اليوم.. تظهر العقبة الكأداء التي تعيق الصهاينة عن التقدم نحو السلام مع العرب.. إنهم يُفصحون تماماً ولأول مرة عن سلامهم غير الحقيقي، الذي يريدونه مؤقتاً مع العرب ومع الفلسطينيين.. ويكفي دليلاً على ذلك قبولهم للمبادرة العربية كأساس للتفاوض حول السلام لكن دون حق عودة اللاجئين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في حدود الرابع من حزيران 1967م من القرن الماضي. إن الصهاينة لا يقبلون بالمبادرة العربية، ولا يعترفون بها إلا كأساس للتفاوض العربي الصهيوني، وهو تفاوض تطيله وتعرّضه وتوقفه الصهيونية متى تشاء.. الأمر الذي يتطلب من العرب عدم التفاوض مع الصهاينة إلا بعد اعتراف وقبول الصهاينة بالمبادرة العربية للسلام في المنطقة، وكاملة غير منتقصة. ف«رايس» وزيرة الخارجية الأمريكية جاءت إلى الشرق الأوسط للالتقاء باللجنة الرباعية العربية في أسوان، كما التقت مديري المخابرات في الدول الأربع، وكل ذلك قبل القمة العربية، بغرض أن تؤثر على وحدة العرب هذه المرة وتثير الخلاف بينهم كما جرت العادة لإفشال القمة العربية، أو على الأقل لقبول القمة بالتعديلات التي يراها الكيان الصهيوني، لكنها فشلت وانهزمت مساعيها هذه المرة أمام الإجماع العربي حول المبادرة، ورفض أي تعديلات عليها. فشل «رايس» انعكس إلى موقف آخر، ففي عشية اليوم الأول قبل انعقاد القمة العربية بدأت تغير من لغتها المهادنة المرنة، وتعود إلى نفس اللغة الأمريكية الصهيونية.. إذ صرحت بأن الحكومة الفلسطينية تعيق أي تقدم نحو السلام، بينما العكس هو الصحيح، وذلك من خلال الممارسات الصهيونية لتهويد القدس واستمرارهم في الحفر حول المسجد الأقصى، واعتقالهم للنواب الفلسطينيين، واستهدافهم للقادة الفلسطينيين بالاغتيال، واستمرار عدوانها على أراضي السلطة، وقتل أطفال وشيوخ ونساء فلسطين.. إن الكيان الصهيوني هو الذي يعيق السلام بممارساته، وبرفضه للمبادرة العربية، وليس كما تقول «رايس» إن الحكومة الفلسطينية هي التي تعيق مسيرة السلام. إن السياسة الأمريكية الصهيونية تقبل المبادرة دون حق العودة، وتأجيل حكاية الحدود، وذلك لأنهما لا يريدان سلاماً حقيقياً.. إنهم يريدون كسب الوقت، وتوطين الفلسطينيين اللاجئين حيث هم في لبنان، وفي الأردن، وفي سوريا.. لماذا؟! حتى يكونوا قنابل موقوتة تفجر متى يشاؤون لضرب الأمن والاستقرار في بلدان المنطقة، ويريدون دولة فلسطينية دون حدود نهائية.. لماذا؟! كي تتحرك العصابات العسكرية الصهيونية مداً وجزراً كيفما تشاء، وحسب أهداف تحددها، وهو ما يجب أن يحذر منه القادة العرب ما لم.. فيطلب من الولاياتالمتحدة ومن فرنسا، ومن معهم في إلغاء حق العودة بأن يقوموا أولاً بتوطين اللاجئين وبالمواطنة الكاملة والمتساوية في كل من الولاياتالمتحدةوفرنسا وكندا وبريطانيا.. هل يقبلون؟! لا أعتقد أنهم يقبلون. وعلى أي حال، فالقادة العرب يحتاجون لخطوات لاحقة في حالة عدم قبول الصهاينة بها، والتوقيع عليها.. بحيث لا يكون التفاوض سوى لجدولة زمنية تقوم بموجبها الحكومة الصهيونية بتنفيذ الاتفاقية بنداً بنداً.. ابتداءً من الانسحاب، ثم تحديد الحدود، ثم العودة.. حينها يبدأ العرب بتنفيذ التزاماتهم.