ربما يمثل هكذا تعبير أدق وصف يمكن إطلاقه على بعض قيادات اللقاء المشترك وفي مقدمتهم قيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح التي تحاول جاهدة الترويج لخطاب مناطقي صرف يحاول غرس مفاهيم مناطقية خطيرة من خلال خطاب إعلامي وسياسي يكاد يخلو تماماً من الحديث عن المفهوم الوطني للدولة بكل أبعادها. ولايحتاج المرء إلى عناء لتقديم دلائل على حقيقة المناطقية التي تفوح بها رائحة الخطاب السياسي والإعلامي للمشترك المعارض في اليمن، أو براهين على تزعم قيادات حزب الإصلاح لمثل هذا الخطاب الذي يتنكر لكل المعاني والمفاهيم الإسلامية التي ظل الإصلاح يتكىء عليها في مخادعة الجماهير وحصد أصواتهم الانتخابية بطريقة لاتكاد تختلف عن أساليب الخداع الديني التي كانت ولاتزال أفضل وأقصر الطرق لدى حزب الإصلاح في جمع التبرعات. للتذكير فقط يمكن العودة إلى خطابات الحملات الانتخابية للمرشح الرئاسي والقيادي الإصلاحي الدكتور فتحي العزب الذي ربما يكون هو أول من رسم معالم لخطاب مناطقي بدأ الإصلاح وقياداته تبنيه رسمياً عقب فشلهم الذريع في انتخابات سبتمبر من العام 2006م. ادعاء المشترك أنه يسعى لأن يكون مرشحه رئيساً من أجل اليمن لم يصمد كثيراً خصوصاً وأن ذلك الشعار لوث بمفاهيم مناطقية خلال حملات الانتخابات لمرشح المشترك ذاته - وإن لم تكن بذات الصورة والحجم اللذين تردد بهما تلك المفاهيم - قبل أن يتبخر ذلك اليمن ويذهب مفهومه كوطن أدراج الرياح عقب الساعة الثامنة من مساء ال«20» من سبتمبر 2006م حين بدأت مؤشرات ذلك الخطاب تؤتي أكلها بنتائج مخيبة لآمال مدعيه. ومنذ ذلك التاريخ يجد المتابع لخطاب المشترك السياسي والاعلامي وفي مقدمته خطاب حزب الإصلاح أن كل محافظة أو منطقة أو مديرية تحولت في نظر «المناطقيين الجدد» إلى بديل عن اليمن.. وأصبح الوطن يختزل في تصريحات وبيانات قيادات الإصلاح ومن خلفهم قيادات المشترك إلى حيز جغرافي مناطقي لايتعدى «المديرية» وفي أسوأ الأحوال «المحافظة» التي تنتمي إليها تلك القيادات. ولعل خطورة الخطاب الذي يتبناه هؤلاء تتمثل في محاولتهم استثارة نزعات مناطقية بحتة لدى أبناء كل مديرية أو محافظة بشكل يهدد بخلق بيئة ثقافية مواتية لتحول النزعات المناطقية لدى المواطنين إلى مفاهيم تبلور مواقفهم والقرارات التي يتخذونها إزاء تعاملهم اليومي على مختلف الأصعدة. في المقابل قد يحاجج البعض - وبمصداقية عالية - بأن مثل هذه المفاهيم أصبحت بضاعة منتهية في بلد أصبح يحتكم بالديمقراطية وللديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، وأن دلائل تاريخية تؤكد أن مثل هذه «المشاريع الصغيرة» - على حد تعبير للدكتور ياسين سعيد - أمين عام الاشتراكي - ستسقط كما سقطت غيرها من المفاهيم و«المشاريع الصغيرة» التي تتقزم دوماً أمام وطن كبر بوحدته ويكبر كل يوم بتجربته الديمقراطية ووعي أبنائه السياسي والثقافي. إلا أن كل ذلك الطرح ومهما بلغت صحته ومصداقيته لاتعني السكوت أو القبول باستمرار القيادات السياسية في المشترك والإصلاح بنفث سموم خطابها المناطقي في أذهان أجيال المستقبل لأهداف لاتتعدى أن تكون حزبية حيناً.. وشخصية في معظم الأحيان الأخرى. إن على المثقفين والسياسيين والأدباء.. وعلماء الدين وقبل ذلك على المؤسسات الرسمية ذات الصلة وفي مقدمتها لجنة شئون الأحزاب - الغارقة في سبات عميق- عليهم جميعاً أن يحددوا مواقف واضحة إزاء ثقافة بغيضة يسعى البعض لترسيخ مفاهيمها الأمر الذي يهدد بانعكاسها سلبياً على حاضر وطن ومستقبل أجيال آن له ولها أن تلفظ أحقاد الماضي.. وثقافة الكراهية.. ورغبة إلغاء الآخر.. والاحتماء بالولاءات الضيقة التي لم يكن لها من نتائج سوى الحروب والصراعات الداخلية. ولنا في الصراعات الشطرية.. وكوارث «86م، 94م» .. وفتنة الحوثي شواهد لاتزال مخلفاتها الكريهة تشوه سعي شعب لخلق جيل يثابر على تمثل خاتمة نشيده الوطني ثقافة وسلوكاً. لقد آن الأوان ليدع ذوو الفكر الماضوي، والعقليات المسكونة بالإرث الشمولي، ومعهم «المناطقيون الجدد» أجيال اليمن القادمة تعيش بقلوب نبضها سيبقى «يمنياً» ودرب مسيرتها سيظل «عربياً».. وإيماناً يشع ليكون «أممياً». رئيس تحرير موقع «المؤتمرنت