خذلان الشعوب وإيصالها إلى مرحلة اليأس والاستسلام. ومع ذلك فقد خاب فألهم وعرفوا وعرف أسيادهم أن الشعوب لا تموت ولا تستكين أبداً طال الزمان أم قصر، وما يقوم به حزب الله والمقاومة اللبنانية وحركة حماس في فلسطين والمقاومة العراقية دليل ملموس وواضح أن إرادة الشعوب والأمم فوق إرادة الحكام العرب وأسيادهم. وحتى لا يظل الأعداء في جبروتهم وطغيانهم فإن ذلك الطغيان والجبروت لن يوقف ولن ينتهِ إلا إذا المتخاذلون عن كراسيهم وعروشهم. أما الشعوب إذا وجدت القيادات الوطنية فإنها تصنع المعجزات، ولنا عبرة فيما يفعله حزب الله في لبنان وما تصنعه الحركات الإسلامية في فلسطين من مواقف وصمود بطولي يفقد العدو الاسرائيلي صوابه، ولنا أىضاً عبرة فيما صنعته شعوب أخرى في فيتنام وكوريا ولاوس وكامبوديا وفي جنوب افريقيا وغيرها من انتصارات مذهلة وخيالية وأسطورية على ربة الصون والعفاف سيدة العالم أمريكا ومن حالفها. ذلك لأن شعوب وقيادات هذه الدول البطلة لم تجعل من أمريكا ولا من غيرها بعباً تخيف به شعوبها، ولم تجعلها قوة لا تقهر تملك الحياة والموت والشقاء والسعادة، بل على العكس آمنوا بأنفسهم حكاماً وشعوباً، وآمنوا إيماناً مطلقاً بأنهم قادرون على النصر وعلى هزيمة كل أعدائهم مهما كان عددهم وعدتهم ومهما كانت قوتهم.. ولم يقولوا كما قال أحد الحكام العرب عند نهاية حرب 1973م أو ما تسمى بحرب أكتوبر «دأنا اكتشفت أني بحارب أمريكا» وكأنّه كان لا يعرف ولا يدرك أنه وبلاده والأمة العربية كلها حاربت وتحارب أمريكا منذ زرعت اسرائىل في قلب الأرض العربية. كما أن تلك الشعوب المنتصرة على أمريكا والاستعمار الغربي لم تبلغ قدسية أمريكا عندهم أو عند حكامهم كما بلغت عند أحد الحكام العرب عندما قال في إحدى خطبه قبل ضرب العراق في عام1990م حيث قال أنه نصح صدام حسين بالتروي والخضوع لمطالب أمريكا مهدداً بأن أمريكا سوف تضرب العراق وتدمره، وعندما أجابه صدام بأن الله معه انفعل ذلك الحاكم قائلاً: «أقول له أمريكا يقول لي الله.. الله اييه»، فهل وجدتم استسلاماً واستكانة أكبر من هذا .. حكام جعلوا من أمريكا فوق الله سبحانه خالقهم وخالق أمريكا والسموات والأرض.. فهم يريدون أن تكون مَثلَهم وإذا خرج شعب أو جماعة أو حركة أو حزب عن سربهم المغرد بحمد أمريكا اعتبر مغامراً ومقامراً بأمن ومصالح الأمة، أما هم فهم حماتها وياويلنا منهم فهم كالذئاب الذين يدعون حماية الأغنام. وكم أتمنى ومعي الملايين من الناس أن تبقى تلك المغامرات المقاوماتية وأن تستمر وأن يحفظها الله من الوأد الذي يبيته لها معظم الحكام..وكم أتمنى أيضاً أن تمتد تلك المغامرات المقاوماتية لتتجه ضد كل متخاذل وعميل فتقتلعه من كرسيه أو عرشه انتصاراً للقضية العربية وقطعاً لأيدٍ خبيثة تخدم أعداء الأمة وتشكل وبالاً على مصالحها ومصالح وأهداف كل الشعوب والشرفاء من قادة وزعماء ومواطنين في الوطن العربي.. فلا نامت عيون الجبناء.