الكلمة الطيبة رحمة، فما أحسن الحديث الهادئ والحوار المتزن والمرن والهادف البعيد عن الشطط اللغوي وهمزات الفتن والشياطين، حديث لا لبس فيه ولا غموض مجرد عن التماهي والرموز والانتقام وطلاسم الخراطين.. وما أجود من يتسلق على أجنحة الود والتسامح والسلام إلى شاطئ الأمن والأمان والحياة الفضلى السعيدة والمستقرة.. ولعمري فالمناكفة والتجريح وأساليب الحقد والترصد ونبش الماضي الدفين هي أمراض موبوءة وسرطان يؤدي إلى الموت، والكلمات المعوجة والتعابير المنكسرة النابية لا تؤدي إلا لمزيد من التداعيات والبكائيات والمماحكات الساخنة. لا أدري تشعبط العديد من الناس ونفر من حملة الأقلام التفنن والبحث في قوانين اللغة العربية ومعاجمها عن الكلمات الشاذة والساخرة في اللغة العربية القاسية على القلوب والمؤثرة على الخواطر، فالنقد أياً كان نوعه هو فن من فنون الإصلاح والتصحيح الهادفة، لا يمكن أن تحذقه كليمات وجمل وعبارات لا تمت بصلة إلى أدبنا العربي وقيم شعبنا اليمني، فنحن مؤمنون بالنقد، حريصون على أن نسخر الأقلام الصحفية لتجتث جذور وبؤر الفساد والفاسدين والأمراض والظواهر المسيئة والمشوهة لتقاليدنا الإسلامية وحضارتنا العربية الأصيلة. ونحن نصرخ وما زلنا في وجوه الذين يسعون للترف والنزعة الاستهلاكية والثراء الشخصي والنهب من المال العام والاتجار العقاري، فالمساحة التي فرضتها حرية الرأي والتعبير والصحافة إنجاز ديمقراطي يجسد تعبيره على مساحة واسعة من الصحف لا تلامسها مقص الرقيب ولا أي نوع من الغرض القسري أو الارهاب والتهديد، مما ننعم به في صحافتنا اليمنية الرسمية والأهلية والحزبية، لا تجده حقيقة في أي شارع من شوارع الصحافة في أي بلد عربي يجب الحفاظ علىه وتوظيفه التوظيف السليم والوجهة الصحيحة مع احترامنا لشرف وقدسية الصحافة ومهنية الحرف والكلمة دون المساس بأحد أو الهوس الطفولي والاندفاع الجنوني إلى متاهات بعيدة مع الضرورة البالغة لتوخي الحقيقة والمعلومة الصحيحة من مصادرها الموثوق بها بلا مزايدة وتزييف حتى لا نقع فريسة لحقائق مغلوطة ومعلومات زائفة واهية كطواحين الهواء. إنني تعجبني تلك الأقلام الصحفية المسكونة بواقعية الطرح وجدية الحدث، لديها من الحجة ما يجنبها مخاطر الاتهام ووسائل الرصد والترصد، لها خبرة صحفية فيما تكتب، ودراسة ورؤية واضحة فيما تبحث وتنتقد، فالنقد مهم وكما قيل سابقاً إنه خبزنا اليومي وخطوة هامة للتصحيح وإظهار الحقيقة، فلا غرو أن تتحد الأقلام وتتهيأ الخواطر والقلوب لقبول وتقبل ما يكتب، فأمام هذه الأقلام مهمات كبيرة في توجيه شحنات الغضب لمن يعيش من ترف ونعيم وفتات الفساد ومن قوت الناس. فالفساد آفة مدمرة لحياتنا واقتصادنا الوطني، وأمام هذه الأقلام مهمات على درجة من الحساسية لمناهضة الخطر الصهيوني الاستعماري العالمي لطمس الهوية العربية وتسويق إعصار الشرق الأوسط الكبير لنشر الديمقراطية والإصلاحات السياسية والسيطرة على الثروات العربية واستهداف ديننا الإسلامي ونشر سراب وهلوسة العولمة والحداثة والتغيير لمناهجنا التربوية والدينية وأنظمتنا العربية، فقد آن لنا بعد ستة عشر عاماً منذ تحقيق المنجز الوحدوي العظيم أن نجعل من صحافتنا منبراً للرأي والرأي الآخر والنقد السوي والشامخ والوفاق الوطني والمساواة.