ليس أكثر ما يتمناه المرء في حياته سوى رضا الله ورسوله وطاعة والديه وراحة أطفاله وسعادتهم، ومن أجل هذه الأهداف والغايات وغيرها يظل يركض ويعمل من أجل تحقيقها بهدف الفوز بالفردوس الأعلى، كما أن سعادة وراحة المرء تكتمل عندما يرى أطفاله يمرحون ويلعبون ويكبرون أمام عينيه يوماً يعد يوم وعاماً بعد آخر، ويعمل جاهداً وبكل ما أعطاه الله من عقل ومن قوة لتهيئة كافة الظروف المادية والمناخ الأسري الذي يضمن حياة جميلة ومستقبلاً أجمل لأطفاله وبحيث يصبحون أفضل منه.. الأطفال أيضاً لهم طرقهم المتعددة للتعبير عن سعادتهم وأفراحهم التي قد تختلف من مناسبة الى أخرى ومن منطقة الى أخرى، ولكنها تتفق في هدفها والمتمثل في إدخال الفرحة الى قلوبهم وتتنوع لتشمل ممارسة الألعاب الشعبية التي أسهم الأطفال في الحفاظ عليها بعد أن تلاشت معظمها، بالإضافة الى الألعاب الرياضية وغيرها.. تلك هي جزء من ألوان الفرح الذي كنا نعبر بها عن أفراحنا وسعادتنا في طفولتنا بأي مناسبة دينية أو وطنية أو حتى خاصة، وبرغم بدائيتها إلا أنها كانت كفيلة بجعلنا نقضي أجمل الأوقات آنذاك دون حدوث أية مشاكل. أو غيرها من أنواع «الطماش» وأسلحة الرعب التي يعبر فيها الأطفال عن فرحتهم بالعيد ويدفع ثمنها الأب. لكن أطفال اليوم حالهم اختلف ويبدو أنهم تأثروا بالعولمة وحكايات وقصص الخيال التي تروج لها الفضائيات، فأصبحت لهم طرقهم وأساليبهم الخاصة للتعبير عن فرحتهم والتي تظهر جلياً للعيان خلال عيدي الفطر والأضحى من كل عام، والغريب في الأمر أن ألعاب الأطفال تشهد تطوراً ورواجاً كبيراً باستمرار في نوعها وشكلها ومضمونها وتنتشر بسرعة فائقة في الحارات وتصل لأيادي الأطفال متى ما أرادوا. ولعل الألعاب النارية والمفرقعات الصوتية أصبحت هي الهواية الوحيدة التي تستهوي قلوب وعقول الأطفال بالرغم من خطورتها الكبيرة على حياتهم وما قد تسببه لهم من عاهات مستديمة ومخاطر قد تكون مباشرة أو غير مباشرة على السمع والبصر، ولأن طلبات الأطفال مجابة من أولياء أمورهم وتوفير ثمنها فرض واجب وضروري خلال العيد ليذهب الطفل ببراءته لشراء قنابل وأسلحة رشاشة و «طماش» ومفرقعات وما شابهها، وأحياناً تكون الأسرة هي من تشتري لعب الموت لأطفالها دون أن تدرك ما قد تسببه من مأساة، لكن الحب القاتل والدلع الزائد ومقولات «وحيدي» و «حفيدي» و «فلذة كبدي» وغيرها من المبررات التي تتلفظ الأسرة بها لتبرير قتل أطفالها بطريقة أو بأخرى وفي أجمل المناسبات والأعياد بواسطة لعبة نارية اشترتها الأم أو بمفرقعة صوتية هدية من الخال والعم.. تلك الظاهرة التي دشنها الأطفال منذ بداية العشر الأواخر لرمضان وقد تستمر لعشرة أيام أخرى بعد عيد الفطر المبارك بدأنا نشعر بمخاطرها ونلمس مصائبها بعد انتشار أنواع كثيرة ومتعددة لأصناف من ألعاب الرعب على أكتاف وأيادي الأطفال، وأصواتها المزعجة التي تصنج طبلة الأذن، وبالرغم من الحملات التي تشنها الأجهزة الأمنية لمصادرة تلك الألعاب وضبط المروجين لها خوفاً على حياة الأطفال بعد أن أهملهم ذووهم. لكن ما يدعو للسخرية أن صغار التجار وهرباً من حملات التفتيش أخفوا بضاعتهم المريبة من المحلات والبقالات ونقلوها للمنازل في الحارات لإبعاد الشبهة عن محلاتهم، والأطفال وحدهم فقط من يعرفون تلك الأماكن وهم من يقودون آباءهم إليها لشراء ما يحتاجونه من سلاح وعتاد ناري يكمل فرحة الطفل ويفسد حياة الأسرة بكاملها، وهم من يستطيعون إرشاد الأجهزة الأمنية الى البدرومات والمطاعم وغيرها من الوسائل التي استحدثت في رمضان لتصريف بضاعة الموت. خلاصة الموضوع: حماية الأطفال هي مسئولية الأسرة بدرجة أساسية وينبغي عدم التساهل مع أطفالهم والحزم إذا لزم الأمر، وبحيث لها الكلمة الأولى والأخيرة في اختيار لعب أطفالها والتي بالطبع ستدخل الفرح والسرور الى قلب كل طفل، وليس ما قد ينقله إلى أقرب مستشفى أو مقبرة لا سمح الله خاصة ونحن على أعتاب عيد الفطر المبارك. وليعلم جميع أولياء أمور الأطفال أن الألعاب النارية خطيرة جداً على حياة الأطفال «والرصاصة» التي ما تصيب تدوش والحليم تكفيه الإشارة..