وقفت عند قوله تعالى(فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) فوجدت أن الجزاء لايكون في الآخرة, كما يراه كثير من المفسرين وحسب, بل يكون في الدنيا والآخرة, وقد قال شاعر حكيم: لايعدم الخير من يفعل جوازيه لايذهب العُرف بين الله والناس فالإنسان لابد أن يلقى مايعمله من عمل في الدنيا قبل الآخرة, لأن عدالة الله مطلقة وهو ماتؤكده دلائل الحياة بشكل واضح ومباشر.. أما مايعرض للمحسنين الأخيار الأبرار من مشكلات وأمراض وأدواء ومصائب فهو رفع درجات وابتلاء من الخالق لادخل للعمل فيه, فسيدنا أيوب من الأنبياء ابتلي بمرض عضال ترفيعاً لدرجاته وكذا سيدنا يوسف اتهم بخيانة عزيز مصر فرمي بالسجن وبعض الأولياء والأنبياء قُتلوا ظلماً وعدواناً، فهذا لايعني أنهم يستحقون ماحل بهم لأنهم لم يفعلوا الخير أو لأنهم أشرار, ولكن لأن حكمة الله اقتضت ذلك.. وبناءً عليه فإن الغالب أن صانع الخير لابد ان يرى نتيجة صنيعه الخير, محبة في قلوب الناس ورد جميل مباشر, كما أن صانع الشر يواجه أضعاف مايصنع, فيعيش نكداً مغموماً لايستطيع دفع كثير من المشكلات والصعاب.. وحديث الذين حبسهم المطر في الكهف الذي أغلقت بابه صخرة ضخمة, فتوجهوا إلى الله, يذّكر كل واحد منهم ماصنعه من عمل صالح مشهور ومعروف, فإذا بالصخرة تنفتح شيئاً فشيئاً حتى خرجوا ونجوا جميعاً!! هناك مقياس لما يمكن أن يكون من بلاء هل يستحقه الإنسان في حياته, إذا كان بلاء خزي أو بلاء رفع درجات ومقامات فنعود لحياة الإنسان وسلوكه فإذا كان سلوكه حميداً بين الناس وعرض له موقف امتحان سلبي في الحياة كمرض أو فقر أو نحوهما فإن هذا ابتلاء درجات وكرامات ومقامات والعكس صحيح. (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) قال أحد الصالحين: إني لأجد جريرة ماأفعل من سوء في وجه دابتي.. نسأل الله العافية.