تعد الجامعة واحدة من أهم مؤسسات التنشئة السياسية والتربية المجتمعية على قيم المواطنة الحقيقية في أي مجتمع من المجتمعات الحديثة، وهي كذلك المؤسسة التي توكل إليها مهمة مواكبة التطورات التي تشهدها مجالات العلم المتعددة بشتى الميادين والتخصصات، وإجراء أبحاث علمية ودراسات في مختلف ميادين المعرفة، والعمل على تطويعها واستيعابها والاستفادة منها في بناء وتنمية مجتمعاتنا، ويقتضي ذلك أن يحتل البحث العلمي قمة الأولويات في سلّم اهتمامات الجامعات، وأن يكون في مقدمة الاهتمامات اليومية لعضو هيئة التدريس في الجامعة، شأنه شأن التعليم، أو التدريس. والواقع أن الجامعات تتفاوت فيما بينها حول الأهمية التي توليها للوظائفها الثلاث الأساسية: التدريس، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع. وفي الظروف العادية يفترض أن تنجز في الجامعة العديد من البحوث السنوية، وأن تقام فيها العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية وحلقات النقاش أو ورش العمل المرتبطة بخدمة القضايا الوطنية التنموية والمجتمعية وبتطوير المناهج الدراسية لمواكبة متغيرات العصر ومتابعة الاتجاهات الحديثة في كافة المجالات البحثية والعلمية. في هذا الإطار وإيماناً من «جامعة إب» بأهمية الدور المناط بها في خدمة العلم والبحث العلمي والاهتمام بقضايا الوطن والمجتمع اليمني، واحتفاءً بالعيد السابع عشر لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة الذي ستحتضن فعالياته ومهرجاناته مدينة إب الدرة الناصعة الجمال فيجبين اللواء الأخضر وعاصمته السياحية، أعدت الجامعة برنامجاً حافلاً بالعديد من الأنشطة والفعاليات، ستشمل تدشين العديد من المشاريع والإنشاءات الجديدة التي تضاف إلى مباني وكليات الجامعة وتعزيز البنية التحتية للجامعة، إلى جانب مشاركة الجامعة بالعديد من الأنشطة المصاحبة لاحتفالات المحافظة بأعياد الوحدة اليمنية، مثل: تنظيم معارض للكتاب، ومعارض للإبداعات الفنية الخلاقة التي أبدعتها أنامل الموهوبين والمبدعين من طلاب وطالبات الجامعة وصقلتها خبرات كادر تدريسي كفء، وكذا مشاركة طلاب الجامعة من كليتي التجارة والتربية في المهرجان الكرنفالي والشبابي الذي سيقام يوم الثاني والعشرين من مايو بالعديد من اللوحات الفنية والتراثية والتي تتضمن العديد من الرسائل عن حب الوطن والانتماء إلى الأرض، وعن السلام والتسامح والمحبة إلى شعوب الأرض قاطبة، كما تتضمن أنشطة الجامعة تكريم جيل الرواد من مؤسسي الجامعة وكلياتها المختلفة بمناسبة مرور عقد من الزمن على تأسيس الجامعة عرفاناً بالدور الكبير الذي قاموا به في سبيل الارتقاء بمستوى الجامعة ومخرجاتها إلى مصاف الجامعات اليمنية والعربية العريقة، وكذا تكريم الدفعة الجديدة من المتخرجين من الجامعة. إلى جانب تلك الأنشطة والفعاليات التي حرصت جامعة إب على تدشينها بمناسبة الاحتفالات الوطنية بأعياد الوحدة ستحتضن قاعة الوحدة في مبنى رئاسة الجامعة خلال 15 17 من الشهر الحالي «مايو» فعاليات الندوة العلمية عن «الوحدة اليمنية والألفية الثالثة» تحت شعار: «معاً نحو مزيد من التلاحم والتقدم وتحقيق التنمية الشاملة» وهي المبادرة التي تمت باقتراح من رئاسة الجامعة، وسيناقش المشاركون على مدى ثلاثة أيام العديد من الأوراق التي تندرج ضمن محاور الندوة الأربعة، وهي: المحور الأول: المسار التاريخي للوحدة اليمنية. المحور الثاني: المنجزات التنموية التي تحققت في ظل الوحدة. المحور الثالث: الوحدة اليمنية والتحولات الإقليمية والدولية. المحور الرابع: التحديات. بادرة طيبة أن تحتضن «جامعة إب» فعاليات هذه الندوة العلمية في خضم التحديات التي تواجهها دولة الوحدة اليمنية داخلياً وخارجياً، والأهم من ذلك أن تعود قضية الوحدة اليمنية وسبل تحقيقها والحفاظ عليها إلى واجهة النقاش والبحث العلمي باعتبارها قضية القضايا، بغرض تذكير جيل الوحدة اليمنية بعظمة المنجز الوحدوي الذي تحقق لشعبنا اليمني العظيم يوم الثاني والعشرين من مايو1990م، وبقصد التوثيق العلمي لحدث الوحدة اليمنية المباركة، ودراسة المنجزات التنموية العديدة التي تحققت في ظل دولة الوحدة اليمنية، وبيان التحديات التي تجابه دولة الوحدة في الألفية الثالثة، ووضع التصورات والحلول العلمية والعملية المناسبة لمجابهة تلك التحديات والصعوبات. والذي نرجوه أن تصبح مثل هذه الندوات والمؤتمرات العلمية بنفس المستوى من الإعداد والتنظيم والحضور والمشاركة المكثفة من الباحثين تقليداً سنوياً على الأقل، وأن تحظى كليات الجامعة ولو بالتناوب بين الكليات الإنسانية والتطبيقية بفرصة تنظيم ندوة أو مؤتمر سنوي، يناقش العديد من الموضوعات وما أكثرها التي تحتاج إلى عقد مؤتمرات وندوات علمية، وأن يتم الانفتاح على الباحثين من دول الجوار الإقليمي والعربي لإثراء أدبيات الندوات والمؤتمرات وتبادل الخبرات العلمية والبحثية، وألا تقتصر الدعوة على الباحثين من داخل اليمن، وهذه دعوة نضعها بين أيدي الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة. والمتوقع أن يشارك في هذه الندوة بحسب الأوراق العلمية المقبولة من اللجنة المنظمة للندوة عدد كبير من المهتمين ومن علماء التاريخ اليمني ورجال الفكر والسياسة والاقتصاد والاجتماع والتربية وغيرها من التخصصات من كل الجامعات اليمنية ومراكز البحوث، جنباً إلى جنب مع العديد من الشخصيات التي أسهمت في صنع الحدث الوحدوي العظيم، أو التي كانت قريبة من مصادر القرار. والأكيد أنها ستكون فرصة كبيرة للمهتمين والباحثين للقاء وتبادل الخبرات والأفكار، وكذلك هي فرصة لطرح رؤى مستقبلية عن سبل مواجهة التحديات الجسيمة التي تواجه دولة الوحدة اليمنية. وقعت بين يدي مجموعة من الأوراق العلمية التي عرضت على اللجنة العلمية، وبقدر سعادتي الغامرة لحجم الاستجابة الكبير سواء للمشاركة بأوراق بحثية أم للحضور بنية الاشتراك في جلسات النقاش التي تلي استعراض تلك الأوراق الذي قوبلت به الدعوة الموجهة من الجامعة إلى الباحثين والمهتمين، وللمستوى العلمي الكبير والرصانة الفكرية التي تميزت بها تلك الأوراق التي تقدم بها الاخوة الباحثون من الجامعات اليمنية ومراكز البحوث بقدر ما كان بحثي منحصراً على القاسم المشترك والرابط الذي يجمع بين الموضوعات المتعددة التي طرحتها تلك الأوراق بحسب المحاور المتنوعة التي اشتملت عليها مطوية الندوة، وبالرغم من مشقة المهمة التي التزمت بها بالنظر إلى كثرة الأوراق والمحاور فإنني أرجو أن أكون قد وفقت إلى حد كبير في العثور على ذلك الرابط، والمتمثل في الدعوة إلى مجابهة التحديات السياسية والعسكرية والتنموية التي تقف بطريق دولة الوحدة اليمنية عبر «إشاعة ثقافة الوحدة بين أبناء المجتمع اليمني بكافة شرائحه وأطيافه السياسية، وتعميق الوعي الاجتماعي لدى كافة شرائح المجتمع بها، وتعميق إيمان الأجيال الناشئة بأهميتها وتعزيز الولاء الوطني لها». لست أرغب في استباق مخرجات الندوة التي ستنعقد يوم الثلاثاء القادم، لكن الأكيد أنها ستخرج بالعديد من التوصيات والنتائج الهامة لتعزيز التلاحم الوطني والتقدم الاجتماعي، وستحاول توصيف الآليات الكفيلة بتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في مجتمعنا اليمني، والأكيد أنه ستكون لنا عودة أخرى للحديث عن نتائج هذه الندوة إن شاء الله تعالى.