بعد أن تحنطت إرادة الأحزاب اليمنية بفورمالين الغلو الحزبي، استحالت روح الوطنية في كينونتهم إلى روح وثنية حزبية، ليبقى الوطن غريباً بين أبنائه، خصوصاً وقد حولته تلك الأحزاب إلى عباءة ترتديها عندما تعتلي منبر التباكي على مصلحته واستخدامه كطعمٍ في شراكها بهدف اصطياد الشارع اليمني ومن ثم تعليبه داخل معلبات حزبية تفتقر فيها أبجديات الإنسانية والمثالية والعدالة. الغريب في الأمر أن تلك الأحزاب نسيت بأن اليمن أرض حضارة وشموخ وبأن الشعب اليمني شعب حضاري بسلوكه ومعتقداته، ولن يقبل على نفسه السقوط معها في مستنقع الخيانة واللاوطنية. فمن الأحداث التي لامسناها مؤخراً رأينا زعاف تلك الأحزاب يتقاطر من ألسنتهم ونوايا التخريب تتكدسها مخالبهم في سفور لا أخلاقي أمام نبوءة الوطن وأنّاته. فالوطن مفجوع بتشظي أبنائه، والأبناء لايقيمون له وزناً، بل ويلقون بأخطائهم على كاهله حيفاً وزوراً وجهداً، ليظل أبناؤه الحقيقيون هم من يقع عليهم إزالة تلك الأعباء والهموم من على كاهله. العجيب أن هناك تغييباً لمنظومة الإنصاف فيما بين تلك الأحزاب الأمر الذي أدى إلى إغفال أبواب الحلول. فمثلاً عندما تنتقد المعارضة سلوك الحزب الحاكم تنتقدها بعقلية السامري وتحمل السم للوطن ولأنفسهم، وتريد معالجة السلوكيات الخاطئة بصلب الوطن على عتبات ظلالها. وفوق هذا كله هناك أطراف خارجية لا تفتأ في صب الزيت على النار، خصوصاً أن عملاءها في الداخل سيطر على هداهم الضلال وجذبتهم أيادي الشر.. فمثل هؤلاء العملاء سيصبح حالهم كحال قوم موسى عندما تاهوا في الأرض. ومن أين لهم أن يجدوا الأمان في أوطانهم وهم يسعون إلى بث الخوف والشتات فيها. خلاصة مايمكننا قوله هو إن هنالك إصلاحات يجب على الدولة القيام بها، وهنالك استغفارات يجب على المعارضة تأديتها. فمن الإصلاحات التي يجب على الدولة القيام بها التالي: أولاً: العمل على إيجاد قضاء إداري لإنصاف المواطنين من الأضرار التي تلحق بهم من تجني أصحاب الأكتاف العريضة، والعمل على معالجة كل ما يدخل في اختصاص هذا القضاء. ثانياً: إنزال العقاب القانوني على المفسدين والتشهير بهم وتنحيتهم من مناصبهم، مهما كانت صفاتهم ومناصبهم لأنهم أحقر من أن تقوم الدولة بالتستر عليهم، لتجنيهم على المال العام، وهذا بحد ذاته يعكس أنهم أناس ليسوا وطنيين ويعملون على ترك انطباع سيئ لدى المواطن اليمني بموظفي المؤسسات العامة. ثالثاً: إصلاح القضاء والعمل على فضّ النزاعات سريعاً بعيداً عن التسويف بقضايا المواطنين. رابعاً: الفصل في قضايا الأراضي التي اغتصبت ورد كل حقٍ إلى صاحبه. خامساً: إحالة المشرفين على المناقصات والقائمين بها إلى القضاء، ونتمنى أن يكون قضاء إدارياً لأن هناك مشاريع تفتقر إلى معايير الجودة. سادساً: معالجة الأوضاع السعرية والحرص على عدم الانتقاص من لقمة عيش المواطن، وإعداد الدراسات اللازمة لذلك. سابعاً: تفعيل القانون وتطبيقه على الجميع. وبتحقيق ما سبق فأعتقد أن الحكومة ستقطع الطريق أمام المعارضة وتكبل ألسنتها وأيديها وستحقق قفزات نوعية خلال فترة محدودة. وفي الطرف المقابل يتوجب على المعارضة التالي: أولاً: الاغتسال من خطيئاتهم قبل التوجه إلى محراب الوطن. ثانياً: يجب عليهم التخلي عن أقنعتهم الزائفة وإسقاطها أمام المواطن اليمني ليقف على ملامحهم الحقيقية. ثالثاً: فض المواعيد والاتصالات مع السفارات الأجنبية، وإحراق تلك الملفات التي تضر بأمن الوطن وسيادته. رابعاً: أن تكون لديهم شخصية قوية وفعالة يعول عليها في خدمة الوطن ووحدته، وليس التشبع بسياسة التشطير وما رادفها. خامساً: أن يغسلوا أفواههم بالماء والتراب قبل أن تندلق منها تصريحات بأن الأحداث التي فعلوها مؤخراً كان الهدف من ورائها مصلحة الوطن وأبنائه. قبل الأخير ، يمكننا الجزم بأن اللقاء المشترك تجاوز الخطوط السوداء وتجنّى على وحدة الوطن وسيادته معنوياً ومادياً . وأخيراً نقول:أنّى للمعارضة أن ترى وميض المنجزات وحالها كحال الأعمى وأنّى للمعارضة أن تخدم الوطن وحالها كحال الذي يتخبطه الشيطان من المس. emadk325@ yahoo.com