واصلت عشرات الباصات منذ صباح أمس الأحد وحتى ساعة إعداد هذا الخبر (بعد منتصف الليل) نقل حشود عناصر التجمع اليمني للاصلاح إلى محافظة عدن، في مواكب جرارة أشبه بقوافل الحج، قادمة من عدد من المحافظات الجنوبية المجاورة، ضمن رهان على إحياء مهرجان جماهيري، يتولى الاصلاح التحضير له بمعزل عن بقية أحزاب اللقاء المشترك. وأكدت مصادر "نبأ نيوز" في عدن إن قيادة حزب الاصلاح المنظمة والداعية للمهرجان واصلت أيضاً إصرارها على ضرب القانون عرض الحائط، ورفضت الاستجابة إلى دعوة اللجنة الأمنية بالمحافظة بالامتثال الى القانون وأخذ الترخيص المسبق. وقالت المصادر: أن قيادة الاصلاح اختارت مبنى محافظة عدن لتنفيذ إعتصامها أمامه، وسط شكوك قوية بأنها محاولة للاحتكاك بالأجهزة الأمنية والحكومية، واثارة مشاكل، بقصد إستثمار أي تطورات لمزيد من التصعيد والتثوير للساحة الشعبية، منوهة الى أن سياسة السلطات الحكومية التي تم اتباعها في الفترة الأخيرة بابعاد الأجهزة الأمنية عن مواضع التماس مع الفعاليات الجماهيرية تسبب في خسارة المعارضة لفرص التوتر التي كانت تستثمرها جراء الحوادث في تبرير مواصلة الحراك الاحتجاجي، وهو الأمر الذي تحاول اعادة السلطات إليه من خلال نقل الفعاليات إلى مواضع تواجد الأجهزة الأمنية والحكومية المتمثل في مبنى المحافظة. وفيما غاصت فنادق عدن بالذين وفدوا عليها من بقية المحافظات على امتداد ال72 ساعة الماضية، فقد شوهدت مجاميع من الإصلاحيين الذي تم نقلهم في ساعات الليل الماضية، وهم يفترشون عدد من حدائق عدن، وساحاتها العامة بانتظار بزوغ فجر ما أسموه ب(يوم الغضب)، الذي تشعبت شعاراته، بين إحياء ذكرى مهرجان "التصالح" الذي وافق 13 يناير- ذكرى أبشع مجازر الحزب الاشتراكي التي قتل خلالها في عام 1986م ما يزيد عن عشرة آلاف مواطن في عشرة أيام فقط- وبين استذكار ضحايا النضال السلمي، وكذلك الاحتجاج على السياسات الحكومية والغلاء، وشعار "حقوق الجنوب"، وغيرها من الشعارات. وتعتقد المصادر أن الاصلاح يسعى "لرد إعتباره" في عقر دار الاشتراكيين- عدن- بعد أن طغت على المهرجانات والفعاليات التي أقيمت مؤخراً طابع الفردية، والهيمنة الاشتراكية الواضحة حتى في المناطق التي كان يعتقد أنها معاقل حصينة للإصلاحيين؛ الأمر الذي يؤكده عدم اكتراث الحزب الاشتراكي لفعالية اليوم الاثنين في عدن، وانهماكه في تحضيرات لفعاليات منفصلة في مدن يمنية أخرى. كما ترجح المصادر أن الشركاء في ما يسمونه ب"النضال السلمي" قد وصلوا الى مفترق الطرق، حيث انسحب التنظيم الناصري الوحدوي من الفعاليات منذ مدة ليست بالقصيرة اثر الدعوات الانفصالية التي رافقت حراك المشترك.. بينما جمعيات المتقاعدين والعاطلين- التي دعم تأسيسها المشترك- اتهمت جهراً حزب الاصلاح بالتطفل على "القضية الجنوبية" واتخاذها مظلة لخدمة مصالحة الحزبية وبناء نفوذه في الجنوب.. وهي ذات الرؤيا التي بدأ يلامسها الحزب الاشتراكي الذي فجر أكبر خلافاته مع الاصلاح خلال مهرجان الشهيد جار الله عمر بمديرية دمت وكاد الموقف المستاء للدكتور ياسين سعيد نعمان أن يشعل معركة بين الطرفين لولا تدخل أطراف كانت مشاركة في المهرجان! ويبدو أن الفجوة الشاسعة التي كانت تفصل الاشتراكي عن جمعيات المتقاعدين- تيار النوبة وباعوم- بدأت تتضاءل في الآونة الأخيرة على ضوء "القضية الجنوبية". ويعتقد بعض السياسيين ان مبالغة حزب الاصلاح في تحضيراته لمهرجان عدن المقرر تنظيمه اليوم الاثنين، والتعبئة المكثفة لكوادره التي دعاها ببيان في سابقة هي الاولى منذ أن بدأ الحراك السياسي؛ انما هي نابعة من رغبة الاصلاحيين في توجيه رسالة لبقية شركاء العمل السياسي- وفي الطليعة الحزب الاشتراكي- مفادها بأن عليهم ألا يعتقدوا أن عدن أصبحت دائرة مغلقة لنفوذهم، وإنما هو يمتلك فيها من النفوذ ما يمتلكونه، وبوسعه التاثير في حراك شارعها بقوة! اي أنها بمثابة تحذير من تهميشه في الجنوب. ورغم ما تبدو عليه علاقات أحزاب اللقاء المشترك مع بعضها من تنسيق إلا أن قياديين في أحزابه يؤكدون أن تلك العلاقات أضحت اليوم مجرد صيغ صورية وبروتوكولية تعمل على نهج الحديث الشريف "اذا بليتم فاستتروا"!