ذلك هو عنوان المهرجان الفضولي الذي أقيم مؤخراً في تربة ذبحان بتعز مسقط رأس فيلسوف من آل النعمان، الفضول الشاعر الفنان، شاعر الوجدان والأرض والإنسان، عبدالله عبدالوهاب نعمان، أدفأ الثقلين بأشعاره، وعاش هو البردان، بردان، وبادرة طيبة أن يقام مهرجان لأول مرة لفيلق عظيم، شاعر بحجم الوطن، الذي لاتزال نبضات قلبه يمنية بحتة فذة، مهما سكن في رمسه وتوارى في سراديبه وبرزخه. الفضول أحبّ وظل وأمسى وأصبح ومازال يحب، وانظر لعنفوان حبه حين يقول: «يا حب يا ضوء القلوب، البيض في ليل الحياة، ويا حب يا أرضي ويا سمائي، وجنة الحب حقنا، وجنة الحب تعطينا الندى والبرود، وحبيت حبيت.. حبيت.. ماشي حلمت أو تراءيت، وحبيت واخلصت في حبي لمن كان خداع، وصليت للحب، وكان الحب للقلب محراب، والحب لا يرويه ماء السماء». وارباه !! يالروعة حبك يافضول!! أين المحبون الصادقون المخلصون بحبهم لأحبابهم بعفوية وبراءة؟ لا حب يعلو فوق حب الفضول، لا كلمات تعلو كلمات الفضول في الحب والوطنية، ولا لحن يغلب لحن أيوب. الفضول وبكل حق شاعر العاطفة من الطراز الأول وقد يكون الآخر؛ لأنني لم أجد لذة قط لشعراء الغزل والعاطفة منذ العصر الجاهلي مروراً بامرئ القيس وعنترة، ودخولاً للعصر الإسلامي والأموي ومعانقتي لعمر بن أبي ربيعة ومجنون ليلى، وجميل، ووضاح اليمن، وجلوسي مع العباسيين كعلي بن الجهم، وبشار بن برد، ووصولاً للعصر الحديث وانتهاءً بالمعاصر، لم أجد غزلاً كغزل الفضول الطافح، ولا شعراً عاطفياً سهلاً إلى القلب كسهولة شعر الفضول. شعر الفضول ليس بالمكلف ولا المصطنع ولا المبذول.. شعر الفضول يسافر إلى القلوب بدون جواز للسفر، ويكتفي برفيق السفر فقط صاحب لحن أسطورة الألحان، ومرنم العيدان، فنان اليمن غنى للحقول، ودندن للبتول، غنت معه العصافير، ورددت غناءه الشحارير، ملونات الريش والمناقير، أعتقد عرفت أوصافه لدون العلم وأهل الحصافة. الفضول عاش متواضعاً ضحوكاً، ذو طبيعة سهلة انبثقت منها شعراً سهلاً ممتنعاً ألهب المحبين ولازال يلهبهم، هيج المهاجرين ليعودوا لأوطانهم، تعاون مع المزارعين وشد على أياديهم بأغانٍ مهجلية تشدهم على حراثة أراضيهم، أوقد مشاعر كل وطني غيور بأجمل أشعاره.. كل باحث ودارسٍ لشعر الفضول إلا وتلذذ ببحثه ودراسته.. كل محبٍ سار على طريقة الحب الفضولية إلا وكان محباً صادقاً في حبه.. وكل مواطن همهم بقصيد الفضول ولحن أيوب إلا وتنهد من أخمص قدميه وحتى فروة رأسه. وكل مغترب يبحث عن حريته على ثرى وطنه إلا وعاد لخلانه وأحبته عند سماعه لدرر الفضول، استودعك الله يافضول ووداعة الله يا عقلي ويا قلبي هيم مقدرش أفلت هوى نفسي وحبي المقيم، ويا من رحلت إلى بعيد..!