كل إنسان بنفسه بصير «رجلاً وامرأة» أي أنه مسئول عن حياته ،سعادة ،وتعاسة ،ومسئولاً عن آخرته.. سواء كان من أصحاب النعيم ،أم من أصحاب السعير. الله سبحانه وتعالى قد بين في كتابه العزيز الطريق للانسان طريق الخير ،وطريق الشر وقال: «وهديناه النجدين»،وعليه أن يختار ،وهو مسئول عن اختياره ،خيراً أم شراً.. ويتحمل نتائج هذه المسئولية ،ومحاسب عليها ،يوم يبعث الناس جميعاً أمام رب العباد ليسألوا عما عملوا ،وبموجب الاعمال تصدر الاحكام ،من الحاكم المطلق ،فاطر السماوات والأرض ومابينهما ،فتتحدد في الاحكام الجزاءات والعقوبات ،في يوم لا مفر للانسان من حساب وعقاب ،وثواب ارحم الراحمين.. يوم لاوساطة ،ولارشوة ،ولامجاملة ،ولامحسوبية ،ولاتدخل يستطيع اسقاط أوايقاف الاحكام ،أوتنفيذها ،فذلك اليوم يوم البعث ،يوم الحشر كل سينال الجزاء المناسب والعادل ،دون تفريق أوتمييز.. فالحاكم والمحكوم سواء ،والرئىس والمرؤوس ،والمسئول والمواطن والشيخ والرعوي ،والوزير والخفير ،والملك والخادم ،والغني ،والفقير جميعهم سواسية أمام العزيز الحكيم.. فالملك والغني والقدرة ،والقوة والحكم لله وحده «والأمر يومئذ لله» لامنجيك ،ولامغيث لأحد إلا عمله. «فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره، فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية، وأما من خفت موازينه فأمه هاوية ،وماأدراك ماهية ،نار حامية» صدق الله العظيم لذا فالانسان مدعو أن يتقي الله في حياته.. والتقوى تعني مخافة الخالق ،وانتقامه ،ومكره ،وعذابه.. وطمعاً في ثوابه وجنانه ،ونعيمه ،وخلاصة التقوى أن تأتي اوامره ،وتجتنب نواهيه في حياتك كأب في أسرتك ،وجار لجيرانك وكمسئول ،وموظف ،وعامل ،وتاجر وصانع ،وزارع ،وبناء ،أو كائناً من كنت.. فاداء العبادات لا تنجيك من مكر الله «ويمكرون ويمكر الله ،والله خير الماكرين» أي أنك يا ابن ادم لن تنجو من عذاب الله بادائك العبادة ،مالم تتبع وتزامن بين العبادة وبين العمل والسلوك والممارسة والعلاقات المستقيمة والأمينة مع من تربطك به علاقة سواء كانت علاقة أسرية وقرابة وجيرة ،أو علاقة عمل ،أو علاقة منافع ،أو علاقة وصاية سواء كانت وصاية على مال أيتام ،أو مال عام أو مال خاص. وعلى كل منا أن يحذر مكر الله.. بالذات وأن الله قد حذرنا.. حتى نكون حذرين في كل لحظة وحين.. حتى لا نفاجأ بالواقعة.. وحينها لا مجال للندم.