منذ ارتفاع الأسعار الأخيرة تضاءل حجم قرص الرغيف والروتي، وتحول الأمر إلى أشبه بذوبان الشمع، حيث انخفض حجم الاثنين إلى أدنى مستوى له، وتحول إلى شبيه بالقلم، يمكن أن تضعه في جيبك لا في كيس، وبات على رب الأسرة أن يدفع ثلاث مرات أكثر عما كان يدفعه في السابق لسد الأفواه الجائعة التي تنتظره في المنزل!!.. قضية رغيف الخبز هي قضية اليوم .. أقول هذا والوضع المتعلق بحياة الناس سيسير من السيئ إلى الأسوأ، والأكثر من هذا أن الجهات المعنية غائبة عن الرقابة والمتابعة لجشع التجار الذين حوّلوا المواطن إلى جثة بلا روح، وأصحاب المخابز عصروا هذه الجثة أكثر من اللازم تحت يافطة "أن كل شيء ارتفع سعره من الدقيق إلى الغاز وغيرهما من الأشياء الضرورية اللازمة لصنع رغيف الخبز". والجانب الأكثر لفتاً للاهتمام أنه كلما وجّه الرئيس الحكومة ممثلة بوزارة الصناعة والتجارة بفرض مزيد من الرقابة على المخابز والأفران الشعبية؛ تضاءل حجم الرغيف والخبز، الأمر الذي يجعل أمر الرقابة الحكومية على المخابز أمراً صعباً للغاية، أو كأن هناك اتفاقاً بين التجار وأصحاب المخابز من جهة والمراقبين الحكوميين من جهة أخرى على سير هذا السيناريو!!. نحن نتمنى أن يتخذ المسؤولون في وزارة الصناعة والتجارة قرارات جريئة وشجاعة في ضبط المخالفين من التجار وأصحاب المخابز والأفران وإحالتهم إلى القضاء، صغاراً كانوا أم كباراً. ونتمنى من القضاء أن يقوم بواجبه الحقيقي ويقدم هؤلاء المخالفين إلى وسائل الإعلام ويعمل على التشهير بهم ويتخذ الإجراء المناسب لإعادة الأمور إلى سكتها الصحيحة. إن حالة اللامبالاة التي يتسم بها المعنيون تجاه مصاصي دماء الشعب هي حالة مخزية حقاً، إذ أنه من حق الشعب أن يعرف من هم الناس الذين يعملون على التلاعب بقوته، وأن يراهم خلف القضبان متهمين ومدانين. لقد تحمل الشعب الكثير في انتظار أن تعود الأمور إلى نصابها، وأن تتحمل الجهات المختصة مسؤولياتها تجاه معيشته التي تتراجع يوماً عن يوم، لكنه يشعر أن تلك الجهات خذلته، بل في أحايين كثيرة تساعد التجار على التهام حقوقه. اليوم يجد المواطن نفسه وحيداً في ساحة المواجهة مع جشع التجار، خصوصاً أن الحلول الترقيعية التي تتخذها الدولة في الوقت الحاضر لم تجد نفعاً. لهذا فإن المطلوب من الحكومة الالتفات الجدي لهذه القضية والبدء بالتحرك الصحيح لمعالجتها، خاصة أن بوادرها السيئة بدأت تؤثر على كل مواطن، وبالذات المواطن الذي بالكاد يوفر لقمة العيش الكريمة له ولأولاده. لتكن مهمة الحكومة إنسانية بالدرجة الأولى، وتبدأ التحرك من أجل إنقاذ الناس من الغلاء الذي صار يزحف بشكل مخيف على حياة الناس في السنوات الأخيرة، وتقديم ما يشفع لها بأنها حكومة تضع مصلحة المواطن في أولويات مهامها. ولينزل الوزراء والمسؤولون الكبار منهم والصغار، وعلى رأسهم أعضاء الحكومة والبرلمان إلى الشارع ويرون معاناة الناس الحقيقية، لأن ذلك قد يجعلهم يدركون كم هي معاناة الناس حقيقية، وكم هي حاجتهم إلى وجود حكومة قادرة على فرض النظام والقانون على الجميع دون استثناء.