يبدأ أول الشهر وتتجدد رحلة الهموم.. والغموم.. إيجار.. كهرباء.. ماء.. تليفون.. معيشة.. مواصلات .. مدارس .. وعلاج وكثير مما يشتت الذهن .. ويرهق العقل .. ويفقد الصواب.. إذا لم يوقف النبض.. ويجمد القلب!!. ما نسميه ((راتباً)) ماذا بوسعه أن يفعل أمام كل تلك ((الالتزامات)) وما نسميه ((قلباً)) ماذا بمقدوره أن يتحمل من تلك ((الضربات)).. اللهم احفظنا من الجلطات!. مسكين ذلك الذي يطل على العام الأربعين.. سمعته يئن بصوت مذبوح وهو يقول: ((فصلوا الكهرباء)) الله رقيبهم وحسيبهم. عبدالله حريص على أن يسدد كل شهر.. وليس عليه متأخرات.. والفاتورة الأخيرة تسلمها قبل أيام ومبلغها يصل إلى ألفين وستمائة ريال.. والشهر لم ينته.. لكن الرحمة.. والرأفة انتهت . وأولئك موظفو الكهرباء مع ((السُلّم)) يمارسون هواياتهم تحت مبرر ((أنا عبد مأمور))!!. وللتذكير .. مازالت نسبة بيع ((الشموع)) مرتفعة.. وكما يبدو أن ليس هناك مجال للاستغناء عنها!!. .أمين.. ذهب إلى الاتصالات وسدد فاتورة التليفون ((الثابت)) وبعد نهاية الدورة وإصدار الفاتورة التي تلتها لاحظ أن هناك مبلغاً دخل في خانة ((المتأخرات)) وحين أبرز آخر فاتورة ((مسددة)) لم يجد من يبرر له السبب في وجود متأخرات بالرغم من أن السداد يتم أولاً فأولاً!؟üüüü خالد.. له خمسة أولاد وزوجة.. يقول: الأسعار ذبحتنا، وكلما انتظرنا أن تنخفض ترتفع بصورة جنونية.. وإذا أردت أن تعرف حجم المأساة اسأل بكم العلبة ((الزبادي)).. والصفيحة ((السمن)).. والكيلو السكر.. والأرز وكل المواد الغذائية.. ولا تنس أن تسأل بكم اللتر الماء!. أنا أعرف يا خالد.. ولن أسأل.. فقط . سأسأل التجار ورجال المال والأعمال: هل مازال فيكم عرق ((ضمير)) ينبض.. اتقوا الله في الضعفاء.. والمساكين!. لم يتمكن من سداد ما عليه من دين لصاحب ((البقالة)) التي تجاور منزله.. حاول تقسيط المبلغ .. فبقي عليه عشرون ألف ريال.. وبعد خمسة أيام من استلام ((المرتب)) تفاجأ بعسكري من قسم الشرطة يجرّه من كتفه من أمام الشقة التي يسكنها.. وهناك بقي يوماً كاملاً وراء القضبان.. وتبرع أحد ((الأشاوس)) ليقول له: إذا لم تدبر عشرة آلاف ريال سيتم تحويلك غداً إلى النيابة ومنها إلى السجن الاحتياطي، فباعت زوجته حلقتها الذهبية ((المتبقية)) فدفع الرجل حق "ابن هادي" وغادر قسم الشرطة والتزم خطياً بسداد ما عليه للبقالة الشهر القادم!!. عمار.. شاب نموذجي.. وذكي.. تخرج من كلية الإعلام بتقدير جيد جداً.. ولم يجد وظيفة حتى الآن.. يعيش على ما يحصل عليه من ((إنتاج فكري)) من الصحيفة التي يتعاون معها. يقول عمار: مازلت أسكن ((دكاناً)) بعيداً عن أسرتي التي تسكن ((القرية)) واضطررت إلى تقسيط وجباتي اليومية الثلاث إلى وجبة واحدة!!. [email protected]