في وقت لم تكد جراح حادثة التفجير الإرهابي الذي استهدف مجموعة من السياح الأسبان في معبد أوام بمأرب تندمل ويتماثل ضحاياه للشفاء التام وبعد أن بذلت الحكومة ممثلة بالجهات ذات العلاقة جهوداً حثيثة لمعالجة تداعيات هذا الحادث الإجرامي البشع والعمل على تحسين الصورة المثلى للسياحة في اليمن وحالة الطمأنينة والاستقرار والأمن الذي تنعم بها بلادنا، رغم كل ذلك أصرت قوى الغواية والضلال المتلبسة بعباءة الدين والمتنطعة بالقيم والمفاهيم الزائفة المنطلقة من عقلياتهم المتحجرة وتفكيرهم الشاذ الذي لايمت بصلة للدين الإسلامي وقيمه السمحاء ومبادئه العظيمة التي تقود إلى السلام وتدعو إلى المحبة والوئام والألفة أصرت على الاستمرار في غيها وممارسة مسلسلها الإجرامي من خلال إزهاق أرواح الأبرياء من الأصدقاء السياح البلجيكيين ومعهم مواطنون من أبناء يمن الإيمان والحكمة يشهدون بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حيث قام هؤلاء القتلة بإراقة الدماء وترويع الناس وأثاروا الرعب والخوف في قلوبهم، فتحوا نيران أسلحتهم على سياح مسالمين.. قدموا إلى اليمن وكلهم حبٌ واحترام وتقدير لها ولأهلها، لم يحصل أن أساءوا لنا أو لعاداتنا وتقاليدنا ولقيم ومبادىء ديننا الإسلامي الحنيف. بإسلوب غادر استباح هؤلاء القتلة حرمة النفس التي حُرَّم قتلها وشُدَّدت العقوبة على من ينتهكها مسلماً كان أو معاهداً مسالماً، لم يتعظوا من جرائمهم البشعة التي سبق وأن مارسوها بوحشية تحت شماعة جهاد الكفار والأعداء، وهو أسلوب يدغدغون به قلوب ضعفاء الإيمان، من أجل تحقيق مصالح ذاتية مقيتة، فأي جهاد هذا الذي يجيز للفرد المسلم قتل أخيه، وهو يقرأ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث أمام الكعبة المطهرة «ما أجلك وما أعظمك، والله لخرابك حجراً حجراً أهون عند الله من هتك عرض امرىء مسلم» فكيف هو الحال بسفك دمه، أي جهاد هذا الذي يشرع قتل المعاهدين من أهل الكتاب الذين لايمثلون أي تهديد للبلاد بل على العكس يسهمون في خدمتها ودعم اقتصادها. إذا كان هؤلاء المغفلون يريدون الجهاد فأبوابه مفتوحة وجبهاته معروفة للجميع فليبادروا في نصرة الإسلام ودعم المجاهدين والوقوف إلى جانبهم، لا أعتقد أنهم يريدون ذلك لأن هذا السلوك نابع من صميم التعاليم الإسلامية، وهؤلاء لا علاقة لهم بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد فالإسلام بريءٌ من أفعالهم الخسيسة هذه ومن الظلم والاجحاف أن نصفهم بالإسلاميين كما يحلو لبعض وسائل الإعلام فالإسلام هو رسالة السلام وهو أسمى وأرفع وأجل من أن تنسب إليه جرائم المنحرفين والضالين الذين يعمدون من حين لآخر إلى إثارة الفتنة وهي نائمة فحقت عليهم لعنة الله مصداقاً لحديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم «الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها». إن جرائم هؤلاء المتكررة ينبغي أن تواجه بالمزيد من الحزم والصرامة والضرب بيد من حديد في حق كل من تسول له نفسه الإضرار بالوطن وعلاقاته مع دول العالم ومحاربة الاقتصاد الوطني وافتعال القلاقل والأزمات، واليوم وبعد الحادث المؤسف الذي شهدته محافظة حضرموت وبعد أن تأكد للجميع أن هذه الفئة الخارجة على النظام والقانون والمخالفة للكتاب والسنة المطهرة مصرة على وحشيتها وأعمالها الوحشية فإن المسؤولية المنوطة بالحكومة والجهات ذات العلاقة تحتم عليهم إعمال شرع الله وحكمه العادل في حقهم دون مهاودة لأن ذلك يعزز من هيبة الدولة ويخلق حالة من الرهبة في قلوب من تسول له نفسه المضي في هذا الطريق الأعوج الذي لم يمت بصلة لدين أو فكر أو ملة أو مذهب وبدون ذلك سيظل الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام المغرر بهم من المخدوعين بأطروحات هذه الجماعة لممارسة سلوكهم العدواني والوحشي الذي بات السكوت عنه والتهاون في قمعه وتقويمه جريمة في حق الدين والوطن والإنسانية جمعاء.وتظل في الأخير مسألة الالتزام بالوسطية والاعتدال في الوعظ والإرشاد وتدريس العلوم الشرعية والابتعاد عن التشدد والتزمت والتطرف والغلو والقبول بالرأي والرأي الآخر وحمل الآخرين على السلامة، وفرض رقابة حكومية على المدارس والمراكز الدينية ومتابعة أساليب وطرق التدريس فيها تظل واحدة من الحلول والمعالجات التي من شأنها الحيلولة دون غرس مفاهيم ومبادىء متشددة وضارة بالمجتمع في عقول الشباب والتي تقودهم إلى ارتكاب الجرائم وتسويغها على اعتبار أنها من مقومات الدين وهي مهمة ينبغي أن تتضافر الجهود الرسمية والحزبية والأهلية والشعبية والجماهيرية من أجل إنجاحها لترسيخ الأمن والاستقرار والطمأنينة في أوساط المجتمع.