أزمة المياه التي يعانيها سكان مدينة تعز ليست جديدة من أشهر مضت أو حتى سنة أو ثلاث أو خمس سنوات بل هي قديمة وتمتد إلى أكثر من عشرين عاماً. ازدادت تفاقماً مع زيادة التوسع العمراني والسكاني في المدينة، ووصلت حدتها بشكل كبير في الأعوام «94-95 1996م» حيث وصل الحال إلى عدم وصول المياه إلى المنازل لفترة تجاوزت الشهرين، وعندما تسنم الشيخ عبدالرحمن محمد علي عثمان منصب محافظ المحافظة وضع في أولوياته جملة من الحلول والمعالجات الإسعافية في أجزاء متفرقة من المدينة، وكذا عمل خزانات في بعض الأحياء وخصوصاً الفقيرة وتعبئتها بالمياه يومياً ليحصل السكان غير القادرين على شراء «وايتات» على احتياجاتهم من المياه، وحتى بعده جاء القاضي أحمد عبدالله الحجري ليواصل ما بدأه سلفه، واستطاع أن ينجز المشروع الإسعافي والمتمثل بحفر عدد من الآبار في حبير جبر وربطها بالشبكة التي تغذي مدينة تعز وكذا حفر عدد من الآبار الجديدة في الحوجلة وتعميق الآبار القديمة بالإضافة إلى البدء في تنفيذ مشروع إعادة تأهيل الشبكة للتقليل من الفاقد، وهو ما أدى إلى تراجع حدة الأزمة الخانقة بشكل كبير ونتوقع أنه باستكمال مشروع استبدال الشبكة القديمة بالجديدة سوف يتحسن الوضع بشكل أفضل. يوم الاثنين الماضي رأس الأخ وزير المياه والبيئة المهندس عبدالرحمن فضل الإرياني اجتماعاً موسعاً بمبنى المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بتعز ومعه الأستاذ صادق أمين أبو رأس محافظ المحافظة رئيس المجلس المحلي رئيس مجلس إدارة المؤسسة تم فيه الوقوف أمام الاخفاقات المتكررة التي تعانيها المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بتعز والسبل الكفيلة بتجاوزها وإيجاد الحلول والمعالجات الناجعة لها. وقد صرح الأخ الوزير لصحيفة «الجمهورية» أن الوزارة بصدد إعادة هيكلة المؤسسة ووضع برنامج دقيق لها. مؤكداً أن مشكلة المياه في مدينة تعز إدارية قبل أن تكون شحة مياه تعانيها وأن المعالجة الكفيلة بها هي إعادة النظر في الإدارة الحالية.. وقال: «إن وزارة المياه والبيئة غير مستعدة لتمويل وتنفيذ أي مشروع وإهدار المال العام إلى وعاء مثقوب» «الجمهورية- عدد يوم الثلاثاء- 11 ديسمبر الجاري». وهذه ليست المرة الأولى التي يصرح فيها الأخ الوزير بأن مشكلة المياه في تعز إدارية قبل أن تكون شحة في المياه فقد سبق له التصريح بذلك أكثر من مرة.. كذلك المحافظ أبو رأس قال في مقابلة معه لموقع «نيوز يمن» الإخباري الشهر الماضي أنه تفاجأ عند تسلمه منصب محافظ المحافظة «أن مؤسسة المياه مازالت مرتبطة بصنعاء وليست مرتبطة بالمحافظة ولذلك تقع المعالجة على وزارة المياه في صنعاء وكل القرارات التي تتخذ في هذا الموضوع من صنعاء» «يقصد مشكلة المياه» وأنه لا يستطيع أن يقول شيئاً حول ذلك حتى يراجع الوزير المختص كيف يمكن حل مشكلة المياه في تعز. مركز الدراسات البيئية وخدمة المجتمع بجامعة تعز قام بإجراء دراسة جيوفيزيائية وهيدروجيولوجية في عدد من مناطق محافظة تعز بغرض استكشاف مناطق جديدة للمياه الجوفية وتحديد المناطق المناسبة لحفر الآبار فيها لإمداد مدينة تعز بالمياه وكانت النتائج أن منطقة أوجلة هي من أنسب المناطق ذات الوفرة في المياه الجوفية وتم تقديم تلك الدراسة إلى الجهات المعنية للاستفادة منها لكن الذي حدث هو القيام بحفر آبار معظمها قديمة في منطقة حذران دون الرجوع لتلك الدراسة العلمية التي أعدها باحثون متخصصون في المركز. ترى أين تكمن المشكلة فعلاً..؟ هل في الإدارة كما قال الوزير أم في عدم ارتباط المؤسسة بقيادة السلطة المحلية بالمحافظة وبقائها مرتبطة مركزياًَ بوزارة المياه بصنعاء أم في عشوائية القرارات التي تتخذ دون دراسات وأبحاث علمية؟ وكما قال الدكتور عبدالله الذيفاني نقيب الباحثين اليمنيين رئيس مركز البحوث ودراسة الجدوى بجامعة تعز في مقابلة له في صحيفة تعز العدد الصادر يوم الثلاثاء 11 ديسمبر الجاري: «للأسف الشديد بعض من هم في موقع القرار لا ينظرون للبحث العلمي من حيث الأهمية ويريدون أن يصدروا قراراً فقط.. إذ يجب ألا يصدر قرار إلا بعد دراسة علمية إذا أردنا أن نحقق التنمية المرجوة ونحميها ونحمي المستقبل أما إذا أردنا الاستمرار في العشوائية المرتجلة التي بدأناها فلن نحقق طموحاتنا في تنمية مزدهرة ومستقبل أفضل». فهل أن الأوان للابتعاد عن المزاجية والعشوائية والارتجال في اتخاذ القرارات ووضع الحلول والمعالجات للمشكلات التي نعانيها؟