كم عام يكفي لتقنع امرأة أحببتها، بأنك تحبها حقاً ؟!.. وبأن مايضخه قلبك من حب، يفوق مايضخه من الدم ؟!.. هل بإمكان اللغة أن تصف حقيقة ماتشعر به من حب إزاء امرأة، وبأي مستوى من الدقة ؟! وإذا كانت اللغة هي سفير المشاعر الوحيد بين قلبين، أفلا يعني ذلك أن يكون الحب حكراً على الشعراء ؟! دوناً عن الآخرين ؟! إن اللغة هي - في أبهى صورها - انعكاس لقدرة صاحبها على التعبير، لا لمقدار مايحمله من الحب. إنها لدى الشعراء معشوقة في ذاتها، لا أداة لتوصيل العشق، وهي غاية لاوسيلة، إن الشاعر لايحب سوى مايكتبه، عندما يبدو أنه يكتب لمن يحبها. ربما في البدء لجأ البشر إلى اللغة للتعبير عن مشاعرهم إزاء من يحبون، لكنهم فيمابعد جعلوا من اللغة ذاتها إلهاً يتقربون إليه بمن يحبون، ويحرقون المشاعر بخوراً في معابد مفرداتها. صارت المرأة قرباناً ينحر حول كعبة الغزل، ويعلق على أستارها، واحتاج الشاعر إلى طابور نساء ليبقى شاعراً ويرتفع رصيده من قصائد الحب والغزل.. أصبحت خياناته مغتفصلاح الدين الدكاك اللواتي قطَّعن أيديهنّ كم عام يكفي لتقنع امرأة أحببتها، بأنك تحبها حقاً ؟!.. وبأن مايضخه قلبك من حب، يفوق مايضخه من الدم ؟!.. هل بإمكان اللغة أن تصف حقيقة ماتشعر به من حب إزاء امرأة، وبأي مستوى من الدقة ؟! وإذا كانت اللغة هي سفير المشاعر الوحيد بين قلبين، أفلا يعني ذلك أن يكون الحب حكراً على الشعراء ؟! دوناً عن الآخرين ؟! إن اللغة هي - في أبهى صورها - انعكاس لقدرة صاحبها على التعبير، لا لمقدار مايحمله من الحب. إنها لدى الشعراء معشوقة في ذاتها، لا أداة لتوصيل العشق، وهي غاية لاوسيلة، إن الشاعر لايحب سوى مايكتبه، عندما يبدو أنه يكتب لمن يحبها. ربما في البدء لجأ البشر إلى اللغة للتعبير عن مشاعرهم إزاء من يحبون، لكنهم فيمابعد جعلوا من اللغة ذاتها إلهاً يتقربون إليه بمن يحبون، ويحرقون المشاعر بخوراً في معابد مفرداتها. صارت المرأة قرباناً ينحر حول كعبة الغزل، ويعلق على أستارها، واحتاج الشاعر إلى طابور نساء ليبقى شاعراً ويرتفع رصيده من قصائد الحب والغزل.. أصبحت خياناته مغتفرة في نظر محيطه الاجتماعي، وحتى في نظر من يفترض أنها حبه الوحيد، مادامت هذه الخيانات معروضة في قوالب لغوية أنيقة ولافتة. في العصور الوسطى الأوروبية بلغ احتفاء المجتمع بالبلاغة والبديع حداً تنازلت معه المرأة عن كل اشتراطاتها التقليدية في الرجل مقابل كونه بارعاً في التشبيب بحسنها، لبقاً في الحديث إليها، وتحكي رواية «الشاعر» التي ترجمها المنفلوطي عن الفرنسية، كيف أوقعت رقّة اللغة وبلاغتها بحسناء ارستقراطية، في حب شاعر دميم.. باختصار كانت الفحولة قد انحصرت في اللغة، والنساء يقطعن أيديهن في حضرة يوسف الكليم، لايوسف الوسيم. وفي العصر العباسي كان للشاعر بشار بن برد، مجلس يسميه «البردان» تتسلل إليه سيدات مجتمع العلية، ويستسلمن ليد الشاعر الأعمى وهي تمسد أجسادهن، طمعاً في قصيدة تصف محاسنهن. واكتشف الشاعر العظيم الدميم كامل الشناوي، أن خليلته لم تكن تعشق فيه سوى شعره، أما الجسد فبحثت عنه لدى رجل آخر، وإثر خيبته راح الشناوي يصرخ «لاتكذبي إني رأيتكما معا.. ».. وكانت تلك من المرات القليلة التي ثأرت خلالها المرأة من الاستخفاف اللغوي الذكوري بها. إن اللغة هي آخر مايمكن أن تستأمنه على مشاعرك، أو تركن إليه في بثها إلى من تحب.. وفي كل قواميس الغزل ودواوين الحب، لن تعثر على غير كلمة واحدة تبثها أنفاسك ثم تصمت إلى الأبد.. كلمة واحدة فقط أحبك.. أحبك.. وكفى. تذييل كلماتنا في الحب تقتل حبنا إن الحروف تموت حين تقال نزار قبانيرة في نظر محيطه الاجتماعي، وحتى في نظر من يفترض أنها حبه الوحيد، مادامت هذه الخيانات معروضة في قوالب لغوية أنيقة ولافتة. في العصور الوسطى الأوروبية بلغ احتفاء المجتمع بالبلاغة والبديع حداً تنازلت معه المرأة عن كل اشتراطاتها التقليدية في الرجل مقابل كونه بارعاً في التشبيب بحسنها، لبقاً في الحديث إليها، وتحكي رواية «الشاعر» التي ترجمها المنفلوطي عن الفرنسية، كيف أوقعت رقّة اللغة وبلاغتها بحسناء ارستقراطية، في حب شاعر دميم.. باختصار كانت الفحولة قد انحصرت في اللغة، والنساء يقطعن أيديهن في حضرة يوسف الكليم، لايوسف الوسيم. وفي العصر العباسي كان للشاعر بشار بن برد، مجلس يسميه «البردان» تتسلل إليه سيدات مجتمع العلية، ويستسلمن ليد الشاعر الأعمى وهي تمسد أجسادهن، طمعاً في قصيدة تصف محاسنهن. واكتشف الشاعر العظيم الدميم كامل الشناوي، أن خليلته لم تكن تعشق فيه سوى شعره، أما الجسد فبحثت عنه لدى رجل آخر، وإثر خيبته راح الشناوي يصرخ «لاتكذبي إني رأيتكما معا.. ».. وكانت تلك من المرات القليلة التي ثأرت خلالها المرأة من الاستخفاف اللغوي الذكوري بها. إن اللغة هي آخر مايمكن أن تستأمنه على مشاعرك، أو تركن إليه في بثها إلى من تحب.. وفي كل قواميس الغزل ودواوين الحب، لن تعثر على غير كلمة واحدة تبثها أنفاسك ثم تصمت إلى الأبد.. كلمة واحدة فقط أحبك.. أحبك.. وكفى. تذييل كلماتنا في الحب تقتل حبنا إن الحروف تموت حين تقال نزار قباني