تقع على وزارة الخدمة المدنية والإصلاح الإداري مسئولية كبيرة في تصحيح الوضع القائم من الاختلالات، وتتمثل هذه الاختلالات في أن الآلاف من الموظفين الذين نزلت درجاتهم الوظيفية واستلموا مرتباتهم للأشهر الأخيرة سواءً ممن داوموا في أعمالهم أو من لم يداوم أقول إن معظم هؤلاء كانوا موظفين في مؤسسات وشركات القطاع الخاص والمختلط والقليل منهم من لم يحالفهم الحظ في الحصول على وظيفة في هذه القطاعات وظل ينتظر لعدة سنوات حتى من الله عليهم بالفرج لكن ما يهمنا هنا هو أن الكثير ممن نزلت درجاتهم الوظيفية واستلموا مرتباتهم لم يباشروا مهام أعمالهم في دوائرهم التي عينوا فيها وظلوا يشغلون وظائفهم في القطاع الخاص والمختلط، أي أنهم موظفون مع الدولة في الكشوفات ويستلمون رواتبهم من الحكومة بينما هم يداومون في المؤسسات والشركات الخاصة، ويصر هؤلاء على البقاء في أعمالهم تلك، مصرين بنفس الوقت أن يحافظوا على وظائفهم مع الدولة ويستخدمون في ذلك طرقاً وأساليب غير مشروعة، فالكثير من هؤلاء يكلف أحد أقربائه ليحل محله في الوظيفة أو أي شخص آخر ويتم تقاسم الراتب بين الطرفين بينما لايزال الآلاف ينتظرون التوظيف وملفات الخدمة تمتلئ بهم وهناك من مضى له عشر سنوات في انتظار التوظيف لانسداد الأبواب أمامه مع القطاع الخاص. وهناك الكثير من هؤلاء بحاجة ماسة للعمل نظراً لظروفهم المعيشية الصعبة والقاسية التي يعيشونها بينما الكثير من الموظفين من يشغل وظيفتين في وقت واحد، وظيفة فعلية ويداوم فيها في القطاع الخاص ويتقاضى عليها مرتباً مجزياً جعله لايرغب بالوظيفة الحكومية إلا من باب الأنانية وهذا يحرم غيره من الفوز بوظيفة هو أحوج ما يكون إليها ..وهناك صورة أخرى من التلاعب بقانون الخدمة المدنية الواضح بمسألة التقاعد فهناك معظم الشركات والمؤسسات الخاصة تتحايل على ذلك القانون فهذه المؤسسات تتظاهر أنها قاعدت مثل هؤلاء الموظفين ويتم إحالة رواتبهم إلى هيئة التقاعد وبنفس الوقت يتم التعاقد معهم ويظل هذا التعاقد لسنوات، وهذا الأمر لا يساعد على امتصاص البطالة ويتم حرمان المئات بل الآلاف من الشباب ممن هم بحاجة للعمل.. لذا نتمنى من الخدمة المدنية أن تفعل قانون التقاعد ويكون سارياً على كل القطاعات باعتبار المسئولية مسئولية مباشرة في التخفيف من البطالة التي أصبحت هماً يؤرق الجميع في هذا البلد لأن البطالة هي أساس بلائنا ومشاكلنا فمن خلالها يكون الانحراف الاجتماعي ومن خلالها يتم استقطاب الشباب العاطل إلى الأعمال المنافية لقيمنا وأخلاقنا لأن هناك قوى متربصة تعمل على استقطاب الكثير من الشباب وتجنيدهم في أعمال إرهابية كما هو حال تنظيم القاعدة الذي يستغل حاجة الشباب إلى المال ويتم تجنيدهم تحت مسميات كثيرة، وعلى وزارة الخدمة المدنية أن تولي هذا الجانب جل اهتمامها في ظل تحايل مؤسسات وشركات القطاع الخاصة على قانون الخدمة وعليها أن تلزم تلك الشركات والمؤسسات أن تتعاون في تطبيق قانون التقاعد وأن يكون لديها مفتشون ومندوبون ينزلون إلى مقار تلك الشركات والمؤسسات ليلزموها بتنفيذ القانون،كما أن على تلك الشركات أن تتعاون مع الوزارة في هذا الأمر مساهمة فيها في الحد أو التخفيف من البطالة التي تعاني منها البلاد فلا يعقل أن يظل الكثير محتفظين بوظيفتين في وقت واحد بينما هناك الآلاف يتكدسون على أبواب مكاتب الخدمة في مختلف المحافظات فلابد من استشعار المسئولية.