الاتحاد العربي لكرة القدم يختار الجمهور الأفضل في الجولة الأولى لكأس العرب 2025    الاتحاد العربي لكرة القدم يختار الجمهور الأفضل في الجولة الأولى لكأس العرب 2025    71 يومًا بين الظلام والصمت .. صرخة أهالي المختفين قسريًا    قوات درع الوطن تتسلم معسكرًا لأبرز ألوية المنطقة العسكرية الأولى في صحراء حضرموت    الهجرة الدولية تسجل نزوح 50 أسرة يمنية خلال الأسبوع الفائت    قوات درع الوطن تتسلم معسكرًا لأبرز ألوية المنطقة العسكرية الأولى في صحراء حضرموت    فقيد الوطن و الساحه الفنية الشاعر سالم زين عدس    الصحفي والأديب والقاص المتألق عزالدين العامري    شركة بترومسيلة تصدر بيانًا بعد ساعات من مواجهات عسكرية في محيطها    رئيس حركة النجباء: حكومة السوداني لا تمثل الشعب العراقي    صنعاء.. البنك المركزي يحدد الجهات التي سيتم عبرها صرف نصف مرتب أكتوبر 2025    البرلمان الجزائري يصادق على أكبر موازنة بتاريخ البلاد لعام 2026    شباب الراهدة يتأهل إلى نهائي بطولة الشهيد الغُماري في تعز    ( ظل السقوط )    انتقالي عتق ينظم مسيرة جماهيرية احتفالًا بانتصارات القوات الجنوبية في عارين وحضرموت    "الاحتفال بالتحرير .. أبناء حضرموت والقوات الجنوبية يكللون عملية المستقبل الواعد بالانتصار"    سياسيون يطلقون وسم #المستقبل_الواعد_الجنوب_ينتصر ويشيدون بانتصارات القوات المسلحة الجنوبية    حضرموت وشبوة.. قلب الجنوب القديم الذي هزم ممالك اليمن عبر العصور    المنتخب اليمني يفتتح بطولة كأس الخليج بفوز مثير    قبائل جبل رأس والعدين ومقبنة في الحديدة تُعلن النفير العام    الرئيس المشاط يعزّي مستشار المجلس السياسي محمد أنعم في وفاة والده    تدشين حصاد القمح المحسن في جحانة بمحافظة صنعاء    وزير الصناعة يتفقد أسواق مأرب ويشدد على ضبط الأسعار    منتخبنا الوطني يستهل مشواره في بطولة كأس الخليج بالفوز على العراق    تسجيل هزة أرضية في خليج عدن    الخارجية الفلسطينية ترحب ببيان قادة مجلس التعاون الخليجي    الكثيري يتفقد جرحى القوات المسلحة الجنوبية في مستشفى سيئون العام    دعوة للتركيز على المستقبل    مشروع جديد لصون المعالم الدينية والتاريخية في البيضاء    تحذيرات من انهيار جديد للدينارالعراقي وسط قفزات الدولار    صنعاء.. شركة الغاز تمهل مالكي المحطات لتحويلها إلى محطات نموذجية    هيئة الآثار تنشر أبحاثاً جديدة حول نقوش المسند وتاريخ اليمن القديم    الأرصاد يحذر من تشكّل الصقيع على أجزاء من المرتفعات    اتفاق المكلا حبر على ورق.. والنخبة تعلن السيطرة على المسيلة ومصير مجهول ل"ابن حبريش" و"العوبثاني"    تراجع الذهب مع توخّي المستثمرين الحذر قبل اجتماع «الفيدرالي»    ريال مدريد يعود لسكة الانتصارات ويواصل مطاردة برشلونة    أرسنال يعزز موقعه في القمة وتشلسي يسقط وليفربول يكتفي بالتعادل    مصادرة الأصول الروسية تهدد الاتحاد الأوروبي بخسائر ضخمة تتجاوز 190 مليار دولار    المنتخب اليمني يواجه العراق في افتتاح كأس الخليج تحت 23 سنة    ماذا وراء إسقاط حضرموت والمهرة    وكيل وزارة الكهرباء يلتقي فريق التوعية ومتابعة تفعيل الخط المجاني بهيئة مكافحة الفساد    عاجل: اللواء محسن مرصع يسلّم مواقع المهرة للقوات الجنوبية ويجسّد الوفاء للجنوب العربي    مدير فرع الأحوال المدنية بذمار: نحرص على تقديم النموذج الأرقى في خدمة المواطنين    اختتام الدورة التدريبية الخاصة بأمناء المخازن وموزعي الادوية في الشركات    دراسة حديثة تكشف دور الشتاء في مضاعفة خطر النوبات القلبية    تأخير الهاتف الذكي يقلل المخاطر الصحية لدى المراهقين    قرار حكومي بمنع اصطياد وتسويق السلاحف البحرية لحمايتها من الانقراض    عن الطالبانية الجامعية وفضيحة "حمّام الطواشي"    إدارة ترامب توقف رسمياً إجراءات الهجرة والتجنيس للقادمين بعد 2021 من 19 دولة بينها اليمن    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    مواطنون يشكون تضرر الموارد المائية لمناطقهم جراء الأنفاق الحوثية في إب    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    جاهزية صحية قصوى في وادي حضرموت وسط مخاوف من تطورات وشيكة    الهيئة النسائية في تعز تدشن فعاليات إحياء ذكرى ميلاد الزهراء    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربعون عاماً على الهزيمة
نشر في الجمهورية يوم 05 - 06 - 2007

سأبدأ مقالي هذا بمقطع من قصيدة نزار قباني الشهيرة ((هوامش على دفتر النكسة)) التي يقول فيها :
إذا خسرنا الحرب لاغرابة
لاننا ندخلها..
بكل مايملك الشرقيُّ من مواهب الخطابه
بالعنتريات التي ماقتلت ذبابه
لأننا ندخلها..
بمنطق الطبلة والربابه
السرُّ في مأساتنا
صراخنا أضخم من أصواتنا
وسيفنا أطول من قاماتنا
سأبدأ مقالي هذا بمقطع من قصيدة نزار قباني الشهيرة ((هوامش على دفتر النكسة)) التي يقول فيها :
إذا خسرنا الحرب لاغرابة
لاننا ندخلها..
بكل مايملك الشرقيُّ من مواهب الخطابه
بالعنتريات التي ماقتلت ذبابه
لأننا ندخلها..
بمنطق الطبلة والربابه
السرُّ في مأساتنا
صراخنا أضخم من أصواتنا
وسيفنا أطول من قاماتنا
سأبدأ مقالي هذا بمقطع من قصيدة نزار قباني الشهيرة ((هوامش على دفتر النكسة)) التي يقول فيها :
إذا خسرنا الحرب لاغرابة
لاننا ندخلها..
بكل مايملك الشرقيُّ من مواهب الخطابه
بالعنتريات التي ماقتلت ذبابه
لأننا ندخلها..
بمنطق الطبلة والربابه
السرُّ في مأساتنا
صراخنا أضخم من أصواتنا
وسيفنا أطول من قاماتنا
لم يكن نزار قباني قاسياً على الذات، بل كان يدفعنا للاعتراف بالحقيقة، فالعربي دائما يسمى الأشياء بغير أسمائها، فالهزيمة تصبح نكسة وبذلك كنا نمارس نوعاً من الوعي المزيف، وهو وعي كان يعفي قادتنا من المسئولية وسمح للعقليات المغامرة والمكابرة أن تجلب لنا المزيد من الكوارث ومنذ 5 يونيو وحتى يومنا هذا ونحن نتجرع الهزائم ولكننا نصرخ بأعلى أصواتنا لقد انتصرنا، انتصرنا في حربنا مع إيران فسقطت العراق مضرجة بدمائها ممزقة إلى شيعة واكراد وسنة، وإيران أصبحت اليوم من الدول التي يؤخذ رأيها في القضايا الإقليمية والدولية، ومع ذلك فقد انتصرنا عليها انتصرنا في أم المعارك وفي عماتها وخالاتها وجعلنا الجيش الأمريكي يطأ بقدمه أرض العراق ومع ذلك فنحن الذين انتصرنا. فنحن كما قال الشاعر العربي :
لنا الصدارة دون العالمين أو القبر
لا أستطيع وضع يدي على أسباب الهزيمة في 67 ولكنني سوف اكتفي بملاحظة أن السبب القاطع لم يكن قوة إسرائىل العسكرية، وإنما التناقضات الداخلية للنظام العربي.
وإذا كانت الهزيمة قد جاءت مفاجأة، فإن الآثار لم تكن كذلك. فكان طبيعياً السير نحو «الإسلام هو الحل» وكان طبيعيا ايضا انبعاث الحركات الإسلامية والحمية الدينية... إن هزيمة 67 هي المقدمة الحقيقية لمايجري بين حركة حماس وحركة فتح، ولمايجري بين الجيش اللبناني وحركة فتح الإسلام، وكذلك لمايجري في العراق والسودان وربما قريباً في سوريا.
إن مشكلتنا تكمن في أننا دائماً نقدم الأيديولوجيا على الحقيقة، بل ونلوي أعناق الحقائق في سبيل «تأكيد » أيديولوجيا الهزيمة المزمنة !
إننا بحاجة اليوم إلى طرح الاسئلة الضرورية والجوهرية بشأن أسس حياتنا، ولنبدأ بطرح الأسئلة الكبرى والضرورية.. لنبدأ بطرح الأسئلة ونسمح بها ولانخشاها.. ولكي نطرح أسئلة حرة، فإننا نحتاج إلى حرية الرأي، وسعة الصدر، ومرونة الفكر، والرغبة في الحوار، واحترام الرأي الآخر. ولكي نتجاوز هذه الهزيمة لابد من التحرر من الوسطاء والأوصياء فالدين لايفسر بالمذهب، لكنه يفسر برؤية الإنسان الجديد المعاصر واحتياجاته.
إن هزيمة 67 كانت نتاج ال«مركزية الديمقراطية» الناصرية، ولقد كان ذلك انحداراً لفكرة فلسفية قابلة للمناقشة استخدمت من أجل إسقاط المعارضين.. لم يكن الشعب، ولا الطبقة العمالية، ولا الحزب في ذلك الوقت، يجسدون الإرادة العامة وإنما مجلس الثورة. لقد عاصر الجيل الذي سبقنا، بمزيج من الإعجاب والعجز، الميلاد المندفع للأسطورة الثورية، ثم تيبس المذهب بعد تحوله إلى كتاب عقائدي، وهيمنة النظام وجموده حتى اضمحلاله أخيراً.
إن الثورة العربية التي أنتجت هزيمة 67 قسمتنا إلى قسمين، غني والآخر فقير بل معدم. ومن يومها وداخل كل مجتمع يتكرر عدم المساواة وفي كل فرد يظهر الانشقاق النفسي. إننا منفصلون عن الآخرين، وعن أنفسنا ذاتها، عبر أسوار غير مرئية من الأنانية، والخوف واللامبالاة.
إننا مازلنا قابعين في مواقعنا، ما إن نخطو خطوة واحدة إلى الأمام إلا ونتبعها بخطوتين أو ثلاث إلى الوراء إلا أننا بعد أربعين عاماً نجد أن التاريخ قد لفظنا فالسقوط متكرر ولولا محاربتنا لحرية التعبير والتفكير بصوت عال لجرت الأمور بشكل مختلف.. لقد أنجب عبدالناصر تلامذة له في كثير من الدول العربية انشأوا منهجاً عربيا في الحكم، قام على الاستبداد بالسلطة ومنع المشاركة في اتخاذ القرار واستبعاد الكفاءات ومنع التعدد وإحلاله بكتلة صماء يختلط فيها الجميع دون تمييز لملامحهم الطبقية والمجتمعية، مماجعل كل طرف يبحث عن مصلحته دون قانون يحكم العلاقات بين فصائل وطبقات المجتمع. كل ذلك جعل المجتمعات العربية تعيش حالة من التخبط الاجتماعي والاستبداد السياسي، لقد رحل كل الرموز رحلوا وتركوا المجتمع العربي دون نخب فكرية ثقافية تقوده. لقد عمل هؤلاء الزعماء اصحاب الانتصارات الوهمية في إطار سلطة لاتنتج شيئاً وسلعتها غير قابلة للطرح في الأسواق، لأن جمهورها هم قلة من الانتهازيين والانتفاعيين الذين يتقاضون أجرهم من التوزيع التعسفي للأجور ومن أمن السلطة. فأفعالهم هذه تلزمنا بالاستغفار لليبرالية طيب الله ثراها وأسكنها فسيح جناته. فالقوميون لم يمزقوا بلدانهم فحسب، بل فككوا البروليتاريا، ولم يبق من بعدهم سوى البيروقراطية التي تعرف واجباتها الدينية قبل كل شيء !
إن الفكر القومي الذي بشرونا به كان انعزالياً، وكان شعاره «لاصوت يعلو على صوت المعركة» إنه فكر يكره الغرباء والتنوع لهذا استبعد المثقفين واحتضن أصحاب النزوات والرغبات المكبوتة... لم يستفد القوميون من منهج التجربة والخطأ درساً، فأخطاؤهم لايحاسبون عليها.
لم يكتب أي منهم تقريراً عن هزيمة 1956 أو 1967 أو احتلال الكويت أو فضيحة نصر الله. إنهم يشتركون كلهم في الهزيمة، والنتائج كفيلة بوجوب نفي المقدمة: إن القومية لم تورث لنا سوى فكرة الزعيم الأسطورة، الملهم المعجزة والضرورة وبالمقابل الحكم بالدين مرتبط بالنبوة أو الخليفة أو الإمامة. إننا نعاني من اصطفائية تقوم على زعامات تفوق قدراتنا كبشر عاديين، فبذهابهم تذهب الفكرة وتقوم الحروب والخلافات أليس الخلل يكمن الآن في بنية القومية القائمة على الوحدة بالعسف ؟
إن الزعامات القومية خاضت مواجهة مع القوى الخارجية وهي رعاية إلا من قلة قليلة من أصحاب المصالح الضيقة الذين يستلهمون مطالب الشعب ويختزلونها بمطالبهم هم.
ولانستغرب اليوم الارتباط الحميمي بين القوميين وبين الإسلام السياسي وهذا الارتباط لايقف حائلاً وحسب أمام الإصلاح الاجتماعي والسياسي بل يعيد العجلة إلى الخلف ويوسع من دائرة التخلف.
لقد أصبح الوطن العربي بفضل هؤلاء أشبه بكيان أخوة بلاقشرة تحميه من الفيروسات والهوام التي تهاجمه، مايتيح أيضا لتلك الكائنات المتطرفة أن تتسلل إلى داخله، تقتات على مكوناته وأحشائه، فتنمو ويشتد عودها، حتى تفجّره من الداخل، وتنطلق منه لتعيش فساداً في سائر أنحاء الأرض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.