نريد مواطناً يتصرف بطريقة عقلانية ،ومتوازنة بحيث يستخدم عقله استخداماً صحيحاً،وبمنأى عن أية تأثيرات أو مؤثرات للخرافات والشعوذات التي اتسع نطاق أنشطتها في هذه الأيام وغدت تعلن عن نفسها بلافتات وعناوين بارزة وعريضة.. نريد الطالب يتعلم في صغره منذ مراحل التعليم الأولى كيف يحترم الوقت ومواعيد المدرسة وكيف أن إهماله وتقاعسه عن تنظيف أسنانه صباحاً ومساءً يسبب له تسوساً في أسنانه.. وأن تناوله لأية فواكه أو خضروات بدون غسلها تتسبب له بحالات من الإسهال والآلام والأمراض المعوية،لأن الهواء وكل ماعلى هذه الأرض من زراعة أو سلع وأغذية مكشوفة مليء ومحمل بالبكتيريا وغيرها، بل ان العديد من الخضروات تكون محملة بماهو أخطر من ذلك من الطفيليات والأوبئة ..نريد من المزارع البسيط وغيره من الناس أن يعرفوا :ان استخدام المياه الراكدة لايجوز ولاتصلح للاستخدام الآدمي ، فلربما كانت مليئة ومشبعة بجراثيم«الملاريا» أو خلاف ذلك من الجراثيم..وأن البرك الموجودة بعدد من مناطق الأرياف وبشكل أكثر بالمساجد وهي على طريقة أيام زمان بها فتحات لتصريف المياه هي خطر مدمر ليس على صحة المصليين وحسب وإنما على صحة وسلامة القرية بكاملها لأن البعوض الذي يولد ويترعرع بداخلها يطير بعدئذٍ لنقل المرض إلى أي إنسان. ونريد من مهندس البلدية والأشغال عند بناء وإقامة أي مبنى أو أي مشروع من المشاريع أن يجري الاختبارات اللازمة للتربة وطبقات الأرض لمعرفة قوة ومتانة الأرض..ونريد من أطبائنا ومثقفينا والعاملين من الأطباء النفسانيين والمجال الاجتماعي نريد منهم الوقوف والبحث في أثر وتأثير تعاطي «القات» على ضوء وخلفية حوادث القتل والاقتتال اليومية بين أبناء المجتمع ..ومدى تأثير القات على نوم المتعاطي وعلى قابليته للطعام وعلى سلامة جهازه الهضمي والعصبي خاصة إذا علمنا أن معظم الذين يتعاطون القات هم ممن يدخنون السجائر أو«المداعة» ويفرطون باحتساء الشاي والقهوة وخلاف ذلك. ثم إنهم لايأخذون القسط الوافي من النوم، ثم يصادف احتكاكهم لأي سبب من الأسباب مع أقرانهم في الحي أو في العمل أو في أي موقع من المواقع ،وعندئذ تكون أعصابهم رخوة متشنجة لتراكمات قلة النوم وسوء التغذية وخلاف ذلك،فلا يستطيعون السيطرة على أعصابهم عند أي احتكاك،فإذا بأحدهم وقد ارتكب حماقة بحق أخيه وهو بحالة شبه جنونية بتأثيرات شتى من آثار القات والسهر والتغذية غير الصحية التي تؤثر على أعصابه وعلى حواسه واجهزته المختلفة.إن المرء يشعر بالحيرة والارتباك لطبيعة وأحوال الإنسان العربي هذا،الذي كلما تقدم العالم وقطع أشواطاً في مجالات العلوم المختلفة حتى بلوغ الكواكب الأخرى.فإذا به أي الإنسان العربي يعود بتفكيره وخطواته القهقرى حيث عصور الإنحطاط والجهل المعيب..بل إننا لو عدنا إلى فترات منصرمة من مراحل تاريخنا البعيد فإننا قد كنا أفضل حالاً وأكثر وعياً واستنارة مما نحن عليه اليوم في العديد من البلدان..وأما الإنسان اليمني فإن أهم وأبرز معوقات إنطلاقه نحو غدٍ أفضل، وحياة أكثر سعادة هي أنه يعيش في حالة قلقة وغير مستقرة لبعض الأسباب المشار إليها آنفاً ولأسباب أخرى تتنازع أفكاره وقواه.لتصل إلى قناعاته،خاصة إذا استسلم لرغباته اليومية التي تجذرت بهذا الواقع المعاش أو بعبارة أصح ثبتتها عادات اجتماعية وباتت كنمط ثابت لهذا المجتمع وأن كل واحد منا له أقران وزملاء لابد أن يتعاطى معهم القات يومياً ،ومن ثم فإن تعاطي القات له تبعات أخرى..وقبل أن يضمن القات فلابد له من توفير احتياجات البيت من أغذية ضرورية...ماأريد أن أخلص إليه هو إننا إذا لم نحاول أن نغير من نمط حياتنا اليومي،فإن مشكلاتنا اليومية بما يرافقها من تصرفات ومعطيات لكل واحد منا كلٍ بحسب ظروفه ومكانته والمحيط الذي يعيش فيه،فإن مشكلاتنا ستزداد وتتضاعف لتتمخض عنها معضلات ومصائب،كما نرى ونسمع ونشاهد في كل يوم عبر الصحف التي تبين حجم ومقدار الحوادث التي تحدث في أكثر من منطقة.. ولاأدري كيف ولماذا أعزو مثل هذا الكم الهائل من الجرائم والجنايات هل إلى حالة الرخاوة والاهتزاز للقيم التي ألمت بالعديد من أبناء المجتمع أم إلى الظروف المعيشية للعديد من الناس،أم إلى المواد الكيماوية التي تستخدم على مزروعاتنا من الخضروات والفواكه خصوصاً على شجرة «القات» التي تنال قسطاً أوفر من تلك المواد ،علاوة إلى أن معظمنا يفضل تعاطي القات دون غسله ؟؟. أم إلى أننا بحال من التخلف والجهل بحيث لانعرف كيف نتغذى ونختار نوعيات وأصناف الأغذية المفيدة لنا صحياً،ولانعرف كيف ومتى ننام نوماً عميقاً يمكننا في صباح اليوم الثاني من القيام بواجباتنا على أكمل وجه ولانعرف حتى كيف ومتى نمشي وفي أي الأوقات ولامتى نستخدم وسائل المواصلات؟ وإذا اقتنينا أي جهاز أو آلة فإننا لانجيد طرق الاستخدام الصحيحة فنشاهد شبابنا يفرطون بالوقوف والجلوس أمام شاشات التلفزيون لساعات طوال وأمام برامج لاتسمن ولاتغني من جوع..بينما ثمة برامج بهذه الأجهزة ذات قيمة عالية لكل الأعمار ..ثم إن كل شعوب العالم بما فيها تلك الشعوب التي تصدر لنا هذه الأجهزة المتطورة لايديرون أو يضغطون على زر التلفاز إلا بأوقات معلومة ومحددة وللبرامج القيمة والهادفة..قبل أيام كنت في نزهة إلى منطقة «الضباب» وعند مجرى المياه هناك شاهدت عدداً من بائعات الخضار وبعض الفاكهة أوقفنا السيارة أو بالأصح صديقي أوقف السيارة وقال ماأروع هذه «الكراث» أمام تلك البائعة..ثم نزل واشترى رزمة كراث وعاد إلى السيارة وقد استل رزمة صغيرة من الرزمة الكبيرة التي بيده بعد أن حشا فمه بالعديد منها وأخذ يمد إليّ بالبقية الباقية،فقلت له كيف تتناول خضرة غير مغسلة ومنظفة.نظر إليّ غير مبالٍ بما أقول وقال:إن طعم ولذة مثل هذه الخضار ينتهي بعد الغسل..قلت له متعجباً هكذا!!. قال:أجل..وبعد ثلاثة أيام أسأل عنه فإذا به ملازم لفراشه،ما الأمر والسبب ؟قيل لي: بسبب إسهال شديد ألم به،وحالة تلوث ولربما «أميبيا»..وهناك الأغلبية الساحقة من الذين يتعاطون القات يومياً ورأيهم من رأي صاحبي هذا وكلنا نعلم عدد حالات مرضى السرطان في البلاد.هذا علاوة إلى أدخنة المركبات والسيارات التي أخذت بالإزدياد..فإذا لم نستطع أن نرشد تناولنا وتعاطينا واستخدامنا لكافة الوسائل الحضارية وما أقرت به تقنيات العلم والتكنولوجيا فاقرأوا على شبابنا وحياتنا السلام..هناك وهم يسيطر على بعض الشباب في أن القات ينشط الذهن.لكنني أؤكد وعن تجربة أن المرء إذا ماتناول طعام الغداء،واستلقى لمدة نصف ساعة تزيد قليلاً،ونهض وتناول فنجان شاي بدون حليب أو كأس بن،فإن هذا يعطيه صحوة وحضوراً لكل مايريد أن يتذكره.. وأما في الصباح فيكفيه أن ينام نوماً عميقاً ثم يصحو ويفطر فطوراً معتدلاً ويحتسي قبل الفطور بنصف ساعة كأساً من الشاي أو القهوة..ويمكنه تكرار الشاي أو القهوة بين ساعة وأخرى عندئذ فإنه سيشعر بصفاء ذهني لا حدود له..وأما القات فنادراً ما يجد المرء نوعاً منه ينشط الذهن..وأما أكثر أنواعه فإنه يشوش الذهن،ويشتت الأفكار ويجعل الصور والأفكار تتداخل في مخيلة المرء بحيث يصعب عليه التقاط أو تسجيل أية جملة أو عبارة مفيدة وهذا القول عن تجربة.. وأقسم أنني أسطر ماأسطر بعد أن تناولت كوباً من الشاي فقط..ولربما لو أنني تعاطيت القات وكان من الأنواع الرديئة ،لما استطعت أن أسطر سطراً واحداً.. ثم لاأدري لماذا هذا العزوف عن الرياضة ألا نعلم أن لأجسامنا علينا حق من الرياضة والحركة..وأن الركود وطول الجلوس يفسدان الدم.مثلما يفسد الماء الراكد،كما جاء!! لاأقول بالعلم الحديث وإنما ما جاء به الإمام الشافعي رضي الله عنه،حيث قال في قصيدة عصماء لم أعد أتذكر منها سوى أبيات من المقدمة والنهاية والوسط ففي بدايتها يقول: سافر تجد عوضاً عمن تفارقهم وانصب فإن لذيذ العيش في النَّصب إلى أن يقول: والعود في أرضه نوع من الحطب ثم يختتم قصيدته قائلاً: إني رأيت ركود الماء يفسده إن سال طاب وإن لم يجر لم يطب وهذا البيت الأخير جاء العلم ليؤكده ويؤكد صحة النظرة تجاهه..خاصة إذا علمنا كيف يفرز البعوض يرقته بالمياه الراكدة التي تكون حاضناً طبيعياً للملاريا..أكتفي بهذا القدر وإلى لقاء قادم بمشيئة الله..