كما هو حال مولداتها ومحطاتها العتيقة التي أكل عليها الدهر وشرب لاتزال مؤسسة الكهرباء تعيش بنفس العقلية القديمة حيث لاتزال تصر على استخدام فئتي «الريال والفلس» في تعرفة فواتير الاستهلاك فنجد مثلاً في فاتورة معينة أن قيمة الاستهلاك من الكهرباء هي «2112» ريالاً و«70» فلساً، فكيف سيدفع المستهلك ذلكما الريالين وال«70» فلساً المذكورة في الفاتورة، والجميع يعرف جيداً أن فئة الريال لم تعد متداولة ولايتم التعامل بها فمابالكم بالفلسات!!.. أم أن هذه الفئات لاتزال متداولة لديهم وذات قيمة! وإذا كانت كذلك فإنهم للأسف لايزالون متأخرين جداً عن الواقع وبعيدين عن تطورات السوق النقدي الذي تجاوز التعامل بفئة الريال والفلس وأصبح قريباً من تجاوز التعامل بفئة الخمسة الريالات التي صارت في وقتنا الراهن بلاقيمة حقيقية. وإذا كانوا يدركون أن فئة الريال لم تعد متداولة إلا عندهم فهذا أمر يثير أكثر من علامة استفهام على شاكلة : لماذا الإصرار على التسعير بهذه الفئات وهم يعرفون جيداً عدم واقعية ذلك؟! وهل هناك أهداف ومآرب أخرى من وراء التسعير بتلك الطريقة ؟! ولماذا لايتم الاستناد إلى الواقع في هذه المسألة بحيث ينتهي المبلغ المطلوب إما بالخمسة أو العشرة الريالات وهي أدنى الفئات المتداولة حالياً. فمايحدث هو أن المواطن عندما يذهب لتسديد الفاتورة فإنه يدفع أكثر مما هو مدون فيها حيث يتم تقريب المبلغ لأقرب عشرة أو خمسة.. ولكن ماذا لو فرضنا مثلاً أن أحد المواطنين أراد أن يسدد قيمة فاتورته البالغة «2112» ريالاً و «70» فلساً، ولم يكن بحوزته سوى «2110» ريالات فقط، أي أقل من ريالين و «70» فلساً عن القيمة المدونة في الفاتورة، فهل سيتم التغاضي عن هذا النقص؟! طبعاً لا.. إذاً أين تذهب تلك الريالات والفلسات الزائدة إذا ماافترضنا مثلاً أن هناك خمسة ملايين مشترك فقط كلهم يدفعون ريالات وفلسات زائدة عن القيمة الحقيقية في فواتيرهم ؟! وغير بعيد عن الكهرباء دعونا نطرح سؤالاً : ماهي إمكانية أن تكون قيمة فاتورة الكهرباء لشهر معين هي نفس القيمة في الشهر الذي يليه أو الذي يسبقه ؟!. فهذا التساوي غير المنطقي في حجم الاستهلاك لأشهر متتالية يثير الريبة والشك في كيفية احتساب المؤسسة مقابل خدماتها للمستهلكين.. فهل من المعقول أن يستهلك الشخص كهرباء بنفس القدر والكمية كل شهر؟!.. يبدو ذلك معقولاً لدى المؤسسة وهو ماحدث معي شخصياً، حيث أتت فواتير أشهر نوفمبر وديسمبر ويناير متساوية في القيمة تماماً حتى بعدد الفلسات، مع أنه وعلى الأقل الشهور الثلاثة مختلفة في عدد أيامها، شهران «31» يوماً وشهر «30» يوماً.. وبالتالي لا بد وأن يكون هناك فرق ولو بريال فقط أو حتى فلس، أما أن تأتي الفواتير الثلاثة بهذا التطابق التام فإننا أمام احتمالين لا ثالث لهما: الاحتمال الأول هو: أن استخدام الكهرباء من قبل المستهلك تتم وفق برمجة دقيقة تحدد الوقت المخصص للاستخدام بالساعة والدقيقة والثانية بل والجزء من الثانية لتصبح بنفس القيمة الثابتة كل شهر. أما الاحتمال الثاني فهو: أن المؤسسة عندما تصدر فواتيرها فإنما تصدرها جزافاً وبطريقة مزاجية بحتة لا علاقة لها بحجم الاستهلاك الفعلي فأي الاحتمالين أرجح وأقرب لماهو حاصل نترك الحكم للقارئ.