الجامعات مؤسسات إعداد وتأهيل الموارد البشرية وهي مؤسسات مرجعية باعتبارها مؤسسات بحثية وهي مؤسسات تنموية باعتبارها مؤسسات لخدمة المجتمع ولذلك فهي معنية على نحو مباشر بالإسهام في حركة التنمية وخدمة المجتمع..وعليها تعوّل الدول بمختلف مشاربها واتجاهاتها في صناعة المعرفة، وتوطين العلم وتطور أوعيته وادواته وإعداد العقول البشرية لاستعياب دورها في هذا السياق وبقدرات إعداد وتأهيل عالية في التعامل مع المتغيرات العلمية والتقنية، وفي طبيعة الاختصاصات واستجابتها لقيم المجتمع من ناحية، وتلبية طموحاته وحاجاته المتنامية من ناحية ثانية،وإشباع طموحات الطلبة وتطلعاتهم المعرفية والمهنية. لهذا كله تمنح الجامعات الاستقلالية الأكاديمية والمالية والإدارية وفق قواعد وضوابط ومعايير تتحدد عن أساس المعايير العالمية الحاكمة لمؤسسات التعليم العالي بعامة والتعليم الجامعي بخاصة، وبما يشيع في أجوائها مناخاً حراً في البحث العلمي وانتاج المعرفة، وكذا إكساب الطلبة مهارات الحوار وإعمال العقل،والتعامل مع أوعية المعرفة والبحث العلمي ومصادرهما المختلفة، والاستفادة من التقنيات ووسائل الاتصال وبما يمكنهم من التعبير عن ابداعاتهم وقدراتهم وطاقاتهم الكامنة، باعتبار الجامعات المتنفس العلمي الاكاديمي والمصنع الذي يوائم بين مايمتلكه الطلبه من مواهب وقدرات عقلية ومايتلقاه وما يحيط به في المناخ الجامعي من معرفة وعلم وخبرات ومهارات لينتج من التلاقح التعليمي التعلمي، والتثقيف والتنوير بين هذه وتلك أفراداً مواطنين قادرين على الوفاء بمسئولياتهم تجاه الوطن على ميزان دقيق وموضوعي عن الحقوق والواجبات، وبوعي تام ومدرك لمعاني الانتماء، وسمو المصلحة العليا للوطن.. هذا الوطن المملوء حرية وانتماء لايمكن ان تنتجه الجامعات، وهي تفتقد لمناخات الحرية الاكاديمية المقننه وفق معتقد وقيم المجتمع وموروثه الحميد من ناحية والافتقار للخبرة الاكاديمية وأدوات صناعة التراكم واكتساب المهارات التي من شأنها صياغة تلك الشخصية المؤمنة بالوطن، والملتزمة بمسئولياتها تجاهه، والمتمتعة بعقلية عملية مرنة في التعامل مع نواتج المعرفة وحقائق العلم بعيداً عن الغلو أو التفلت ويكون بين ذلك قواماً.. تأسياً على كل ذلك تقاس الدول من حيث تقدمها وتطورها في صناعة العلم والمعرفة بوضع الجامعات فيها ومدى امتلاكها لمناخات اكاديمية حرة ومتجددة ودائمة العطاء والاسهام في رفد حركة التنمية وحاجات المجتمع لأسباب النهوض والتنمية المعرفية والعلمية في سياقاتها الثقافية والتقنية وتجويد موارد المجتمع والارتقاء بها كماً وكيفاً وبمايعود بالنفع على الدولة والمجتمع، على الفرد والجماعة.. من المؤسف ان الحكومات السابقة لم نلمس منها ذلك الاهتمام الذي ينبغي ان تحظى به الجامعات، وسارت في تحويلها إلى مؤسسات خدمية يخضع أعضاء هيئات التدريس والقيادات والبنى والاحتياجات لما يخضع له غيرهم من الموظفين والهئيات وكأنها ليست مؤسسات علمية لها خصوصيتها وايلاؤها اهتماماً خاصاً لايعني تفضيلها والانتقاص من غيرها بقدر مايعني اعطاءها ماتستحقه وتمليه طبيعة وظائفها، والذي لايمنع ان تحظى بقيه الهئيات ماتستحقه من عناية وفق خصوصيتها الوظيفية.. ومن الامور المهمة يفترض بالحكومة الجديدة الوقوف عليها، هي :. 1 الاستقلالية الأكاديمية، المالية والادارية لتتمكن الجامعات من النهوض بمسئولياتها وبما يجعلها قادرة على الإسهام الفاعل في صناعة التقدم وصياغة المستقبل، وليقرأ أعضاء مجلس الوزراء حال الجامعات في العالم وفي دول الجوار العربي ويعملوا وفق المعايير العالمية المتعارف عليها في هذا السياق. 2 النظام الخاص برعاية اعضاء هئية التدريس ومساعديهم،وفق ماهي عليه أهوال وأوضاع نظرائهم في الجامعات العربية والعالمية،فلا يجوز أن يطبق نظام التقاعد بذات المعايير المعمول بها في الأجهزة الحكومية الأخرى فالاستاذ الجامعي كلما تنامت سنوات خدمته مع احتفاظه بقدرات عقليه، وصحة جسدية تمكنه من الأداء الفاعل والمفيد، ينبغى عدم التفريط فيه خاصة وبلادنا تدخل مجالات الدراسات العليا وتعتزم تفعيل البحث العلمي..وبدون أصحاب الخبرات المتراكمة كيف يمكن ان تحقق هذه البرامج غاياتها التنموية والعلمية.. المحزن أن يقال إن الإحالة للتقاعد ضرورية ولايمنع من ابرام عقود مع من تم إحالتهم، وهذا القول فيه فائدة مالية مباشرة لعضو هئية التدريس ولكنه قول يكلف البلاد الكثير ولا أعتقد أن القدرات المالية في وضع يساعد على مثل هذا الإجراء حيث يمكن الاستفادة منها في ميادين آخرى والحكمة تقول طالما والاستاذ الجامعي بوضع صحي وعقلي يساعد على عدم التعاقد معه فلماذا لانمدد في خدمته وبراتبه مثل غيره من الاساتذة ونحقق بذلك النفع للجامعات ومواردها البشرية والمالية والله من وراء القصد.