البطالة من المشاكل الاجتماعية الخطيرة التي تعاني منها معظم بلدان العالم الثالث الفقيرة حيث إن هذه المشكلة لها نتائج وتداعيات خطيرة على المجتمع في الكثير من الجوانب الأمنية والأخلاقية منها جرائم القتل والسرقات والانحراف في السلوك إلى غير ذلك من المشكلات التي نلمسها في كل وقت وحين ومع تنامي هذه المشكلة في الكثير من البلدان النامية ومنها بالطبع بلادنا نلاحظ أن هناك جهوداً تبذل للتخفيف من وطأة هذه المشكلة الخطيرة إلا أن مثل هذه الجهود لم تحجّم المشكلة لأسباب كثيرة لم تكن خافية على أحد، من أهمها الظروف الاقتصادية المرتبطة بالظروف الاقتصادية العالمية والتي كان لها الدور الأكبر في موجة الغلاء القاتلة التي لم نألف مثلها من قبل وخلال عشرات السنين الماضية، التي مرت بنا، وسنأخذ مثلاً لخطورة وتنامي هذه المشكلة عاماً بعد عام ما هو قائم لدينا من عدد المسجلين من طالبي التوظيف من خريجي المعاهد والجامعات حتى نهاية العام المنصرم مع الوظائف التي تنزل إلى مكاتب الخدمة في المحافظات وهنا يكون وجه المقارنة فيه من الصعوبة الكثير،وإذا استمر الأمر على هذا الحال وهو مايتطلب أن تتضاعف الجهود ليس من قبل الحكومة وحسب بل على القطاع الخاص والمختلط أن يتحمل مسئولياته الوطنية إزاء هذه المشكلة دعماً لجهود الحكومة في هذا الجانب من خلال تبني مشاريع كبيرة تعمل على امتصاص الكثير من القوى العاملة المعطلة وهي ليست معفية من هذه المسئولية الكبيرة ، وبعد هذه المقدمة ما أريد الوصول إليه هو ضرورة تفعيل قانون التقاعد وحمايته من الالتفاف عليه سواء كان في القطاع العام أو الخاص فما نلمسه في هذه الآونة أن هناك تحايلاً والتفافاً على قانون التقاعد .. أستطيع القول إن هناك مئات إن لم أقل الآفاً من الموظفين في القطاع العام والخاص يتقاعدون ويأخذون كل مستحقاتهم التقاعدية ثم يعودون للعمل في مرافقهم للعمل كمتعاقدين مرة أخرى تحت مبرر واهٍ وغير مقنع من أن المرفق بحاجة إليه وهذا المبرر أصبح مشاعاً خصوصاً في القطاع الخاص والسبب الحقيقي في ذلك ليست الكفاءة والحاجة بل هي المحسوبية التى أصبحت تطغى وتتجاوز القانون وهذه الظاهرة التي أصبحت منتشرة في الكثير من مرافق القطاع الخاص والعام ستؤثر سلباً على التقليل من البطالة التي يعاني منها الآف الشباب ومعظمهم من ذوي الكفاءات العالية ويمتلكون القدرة على أن يحلوا مكان أولئك الذين يتحايلون على القانون تحت ذرائع ومبررات لاصحة ولا سند لها في الواقع العملي، وهؤلاء كمن يقول المثل فيهم: «خرجوا من الباب ليعودوا من الطاقة» وهذه الظاهرة تتحمل مسؤلياتها وزارة الخدمة المدنية والتأمنيات باعتبارها المعنية في التوظيف والتقاعد وإلزام المؤسسات والمصالح والشركات سواء خاصة أو عامة بتنفيذ قانون التقاعد وتفعيله ومراقبتها فى عدم تحايلها على ذلك فهناك الكثير من هذه المؤسسات والشركات تبقي على الكثير من موظيفها يعملون فيها بعد تقاعدهم بحجة أنها بحاجة إليهم والحقيقة أنها محسوبية وصداقة ونفوذ لهؤلاء وهنا يفترض على وزارة الخدمة المدنية أن تصدر تعميماً نافذاً مع الرقابة الفاعلة يمنع التعاقد مع الموظف في نفس المرفق أو غيره بعد تقاعده إفساحاً للمجال لأولئك الشباب الذين مضى لهم سنوات وهم في انتظار الوظيفة . إن المعالجات كثيرة فيما لو خلصت النوايا لمعالجة مشكلة البطالة إضافة لكل ذلك لا بد من تبني مشاريع تستوعب الكثير من العمالة مع استحداث برنامج اقتراض لمن يريد ذلك من الشباب للقيام بعمل خاص سواء في الزراعة أو الصناعات الخفيفة أو التجارة أو ما شابه ذلك.