صدق الشاعر حين قال: عش عزيزاً أو مت وأنت كريم بين طعن القنا وخفق البنود أمة غنية مترفة، وشعب لبنان وفلسطين والعراق يعانون من جراء العدوان والاحتلال، وشعوب عربية أخرى تكابد اليأس والفقر والمجاعة. إذاً ما جدوى أن يعيش المرء في رغد العيش ويحيا حياة مترفة طربة ووطنه العربي يتعرض كل يوم للتمزق والدمار والقصف والعدوان والمآسي، وشعب يتضور جوعاً ويعاني الألم والضياع. وما جدوى الحياة والفرح والمرح وأجزاء عزيرة من وطننا العربي تتكابد جراح الحروب والاقتتالات كما يحصل في لبنان وفلسطين والعراق وغيرها، وما نسمع كل يوم عن مذابح ومجازر بشعة تزهق أرواح الكثير من الأبرياء والأطفال والشيوخ والنساء على أيدي القوى الصهيونية الاسرائيلية.. والعرب يحددوا موقفاً شجاعاً لأن الحياة موقف ومبدأ يعيش الإنسان من أجله ويسعى جاهداً إلى الدفاع عنه بحياته ودمه وماله، والحياة أيضاً لحظة شجاعة وصمود ووقفة عزة وإباء أمام أعاصير الدمار ورياح الطغيان، والتاريخ لا يدخله سوى العظماء الذين يقفون بصلابة وعظمة ومواجهة التحديات والمحن التي تمر بها أوطانهم دون ركوع أو استسلام، ودون ذل وتنازلات، متحملين بذلك مسؤوليات جسيمة أمام شعوبهم وأمام الله وأمام التاريخ الذي لا يرحم.. ولعلي أقف عند المبادرة العظيمة والموقف الشجاع الذي سجله الأخ المشير علي عبدالله صالح عند دعوته لعقد قمة عربية طارئة تستجيب للمستجدات، وتعمل على درء العدوان الآثم على لبنان، ولكن سرعان ما اصطدم هذا الموقف الشجاع بالإحباط.. فهل يعرفون بأنه سوف يأتي يوم من الأيام جيل عربي يسأل ماذا فعل آباؤنا القادة تجاه غطرسة اسرائيل وحربها على لبنان، وماذا فعلوا تجاه احتلال العراق وأمام القضية الفلسطينية والقضايا العربية الأخرى، وماذا فعلوا في مسيرة توحيد العرب، ولماذا تنابذوا وتطاحنوا وتحاربوا..؟ ولا أظن أن أحداً منهم سوف يستطيع الإجابة عن هذه التساؤلات بأكثر من نظرة خجل إن كان سوف يبقى له مكان في الوجوه العربية.. من كان يصدق أن اللقاء العربي الكبير الذي كنا نتمنى أن يحدث انهار في لحظة ذل وخوف من الانزلاق في وجه الترسانة الأمريكية التي تقف ضد اللقاءات العربية.. أليس نحن خير أمة أخرجت للناس موحدين بدينهم وعقيدتهم، وكان لهم العديد من الجولات في الفتوحات الاسلامية، فاتحين وداعين لتوحيد الصف العربي ونبذ الأحقاد والخلافات وعندما شعرت القوى المعادية للعرب والمسلمين بذلك شعرت أن لا ثمن ولا قيمة لها في ظل وجود الأمة العربية والإسلامية القوية والمتماسكة، فعملت بكل ما تستطيع في بذر سم الفرقة والخلاف..؟! إذاً أين المواقف العربية والأخوية التي في هذه اللحظات القاسية غابت حتى بيانات الشجب والاستنكار؟!