- التفاؤل الذي لازمنا طول الفترة السابقة لانعقاد المؤتمر العام الرابع لحزب الإصلاح انتهى مبكراً بعد أن أخفق دعاة التغيير والتحديث في الحزب من تجديد بعض الدماء في القيادات العليا، فوجدنا أنفسنا وجهاً لوجه مع نفس الأرقام التي لم يعد أحد في اليمن لا يجيد حساب معادلاتها!. وبما أن الوجوه هي نفسها التي عادت إلى المربع الأول في قيادة الإصلاح، كان من الطبيعي أن (تعود حليمة لعادتها القديمة) في أسلوب صياغة البيان الختامي من حيث (السخط) المعتاد على كل شيء في اليمن.. ورغم أنني تأملت لأكثر من مرة في البيان الختامي عسى أن أجد جانباً أشاد به الإصلاح وأوصى بتعزيزه، وتنميته لكن للأسف لم يحمل البيان إشادة وامتنان إلا بجهات حصرها ب(المرشح فيصل بن شملان، والمناصرين له أيام الانتخابات، والشيخ/ حميد الأحمر، والعاملين في قاعة أكسبو، والمشاركين في المؤتمر العام الرابع للإصلاح).. وما خلا ذلك فهو باطل!. كمراقب لا ناقة لي ولا جمل مع حزب بعينه كنت متحمساً فعلاً للتغيير في حزب الإصلاح لأسباب كثيرة: أولها أنه ثاني أكبر الأحزاب اليمنية، ويمتلك طاقة بشرية منافسة، وثانياً لأنه أكثر الأحزاب تنظيماً وانضباطاً داخلياً، ويعمل بنظم مؤسسية، وثالثاً لأن قيادته فشلت في استثمار هاتين الخاصيتين لتشكيل مركز ثقل سياسي موازن لثقل الحزب الحاكم، نظراً لاحتكارها مراكز صنع القرار في الحزب، وبناء قراراتها، واتجاهات عملها الوطني بمزاجية محدودة، وغير مسؤولة غالباً ما تؤسس على خلفية مصالحها الشخصية، وأسلوب المداراة الذي يحميها.. وبحسب معرفتي بالكثير من أعضاء الإصلاح كنت دائماً أكتشف أن في صفوفه طاقات شبابية خلاقة، والكثير من العناصر المتميزة برؤاها الفكرية السياسية والثقافية، علاوة على نقاء سرائرهم في تحليل شئون البلد، ورسم أبعاد مستقبله.. لكن هؤلاء جميعاً لا يمنحون الفرصة للمشاركة في صنع القرار السياسي للحزب.. كما لا يمنح لهم استحقاقهم الطبيعي في التدرج التنظيمي وتبوؤ مراكز قيادية ولو على مستوى القيادة الوسطية.. وبالتالي تحولوا إلى كوادر وطاقات مهدورة لا ينتفع منهم الحزب ولا الوطن. ومع أن مثل هذه المشكلة موجودة لدى بقية الأحزاب اليمنية، لكن الأمر بالنسبة للإصلاح مختلف كونه الحزب الوحيد الذي يحمل مؤهلات المنافسة في الساحة الوطنية، وهو ما يجعل الجميع يسلط الأضواء عليه، ويجعل أي خطأ مهما كان صغيراً مرصوداً لساحة الرأي العام.. لذلك كان الإحباط واضحاً جداً عند الكثير من الزملاء والإخوة في الإصلاح بعد أن (عادت حليمة لعادتها القديمة).. في وقت كان الجميع متفائلاً بخروج (حليمة) من قيادة الإصلاح، والإتيان بكوادر مجددة لنهجه وأسلوب عمله السياسي تترفع به عن أسلوب السخط الدائم، والتذمر من كل ما حوله، ونكران الكثير من التزامات المرحلة الراهنة.. حزب الإصلاح الذي استبق موعد انعقاد المؤتمر الرابع بتصريحات مكثفة تؤكد أن المرأة ستحظى بمشاركة تزيد عن 15%، خرج بالأمس من مؤتمره دونما اعتراف بحق المرأة بترشيح نفسها رغم ان قاعة مؤتمره العام ضجت بالتصفيق لإحدى الأخوات حين طالبت بكلمتها توسيع حريات ومشاركة المرأة لأكثر من15% وكان التصفيق الحار يترجم تطلعاً عاماً للمشاركين لكن البيان الختامي ترجم تطلع وفهم قيادة الإصلاح (المخضرمة) الجاثمة على صدور أكثر من أربعة آلاف مشارك أخفقوا في ترجمة تصفيقهم إلى قرار. ولعل الأغرب أن يخرج المؤتمر الرابع بتوصية لفسح المجال أمام عضوات الإصلاح للكتابة في صحيفة (الصحوة) الناطقة بلسان الحزب!. فكيف لحزب بحجم الإصلاح أن يتحول طموحه إلى حق كتابة المرأة في صحيفة الحزب، وليس حقها في امتلاك صحيفة؟!. ربما (الحرس الثوري) في قيادة الإصلاح لم يبلغهم العلم أن الصحف اليمنية تعج بأقلام الأخوات من عضوات الإصلاح، وان بينهن من صارت تقف في مصاف نخب الثقافة اليمنية.. لذلك أقول: كان على الإصلاحيين الإصرار على خروج (حليمة) من الإصلاح التي تتمسك بعادتها وعقليتها القديمة، فيما بقية كوادر الحزب تعيش عالماً آخر..!.