من يعتقد ان السياسة «لعبة» كان عليه ألا يجعلها لعبة قمار إن كان يراهن على كسبها، فالذين مارسوها في اليمن بوصفها «لعبة قذرة» وحشدوا لها أدواتها الملوثة، ومارسوها في الشوارع يسقطون اليوم مذعورين بعد ان بات اللوث يهدد سلامة بقائهم. فعندما قررت أحزاب المشترك «تحريك الشارع» بأدوات من جنس «اللعبة القذرة» لم تتفاد في حساباتها خطورة عدوى اللوث بل غرقت في متعة «الهوس» الذي ساد الشارع، حتى ظنت نفسها قاب قوسين أو أدنى من كرسي السلطة، إلا أنها بدأت مؤخراً تكتشف فداحة الاخطاء التي ارتكبتها في مقامرة اللعب بالأدوات السياسية غير النظيفة، التي أمست تخضعها للابتزاز، أو تتحول إلى خصوم جدد، يحرضون الشارع عليها بنفس الطريقة التي تعلموها بين يدي المشترك ! فجمعيات المتقاعدين التي كبرت على «ضرع» المشترك، هي اليوم تناصب المشترك البغض والعداء، وتتملص من كل نشاط يقيمه، بل إن توسلات المشترك من أجل اقناع الجمعيات برعايته لمهرجان «التصالح والتسامح» المزمع إقامته يوم «13» يناير، باءت كلها بالفشل، حيث ان الابن العاق لا يرتجى منه البر بأبيه، وهذا هو ثمن الرهان على السعي للسلطة بأدوات مجردة من القيم الاخلاقية للعمل السياسي الوطني، انطلاقاً من فهمها للسياسة بأنها «لعبة قذرة» ! التطور الآخر هو أن المتقاعدين باشروا منذ أيام الانسلاخ من حزبهم الاشتراكي، ومن المنتظر ان يشهد يوم 13يناير الإعلان عن أوسع هجرة إلى خارج الاشتراكي باستقالات جماعية من شأنها تحويل حزبها إلى كيان فضفاض، ومترهل، حيث إن المتقاعدين «الجمعيات» وبعد أن طالت أظافرهم برعاية المشترك يفضلون الاستقلال بتوجه سياسي انفصالي بحت.. وكذلك الحال بالنسبة لمعارضة الخارج التي وجد الدكتور ياسين نعمان نفسه مؤخراً غريباً بينها، وآثر العودة حفاظاً على هويته الوحدوية. أما جمعيات العاطلين عن العمل التي ابتكرتها أحزاب المشترك كإحدى أدوات تحريك الشارع واستثمرتها في اعتصامات وبيانات مناهضة للسلطة، انقلبت هذا الاسبوع على المشترك في الضالع، وخرجت تهرول في نفس الشوارع التي تمرست فيها هاتفة ضد المشترك، وواصفة قيادته ب«لصوص»، بعدما تبين لها زيف الخطابات والشعارات والوعود، ووجدت نفسها وجهاً لوجه أمام مجلس محلي كل أعضائه من المشترك يغرق بمستنقع الفساد والمحسوبية!! العاطلون الذين نظمهم المشترك في جمعيات تلهث في الشوارع سعياً وراء «حق القات» لم تجد لنفسها مبرراً في مواصلة اللعبة وقد انقطع عنها «حق القات»، وبعد ان فشل المشترك في توظيف شخص واحد من أعضائها. اليوم يجد المشترك نفسه ليس أمام خصم واحد «الحزب الحاكم» يحدث الشارع عن فساد مناهجه وقياداته وأدوات عمله، بل أصبح إلى جانب المؤتمر قوى أخرى تناهض المشترك، وكل لديه أسبابه، وغاياته، وأسلوب عمله.. في نفس الوقت الذي خرج الحزب الاشتراكي من تجربة تحريك الشارع مثقلاً بالمشاكل، والقلق من التمزق الذي أصاب تنظيمه، وشتته إلى تيارات، وتوجهات نقيضة لبعضها البعض، إلى جانب ما طاله من شبهة «الانفصال» ! إن احتضان اللقاء المشترك لقوى انتهازية تلعب أدواره في الشارع أوقعه في شراك ابتزاز هذه القوى له، وتجويف كل فعالياته من محتواها الديمقراطي أو الاخلاقي على غرار ما نظمه من فعالية إحياء الذكرى الخامسة لرحيل جارالله عمر، والتي شهدت حضوراً ضعيفاً، ولم تكترث وسائل إعلامه لتغطيتها بما يليق ومكانة المحتفى به.. ثم ما لبث ان انفجر خلاف بين الدكتور نعمان ومحمد قحطان بعد استياء الأول من استغلال الإصلاح للمهرجان.. كمسرح للدعاية الانتخابية كسا صفحاته بشعاره الانتخابي «الشمس» ! وبتقديري إن المرحلة القادمة تنبىء بتمزق اللقاء المشترك، وظهور قوى جديدة على الساحة، وإعلان قيادات في الإصلاح والاشتراكي انشقاقها أو استقالتها.. ذلك لأن المشترك تعاطى مع السياسة على أنها لعبة قمار وليست لعبة فكر، وعملاً وطنياً، وذكاء ورهاناً على ثقة دائمة وليس على مظاهر مدفوعة الأجر يوهم بها الرأي العام، ليبدو منتفخاً ويتلذذ بنشوة زائفة فضحها أبناء الضالع بهتافهم ضد محلي المشترك «أين الوظائف يالصوص» !؟