8/11/2006 كل يوم و «الروتي» يفقد شيئاً من حجمه ووزنه حتى فقد نصفه في غضون خمسون يوماً فقط.. ولا بوادر للتوقف قريباً، مثلما لا تتوقف وزارة التجارة عن إصدار بيانات بأرقام مهولة لمخالفين تم ضبطهم. «20» مليون ريال نثريات غرفة عمليات وزارة التجارة حتى نهاية أكتوبر، فيما كل شيء في السوق لم يتزحزح من مكانه بل يزداد سوءً.. وأكثر من خمس إجتماعات عقدتها الحكومة مع التجار ولم تحسم المفاوضات بعد كما لو أنها «ملف إيران النووي».. مع أن معادلات وموازنات الأسواق مسألة حسابية رقمية لا تقبل الإجتهاد. أصحاب الأفران بعد أن قلصوا حجم الرغيف والروتي إلى النصف، إبتكروا نموذجاً بين الحجم الجديد والقديم بضعف السعر، وبموافقة وزارة التجارة وإن كانوا غير صادقين في إدعائهم فالمصيبة أعظم، لأن معنى ذلك أن الوزارة ليست لديها فرق تفتيش في الأسوق كما تدعي.. وأقول بكل صراحة أن فرق التفتيش في العاصمة متهمة بتقاضي أتاوات يومية من أصحاب المحال التجارية بغير وجه حق، وأنا أتطوع لمرافقة الأخ الوزير إلى المحال التجارية ليسمع ذلك بنفسه. منذ أكثر من شهر وتقارير وزارة التجارة تنهمر على وسائل الإعلام حاملة أرقام بالآلاف عن تجار مخالفين ضبطتهم فرق التفتيش، لكن حتى اليوم لم تصدر الوزارة تقريراً يؤكد أن هؤلاد المخالفين تمت إحالتهم للقضاء، وصدرت أحكام بحق أي واحد منهم.. فمتى إذن ستتم محاكمتهم ليصل علمهم إلى الآخرين فيكونوا عبرة تردع كل من تسول له نفسه التلاعب بقوت الشعب..! وفي ظل هذا التهاون وعدم الوضوح كان من حق الشارع أن يتقبل أي إشاعة بهذا الشأن حتى لو كانت أن هؤلاء المخالفين يتم إطلاق سراحهم بتسويات مالية بعد ساعات من ضبطهم.. والعهدة على إشاعات الشارع! اليوم أصبح الرغيف والروتي مقياس بقية السلع التي في الأسواق.. أينما تذهب تجد من يرفع السعر، وحين تنتفض بوجهه، وتحاول تقعص شخصية المواطن الغيور يخرج لك من جيبه حبة روتي أو رغيف ويقول لك: هذا بعشرة ريال ياأخي.. أنا مثلك أريد أن أعيش وعندي أسرة..! حجة قوية لا أحد يصمد بوجهها، فكلنا تأخذنا الرأفة بهؤلاء الكادحين.. وكلنا نفكر كيف يعيش هؤلاء العاملين في غير محافظاتهم ممن نراهم يستأجرون الدكاكين ليتخذوا منها منزلاً لا يكلفهم الكثير من أجرهم اليومي! إذا كان هناك من يود التحدث عن إجراءات حكومية بشأن الأزمة السعرية، فنؤكد أن الإجراءات مازالت خلف أبواب صالات الاجتماعات المغلقة، ولم تنتقل بعد إلى الأسواق، ومتى ما إنتقلت إلى الواقع سنعرض صفوفنا على إمتداد شوارعنا لتحية، ولزفه بالتكبير والتهليل إلى مقر عمله.. رغم أن من المفارقات أننا كلما تحدثنا عن المعالجات الحكومية يرد علينا المسئولون بأن سعر السكر إنخفض مع أن الذي إنخفض هو سعر السكر العالمي، وكان من المفترض أن يتراجع سعره محلياً إلى أدنى مما كان عليه قبل شهر رمضان لكنه حتى اليوم مازال أعلى من ذلك السعر، لأن تجار السكر لم يجدوا من يسألهم ماهو عذرهم في عدم تخفيض السكر عن سعره السابق!؟ الحقيقة التي يجب أن لا نخفيها هي أن أسعار الخدمات باختلافها إرتفعت، وأن أكبر المتضررين هم ذوي الدخول المحدودة من الموظفين العاملين في قطاعات مختلفة.. وفي ضوء ذلك فإن معدلات الفساد لا يتوقع أن تتراجع، بل سترتفع إذا لم يتخذ المعنيون في وزارة التجارة والصناعة الإجراءات الحازمة إزاء هذا العبث بمقدرات الشعب. المشكلة هو أن الحملات الرقابية والتفتيشية مازالت بعيدة عن المتسببين الحقيقيين بارتفاع الأسعار، فالسرطانات التي تحاول العبث بسكينة الأمن الغذائي اليمني مازالت بعيدة عن الحساب والعقاب، ومحمية بتوجيهات المسئولين عن تخطيط مسارات هذه الحملات.. ولو كانت الوزارة جادة في إجراءاتها فنحن ندعوها إلى تعميم أسماء المخالفين على وسائل الإعلام ليعرف الرأي العام من هم الذين ضبطتهم وزارة التجارة.. هل كانوا تجاراً بمعنى الكلمة أم أصحاب بقالات وعربيات لا حول ولا قوة في الدفاع عن أنفسهم! وليس لهذا الأمر وحسب بل ايضاً ليخاف الآخرون الفضيحة والعار الذي سيحلقهم حين يشار إليهم بالبنان بأنهم لصوص لقمة الشعب. ها نحن وسائل الإعلام نضع إمكانياتنا في خدمة الحرب على الفساد، ونجازف بتحدي هؤلاء المفسدين الذين لا يخافون الله.. فلماذا لا تضع الدولة يدها بأيدينا في حلف يدافع عن كل اليمنيين وكل الإنجازات الوطنية!؟.