قرر الحزب الاشتراكي اليمني تأسيس مجالس تنسيق سياسية خاصة بتنظيماته في جميع المحافظات الجنوبية، لتحل بديلاً عن إرتباطاته باللقاء المشترك، بعد تأجج خلافاته مع حزب التجمع اليمني للاصلاح، في نفس الوقت الذي آلت تكويناته التنظيمية إلى التشظي تحت عدة زعامات متنافرة. وأكدت مصادر قيادية في اللقاء المشترك ل"نبأ نيوز": إن القرار الذي اتخذته قيادة الحزب الاشتراكي جاء في أعقاب خلافات حادة نشبت مؤخراً مع قيادة التجمع اليمني للاصلاح الذي يتهمه الاشتراكي ب"التطفل" على القضية الجنوبية لأغراض سياسية خاصة، ومحاولة الالتفاف عليها وتجييرها لحسابات أنانية. وأشارت إلى أن قيادة الاشتراكي سبق أن طلبت من قيادة الاصلاح عدم التحدث باسم أبناء الجنوب، و حذرتها من اللعب بهذه الورقة على حساب مصالح أبناء المحافظات الحنوبية، إلاّ أن الاصلاح واصل فرض نفسه على كل الفعاليات، وفي مختلف المناسبات، وهو الأمر الذي حذا بقيادة الاشتراكي الى بحث القضية في اجتماع استثنائي عقدته خلال الشهر الجاري، وتمخض عن إقرار تأسيس ما أسمته ب"مجالس التنسيق" لتكون نداً في هذه المحافظات لأي ممارسات من قبل الاصلاح أو المشترك بشكل عام، قد تخرج القضية الجنوبية عن مسارها الذي يعتبره الحزب الاشتراكي شريان حراكه السياسي الحالي الذي أعاد تسليط الأضواء عليه مجدداً. وأكدت مصادر "نبأ نيوز" في محافظة أبين، أن الدكتور ياسين سعيد نعمان- الأمين العام للحزب الاشتراكي- فشل أمس الأربعاء في تشكيل مجلس تنسيق محافظة أبين بعد نشوب خلافات بين قياداته الحزبية، وإنقسامها على نفسها إلى عدة جبهات متضادة، فشلت جهود الدكتور نعمان في إعادة التوفيق بينها، وهو الأمر الذي انتهى بفض الاجتماع وتأجيله حتى إشعار آخر لم يتم تحديده.. في نفس الوقت الذي ستواصل اللجان التي شكلها الحزب لهذا الغرض إستكمال تأسيس المجالس في بقية المحافظات. وتؤكد المصادر: أن الحزب الاشتراكي اليمني يشهد في الوقت الحاضر تشظياً غير مسبوق في تأريخه، إذ أن قواعد الحزب إنقسمت طبقاً لانقسام القيادات، فبرزت كتلة الدكتور ياسين نعمان، وكتلة حسن باعوم وناصر النوبة معاً، وكتلة حيدره مسدوس، فيما نأت كتلة "تاج" أو ما يسمى ب"معارضة الخارج" بنفسها عن الحراك الداخلي لتتخذ لنفسها أسلوباً "إنفصالياً" مختلفاً يبحث لنفسه عن "إستفتاء" و"قرارات دولية" تعيده إلى السلطة في عدن. وقد تجلى هذا التشظي بأوضح صوره يوم فعالية الثالث عشر من يناير (ملتقى التسامح والتصالح). فالمشاركون من محافظتي أبين وشبوة إنفردوا برفع صور علي ناصر محمد فقط.. أما أبناء محافظتي الضالع ولحج وجمعيات المتقاعدين فقد رفعوا صور علي ناصر محمد وعلي سالم البيض.. فيما حزب الإصلاح قرر اللعب بكل الأوراق برفع صور (عبد الفتاح، وعنتر، ومصلح، وشايع، والبيض، والعطاس)، واستثنى صور علي ناصر محمد– في تأكيد منها على تحميله مسئولية مجازر الثالث عشر من يناير 1986م، رغم أن الملتقى يرفع شعار "التصالح والتسامح". ولم يكن موقف الاصلاح وحده مثيراً لامتعاض الاشتراكيين، بل كانت أوضح بوادر إمتعاض الحزب الاشتراكي من حزب الاصلاح قد طفت للسطح بجلاء- للمرة الأولى- خلال حفل إحياء الذكرى السنوية للشهيد جار الله عمر بمديرية دمت من حافظة الضالع. وتروي مصادر سياسية في المشترك ل"نبأ نيوز": أن أمين عام الاشتراكي فوجيء صباح ذلك اليوم بأن عناصر الاصلاح "غافلتهم"، وأمست طوال الليل تلصق بالرمز الانتخابي للاصلاح (الشمس) في كل ركن من الساحة المقررة للاحتفال، وتعلق بالحبال فوق الرؤوس، حتى طغت على كل مظاهر الاحتفال بذكرى جار الله عمر، وهو ما أثار استياء الدكتور ياسين نعمان، الذي نقل استيائه إلى القيادي الاصلاحي محمد قحطان، ليتطور لا حقاً إلى مشادات وصراخ، حتى كاد الصدام أن ينفجر بين المرافقين لكل منهما، لولا تدخل من هدأ الأجواء بينهما. وعلى نفس الصعيد فإن جمعيات المتقاعدين العسكريين رفضت في مناسبات عدة المشاركة في الفعاليات التي يحضرها الاصلاح، وكان آخرها مهرجان "الشعيب" الذي نظمته الجمعيات بمناسبة "ذكرى شهداء الجنوب والنضال السلمي"، حيث غاب النوبة وباعوم عنها، ولأول مرة لم يرد إسم أياً منهما في جميع الخطابات التي ألقيت- خلافاً لما جرت عليه العادة. وقد حاول الحزب الاشتراكي توجيه رسالة غير مباشرة للإصلاح يؤكد فيها إنهاء "الوصاية الإصلاحية" عليه، فقد تبنت قيادته تحمل كافة تمويلات المهرجان، وزادت فوقها ذبح خمسة أثوار للضيوف المشاركة- وهي بادرة خرجت عن قاعدة الأنظمة الحسابية المتبعة لدى المشترك. وتعتقد مصادر سياسية مراقبة إن إن واحدة من القضايا التي أثارت قلق فصيل كبير من الاشتراكيين من الإصلاح، هي الإعتقاد بأن عناصر الإصلاح استثمرت الأوضاع الجنوبية للتوغل داخل المنشآت النفطية بالجزء الأعظم من العمالة، في نفس الوقت الذي فرضت قيادات ومشائخ الاصلاح هيمنة نسبية على المصالح النفطية من خلال إملاء اتفاقات على الجهات الحكومية والشركات بعد استخدامها العصبيات القبلية والحزبية في الضغط- كما هو الحال في "عسيلان" بشبوة. وتضيف إلى ذلك ظهور الجناح الديني المتشدد داخل الاصلاح مجدداً، والعودة إلى فتاوى التكفير التي عانى منها الاشتراكيون الأمرين، والتي ترجمتها مؤخراً الفتاوى التكفيرية لصحيفة "المستقلة" ورئيس تحريرها النائب أحمد سيف حاشد، ثم الحملة التكفيرية الهوجاء لمهرجان عدن، والفنانة أصالة نصري، والتي إعتقد الاشتراكيون على أثرها أن عدن بفضل التقارب والشراكة في الفعاليات الجنوبية قد تتحول إلى "قندهار" ثانية إذا ما استمر رضوخ الحزب الاشتراكي لوصاية الإخوان المسلمين.