بوجود الديمقراطية وجد التنافس في إطار الانتخابات التي وجدت هي أيضاً بوجود الديمقراطية ،وبوجود كل هذا لابد من وجود فائز وغير فائز في نتائج العملية الانتخابية إذ لامجال لفوز الجميع أوخسارة الجميع. كما أن الفوز لايتحقق بالأمنيات لمجرد الامنيات بالفوز فكل من يترشح لاشك أنه يتمنى ذلك ويتمنى له انصاره الحقيقيين مايتمناه هو لنفسه والأمنيات مشروعة في كل الاحوال لكن لايقف الأمر كله عندها ولاينبغي النظر إلى النتائج من نافذة الأمنيات أوالتعاطي معها على ذلك الأساس. إذاً فالديمقراطية عملية تنافسية انتخابية تحتمل الفوز والخسارة مثلما يعلم الجميع لاتقبل شروط الفوز المسبق ولا احتمالات الفوز القائمة على الوهم والحسابات الخاطئة. إن حقيقة الفوز واضحة وحقيقة غير الفوز واضحة أيضاً لن يغيرها شيء لا النزول إلى الشوارع ولا الصعود إلى ابراج الزيف والجدل العقيم حول المقدمات والنتائج. اسعدتنا وأسعدت غيرنا حقيقة الممارسة الديمقراطية التي جرت ،حقيقة الديمقراطية التي رأيناها واقعاً يمتد على كامل خارطة الوطن اليمني لاينقصها إلا ايمان الجميع بها وتسليمهم بالنتائج وإن جاءت هذه النتائج على غير مايشتهي من لم يفز. إن عدم الفوز ليس عيباً أوعاراً على صاحبه في قاموس الديمقراطية ولن يكون كذلك فما بال البعض يرتجف لهذا الحال ولهذه النتيجة، فعدم التسليم بالنتيجة والقبول بها بروح ديمقراطية أسوأ من عدم الفوز بما لايدع مجالاً للمقارنة بينهما ،في حين أن من لم يفز ليس بخاسر في حقيقة الحال لأنه كان شريكاً حقيقياً في صنع اجواء الديمقراطية التي سادت هذه المرحلة من مبتداها إلى الختام فلايصح أن يفسد ماصنع أويخل به ،فالحقيقة الأكثر وضوحاً أن من يؤمن بالديمقراطية يتضح ايمانه بها نهاية المشوار عند اتضاح النتائج تحديداً وبشكل أكثر تحديداً ودقة إذا جاءت هذه النتائج على غير ماكان يريده عند دخوله دائرة التنافس ،وعندما يرفض النتيجة بناءً على رغبته الجامحة بالفوز متجاهلاً لأسباب الفوز والخسارة وشروط الأغلبية التي رأت في غيره أفضلية لما تريده فإن رفضه التسليم بالنتيجة هنا يفضح حقيقة موقفه من الديمقراطية التي يقبل بها فائزاً ويرفضها مهزوماً، وهذا بحد ذاته يُعد سلوكاً غير ديمقراطي ينبغي التخلي عنه أولاً ليبدأ بعد ذلك البحث عن أسباب الفشل ومراجعتها وتصحيحها للمرات القادمة لعله يحصل على مالم يحصل عليه هذه المرة فذلك أفضل وأسلم من اهدار الطاقات والجهود على مالايمكن أن يغير في النتيجة شيئاً وقد شهد لها وبصدقها الجميع ،ولذلك نقول الوطن أبقى مما سواه ولينتبه الجميع لهذه الحقيقة.