لا يمكن للسينما العربية أن تبحر خارج نطاق الزمان والمكان وبالتالي فإنها موصولة بنواميس المكان والزمان تعبيراً عن المؤسسة والأولويات والإرادة وغيرها من العوامل المجتمعية . شهدت السينما العربية المصرية ازدهاراً عظيماً في خمسينيات وستينيات القرن العشرين المنصرم ووصلت إلى مرحلة متقدمة من الإنتاج الواسع المترادف مع تجارب سينمائية ملحمية وضعتها في مشهد السينما العالمية وخاصة في الأفلام التاريخية التي توفرت لها شروط إبداعية وإمكانات مالية ورغبة في اقتحام الصعاب كما حدث في الفيلم العربي الاستثناء في تاريخنا “ الناصر صلاح الدين “ والذي لم يكن يقل شأناً عن الأفلام العالمية بمعايير الستينيات من القرن العشرين . تالياً بدأت التيارات السينمائية التوّاقة للتعبير بلغة سينمائية جديدة وخاصة عند المخرج توفيق صالح الذي سرعان ما انساب مع معطيات السينما التجارية في الثمانينيات ..كما ان المخرج المثير للجدل يوسف شاهين ظل يخرج أعمالاً مغايرة لمألوف اللغة السينمائية العربية وكانت بصمته الذاتية واضحة في أعماله مثله مثل أي مخرج آخر .. ولكن مع اختلاف واضح هو أن يوسف شاهين يستغرق في ذاته وينفذ أعماله بروحية فردانية لا تتنازل عن هواجسها فيما تخضع كامل البيئة السينمائية المركبة لرؤيتها الشخصية، الأمر الذي جعل الغموض سمة أساسية من سمات أعماله بالرغم من المشهدية البصرية الاحتفالية والمسبوكة . كانت تجربة خيري بشارة رائدة اتساقاً مع تيار سينما الواقعية الجديدة التي ازدهرت في ايطاليا في سبعينيات القرن العشرين .. حيث حاول هذا المخرج الموهوب التقاط تفاصيل الحياة اليومية المصرية وخرج من دائرة النجم الأوحد .. واستطاع أن ينسج متوازيات حياتية وبطولية لأفراد من عامة الشعب وتميز بلغة سينمائية إيحائية لا ترتهن للتمويل الكبير فيما تحافظ على المعايير الدقيقة في الإخراج والتصوير وغيرها من مفردات العمل السينمائي .