لو لم يكن الإيمان موجوداً بالقضاء والقدر لتوقف الكثيرون عن السفر في الخطوط الطويلة، وفضلوا البقاء في مدنهم خوفاً من أن تحصد أرواحهم «السيارة» التي تحولت بعقلية سائق مجنون إلى «طائرة» أو خطوط ضيقة يعتبر السفر فيها مخاطرة!!.. قد لا تصدقون أن ستين ألف حادث مروري تسببت خلال السنوات الخمس الأخيرة في وفاة 12ألف مواطن، وإصابة 75 ألفاً، وأن رقم الوفيات بسبب الحوادث المرورية واصل تصاعده بشكل مذهل في العام الماضي، والذين انتقلوا إلى رحمة الله 2711 ، بينما أصيب ما يصل إلى 1788 .. والرقمان «طبعاً» صدرا بشكل رسمي من وزارة الداخلية، وقد يكون «والله أعلم» الرقم الحقيقي أكبر والوفيات أكثر!!. وليس بعيداً أن يتزايد الرقم في الأعوام القادمة.. والحلول والمعالجات مازالت طي الدراسات والنقاشات.. وإذا ما خرجت إلى حيز الواقع فإن تطبيقها يبقى العائق الذي تفشل الأجهزة المختصة في تجاوزه. أمس الأول قال الدكتور/رشاد العليمي، نائب رئيس الوزراء، وزير الداخلية كلاماً مهماً عن الحوادث وأسبابها، وما هي الإجراءات التوعوية والقانونية، وكيف يجب أن تكون أيامنا كلها «أسبوع مرور». لكن من يسمع.. ومن يفهم عند سائقين متهورين لا تعني لهم «الروح» شيئاً، ومن يقرأ ما هو «المهم» وكيف يطبق الإجراء القانوني الحازم عند بعض إن لم أقل أكثرية من رجال المرور يغضون الطرف ويتعاملون بالطريقة المرورية الشهيرة «ثلثين وثلث!!» في أبسط المخالفات وأكبرها؛ دون مراعاة حتى لأبجديات القانون!!. ولكي أستفيد من أيام أسبوع المرور المخصصة للإرشاد والتوعية أتمنى من الدكتور/رشاد العليمي الذي يعرفه الجميع مثقفاً وحازماً وواعياً ومسؤولاً ناجحاً أن يوجّه الإدارة العامة للمرور وفروعها بأن تكون التوعية مستمرة .. وأن يرافقها تطبيق حازم للقوانين دون مراعاة لأحد أو دون أن تدخل «أبوألف أو خمسمائة» في إراقة دم القانون!!. وعلى سبيل المثال.. كم هي الحوادث التي أودت بحياة الكثيرين ليس خارج المدن، ولكن داخلها.. وبالتحديد في العاصمة صنعاء.. وبتحديد أكثر في الجولات ومنها جولة «السبعين»؟!. إنها كثيرة.. والسبب فيها بسيط جداً، وهو عدم وجود توعية مرورية لكيفية السير في الجولات وعدم تطبيق القانون على من يخالف القاعدة المرورية المعروفة الخاصة بالجولات (الأولوية للقادم من جهة اليسار). في مدينة عدن.. الجميع ملتزمون.. والقادمون من كل المحافظات الأخرى أيضاً ملتزمون بنظام الجولات، وسير السيارات يتم بسهولة، لكن الأمر في أمانة العاصمة يختلف تماماً. ولو أن إدارة المرور كثفت التوعية كما عملت مع «العاكس» لمدة زمنية قصيرة ثم طبقت القانون بصرامة لامتثل الجميع، وخير دليل هو أن انتهاء آخر يوم في المهلة الخاصة بنزع لواصق العاكسات أظهر التزام الجميع كبيراً وصغيراً!!. وليس جديداً أن نقول: إن سيارات الأجرة هي التي تتسبب في معظم حوادث الخطوط الطويلة.. وسائقو «البيجوت» تعودوا على المغامرات بالسرعة الجنونية وبالتجاوز الخطر، وبالأضواء العالية وبسيارات مهترئة.. ولم يجدوا من يحاسبهم أو يعاقبهم!!. وحتى نسمع عن إجراءات حازمة.. وعقوبات رادعة تشمل سائق البيجوت «الطائر» أو سائق «الحكومي» أو «الشرطة» أو «الجيش» الذي لا يقف عند الإشارة الحمراء.. ويقطع «الرصيف» بعنجهية واضحة.. أنصح جميع السائقين بالتعقل وتطبيق مقولة «قيادة السيارات في اليمن دفاع عن النفس» فكونوا حذرين، وتجنبوا من يهاجمكم من الطائشين والمغامرين، واعتبروهم «مجانين» وأنتم فقط العقلاء؟!. وقفة المقدم/سمير الخلقي، مدير مرور همدان.. رجل أمني متميز بأخلاقه العالية.. وبحسن تعامله وبفهمه العميق للقانون.. كما أنه بثقافته الواسعة وحرصه على التميز في رسالة الماجستير يؤكد أن العملية الإرشادية والتوعوية المرورية تحتاج رجالاً مثقفين أمثاله يحولونها إلى رسالة يومية لا موسمية.. أو بحسب الطلب!!. [email protected]