٭ بمقتضى الأطر واللوائح والتشريعات القانونية المعمول بها في الدول الديمقراطية التي تؤمن بمبدأ الحرية والتعددية السياسية والحزبية والتي تنشأ في إطارها مجالس برلمانية تُنتخب من قبل أبناء الشعب تُُعبر عن همومهم وتعرض تطلعاتهم وآمالهم وتدافع عن حقوقهم وتصون حرياتهم. بمقتضى ذلك مُنح ممثلو الشعب حصانة برلمانية تجعلهم في منزلة رفيعة لا يمكن الإساءة إليهم أو منعهم من ممارسة عملهم أو المهام والأعمال المنوطة بهم التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بسلطتهم الرقابية التي أنيطت بهم بموجب النظام والقانون. ٭ فالبرلماني لا يجوز احتجازه أو استجوابه أو تفتيشه في المطارات والمنافذ البرية والبحرية والجوية إلا بموجب إفادة من مجلس النواب، وبموافقة غالبية الأعضاء، ولا يحق منعه من ممارسة مهامه بما لا يضر بالمصلحة العليا للوطن، فهو يمتلك حصانة تؤهله لعمل ما يريد طبقاً للقوانين النافذة للبلاد كما أسلفنا. ٭ وكم هو جميل أن تجد نواباً جعلوا من الحصانة البرلمانية منطلقاً لخدمة المواطنين وحل مشاكلهم وتلبية حاجاتهم بما يسهم في معالجة أوضاعهم المعيشية والصحية والاجتماعية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، فتجدهم يتابعون اعتماد حالات للضمان الاجتماعي من الفقراء والمساكين لسد فاقتهم وعوزهم، ويساعدون في استخراج مساعدات علاجية وتذاكر سفر لحالات مرضية خطيرة ممن حالت ظروفهم المادية دون إمكانية سفرهم للعلاج في الخارج، ويعملون على التنسيق مع رجال المال والأعمال والمنظمات والجمعيات الخيرية على إقامة أعراس جماعية لتزويج المعسرين من الشباب لمساعدتهم على إكمال نصف دينهم. وهذه نماذج متميزة ومتألقة داخل البرلمان وظفت الحصانة التوظيف الأنسب بعيداً عن الشطحات والمزايدات وتحقيق المكاسب المادية والمصالح الشخصية الضيقة. ٭ وفي المقابل هناك نماذج لنواب أساءوا استغلال هذه الحصانة وحولوها من نعمة إلى نقمة، فعمدوا إلى استغلالها في تعكير صفو الأمن والاستقرار والطمأنينة في المجتمع واختلاق المشاكل وافتعال الفتن والمتاجرة بالمصلحة العليا للوطن من خلال قيامهم بمحاربة كل مظاهر الجمال والتطور والنماء التي يشهدها الوطن وتزييف الوعي الجمعي للعالم الخارجي عن البلاد وأوضاعها وتشويه صورتها الزاهية بنقل صورة قاتمة السواد كقلوبهم التي طالها الصدأ مقابل حفنات من الدراهم غير آبهين بالمواطنين الذين منحوهم أصواتهم لخدمتهم وتحسين أوضاعهم. ٭ رؤاهم دائماً منحرفة، وأفكارهم متطرفة، ونظرتهم متشائمة، يغفلون الإيجابيات رغم عظمتها، ويكبرون القضايا السطحية البسيطة رغم تفاهتها، يجعلون من الحبة قبة، وبلغ ببعضهم الجرأة إلى التطاول على الثوابت الوطنية العليا والإساءة إليها والطعن في مشروعيتها، في مقدمة ذلك الوحدة اليمنية المباركة، من خلال أطروحاتهم غير السوية ولغتهم الشطرية الممقوتة التي لاتزال بعد أكثر من 17 عاماً مشدودة إلى ماضي التشطير البغيض ومخلفاته العفنة، فتراهم يدعون إلى التشطير والانفصال ويغذّون النزاعات المناطقية التي عفا عليها الزمن ولم تعد تروق إلا للمأزومين أمثالهم ممن هالتهم أنوار الوحدة ومنجزاتها العملاقة التي تتحدث عن نفسها في الريف والحضر على امتداد ربوع الوطن الحبيب. ٭ لا أعتقد أن هؤلاء يستحقون هذه الحصانة التي منحتها لهم قوانين ودستور دولة الوحدة ماداموا يطعنون في شرعيتها ويستبسلون في سبيل الانقضاض عليها، فهؤلاء مشكوك في وطنيتهم، ولا يمكن بأي حال من الأحوال السكوت على تصرفاتهم الهوجاء وممارساتهم الخاطئة، وبات من الضرورة بمكان على مجلس النواب سحب حصانة هؤلاء واتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم كونهم خالفوا القانون وعملوا على خراب الوطن ودماره وتمزيق أوصاله، وهو أمر لا يرضي الله ولا رسوله ولا خلقه. ٭ وليعِ هؤلاء بأن الوحدة تجري في عروق اليمنيين الشرفاء مجرى الدم، ومن المستحيل التفريط بها مهما بلغت التضحيات، وستظل الوحدة محروسة بدعم ومساندة وتماسك أبناء شعبنا اليمني الأصيل، ولن يضيمها حيلهم وألاعيبهم ومخططاتهم التآمرية كونها ولدت من رحم الإرادة اليمنية التواقة دوماً نحو الألق والتميز والكبرياء والشموخ على امتداد مراحل التاريخ المتعاقبة والتي تطالعنا بها كتب التاريخ في أنصع صفحاتها، والتي ستظل شاهدة على ريادة شعب وأصالة وطن وحضارة إنسان حفرت في الصخر ليصل إلى ذرى الرفعة والمجد والسمو.