ربما كانت التجربة الديمقراطية اليمنية على حداثتها لا تشبه غيرها من التجارب الإنسانية في سائر بلدان أمتنا على الأقل، وهو ما يستوجب بالضرورة عدم إخضاعها للمقارنة مع أية تجربة ديمقراطية عربية كانت. وبهذه المناسبة تقام الاحتفالات في كافة المؤسسات والهيئات الحكومية وغير الحكومية من خلال استعراض وتقييم أنشطتها وبرامجها التي قطعتها في مجال محو الأمية وتعليم الكبار، وتكريم المساهمين والرواد الأوائل الذين أسهموا في هذا الجانب وكذا الداعمين لتنفيذ هذه المهمة الوطنية النبيلة، وبلادنا كإحدى دول العالم الثالث تعاني من مشكلة الأمية التي في الأساس قد ورثتها منذ ما قبل الثورة، حيث تنتشر الأمية في الريف بصورة كبيرة جداً نتيجة لانعدام المدارس الحكومية في تلك الفترة، وكذا احتياج الأهالي لأبنائهم من أجل مساعدتهم في الأعمال الزراعية والرعي نظراً للظروف المعيشية الصعبة آنذاك، كما أن المدن ليست أحسن حالاً من الأرياف وإن كانت تشكل حالة أفضل نتيجة لوجود عدد قليل من المدارس بها. قد يظن البعض أن محو الأمية من السهولة بمكان بحيث يتم القضاء عليها في مدة زمنية قصيرة ومحوها نهائياً، لكن التجارب تثبت عكس ذلك، خصوصاً في البلدان التي يكون فيها الريف يستأثر بمساحة شاسعة منها، بحيث يتطلب في هذه الحالة حصر عدد الأميين في تلك المناطق الريفية بصورة دقيقة وتحفيزهم وتشجيعهم على محو أميتهم وكذا أن تكون لديهم الرغبة والاستعداد للتحرر منها بالإضافة إلى إعداد وتأهيل المعلم في كيفية التعامل مع كبار السن وكذا إلى منهاج دراسي يتناسب ومقدرتهم وإلى صفوف دراسية خاصة بهم والكثير من متطلبات العملية التعليمية التي تساعد على إتمام تلك المهمة الوطنية النبيلة. بلادنا قد قطعت شوطاً كبيراً في اتجاه القضاء على الأمية، وقد خطت خطوات عملية في هذا الجانب، حيث يعمل جهاز محو الأمية وتعليم الكبار وفروعه في جميع المحافظات على تحقيق أهدافه بخطوات حثيثة ومتواصلة كما من شأنه الحد من الأمية وصولاً إلى محوها من المجتمع، وذلك من خلال تنفيذه لجملة من الأنشطة والبرامج بالنسيق مع مؤسسات الدولة المختلفة وكذا جهود قطاعات المجتمع المدني. محو الامية وتعليم الكبار تعد من استراتيجيات التعليم التي تستهدف القضاء على الجهل بكافة صوره وأشكاله، حيث المدخل الرئىسي للمعرفة والوعي وصولاً إلى بناء مجتمع خالٍ من الأمية وغيرها من مظاهر التخلف، وما حظيت به قضية محو الأمية وتعليم الكبار من رعاية واهتمام من قبل الدولة، حيث تم وضعها في قائمة الأولويات الوطنية إدراكاً منها لما تمثله تلك القضية من أهمية حيوية بالنسبة للمجتمع بصورة عامة، حيث إنه من خلال التعليم يتم القضاء على الكثير من مظاهر التخلف ورواسب الجهل، ربما البعض لا يدرك حجم ما تتطلبه من جهود عملية محو الأمية وتعليم الكبار، لكن علينا أن نقدر تلك الجهود التي يبذلها جهاز محو الأمية وتعليم الكبار. وبالعودة إلى عدد السبت الماضي من هذه الصحيفة وفي الصفحة الثالثة منها سنجد خبراً عن محو أمية «9044» أمياً بالحديدة خلال العام الدراسي 2005م - 2006م، بالإضافة إلى اختتام دورة تدريبية في أبين خاصة بالموجهين الفنيين في قطاع محو الأمية وتعليم الكبار نظمها جهاز محو الأمية وتعليم الكبار بالمحافظة.. ونطالع بين فترة وأخرى في عدد من الصحف اخباراً عن تلك الجهود التي يبذلها الجهاز، كذلك فإننا لا ننسى جهود الكثير من قطاعات المجتمع المدني وكل من أسهم في إنجاح تلك المهمة الوطنية والتي من شأنها خدمة الوطن. نتمنى للجميع التوفيق في مهامهم وأن تعود علينا ذكرى الثامن من سبتمبر العام القادم إن شاء الله وقد تحرر المزيد من الأميين وقد أصبحوا في عداد من يكتبون ويقرأون.