كما يبدو أن عدوى السرعة الجنونية قد انتقلت من أصحاب السيارات (البيجوت) إلى سائقي (باصات) النقل الجماعي.. وليس هناك من يضبط أو يحاسب أو يراقب.. وكأن أرواح الناس لا قيمة لها.. يبقى من بقي.. ويذهب من ذهب!.. كنا نشتكي وننتقد بشكل دائم ظاهرة السرعة الجنونية لسيارات الأجرة في الخطوط الطويلة.. وكيف أن نقل الركاب في تلك الخطوط بدأ يتوسع إلى أن أصبحت السيارات المكشوفة (الهايلوكس) تأخذ من البشر أكثر العدد.. من سيارات (البيجوت) وتطير في سرعة متوازية لسرعة البيجوت في الخطوط الطويلة بين المدن.. وأي حادث بسيط يخلف وراءه قتلى ومصابين بأعداد كثيرة (مجهولة) وتتحول سيارات البيجوت والهايلوكس إلى (فرامة) تطحن البشر وتحولهم في لحظات بسيطة إلى أكوام من الجثث.. وظللنا نتابع ظاهرة سيارات (الموت) أو ما يسمونها بالنعوش الطائرة.. ولم نجد أي تفاعل من الجهات المختصة في جانب التوعية أو في إطار حملات المراقبة وتنفيذ القانون وتطبيق العقوبات فازدادت الحوادث واستمرت الخطوط الطويلة تشهد سباقات (الموت) بين سيارات (متهالكة) وسائقين (مجانين) لا تهمهم الروح البشرية على الإطلاق ولا يحسبون لها أي حساب.. وبالقدر نفسه استمرت تقارير المرور يومياً وأسبوعياً وشهرياً تزودنا بأرقام مخيفة عن عدد الحوادث والضحايا!!. وبدلاً من أن تبدأ الظاهرة الخطيرة في التلاشي.. أو أن تخف حركة السير (الجنونية) في الخطوط الطويلة أو تتواجد الكاميرات وسيارات الشرطة لضبط المتجاوزين وتغريمهم وإحالتهم للقضاء أو تطبيق العقوبة المنصوص عليها قانونياً.. نتفاجأ أن لا شيء من ذلك يحدث.. وأن التجاوزات مستمرة.. والأرواح تتطاير يوماً بعد يوم وكأننا في سباق مع الزمن في كم ستحصد الخطوط الطويلة من أرواح!. الآن.. وصل أمر النعوش الطائرة إلى (باصات) أو حافلات النقل الجماعي وإن تعددت المسميات.. ففي حين كنا نجد شركات النقل الجماعي تحرص على تقييد السائقين في سرعة معينة وتراقبهم وتقوم في أوقات مختلفة بالاستغناء عن أي سائق يعرض الركاب للخطر أو لا يهتم بأرواح البشر.. ها نحن نسمع شكاوى كثيرة عن بعض سائقي (الباصات) الكبيرة ممن يسابقون الرياح في خطوط السفر وخاصة في الأيام الأخيرة من رمضان.. وأيام العيد وما بعده.. ولا من يقول لهم لماذا؟!. هذا الأمر.. لا يجب أن تتعامل معه الإدارة العامة للمرور بالسكوت أو بالتجاهل أو بإغماض العينين، فأهميته تسبق أهمية أشياء كثيرة.. وإحاطته بالاهتمام أو المتابعة وتطبيق القانون أصبح ضرورة لا يمكن أبداً إغفالها لأننا نسمع ونقرأ يومياً عن حوادث مخيفة ومرعبة تحصد أرواحاً كثيرة.. ولا جديد في أمر التوعية.. ولا في الضبط.. ولا في المحاسبة.. ولا حتى في المراقبة.. وكأننا نشكو من زيادة عدد السكان ونسكت عما يحدث من إزهاق للأرواح في حوادث المرور وبأعداد كثيرة لنحقق انخفاضاً ولو نسبياً في العدد الذي يتجاوز العشرين مليون نسمة.. فهل يعقل هذا؟!. [email protected]