في موروثنا الشعبي الحضرمي يعد هذا العنوان فلسفة حياة، وخلاصة وحضارة، وتكثيفاً لقيم سلوكية وأخلاقية اعتجنت بحياة الأجيال الماضية، فصارت جرس إنذار لكل خروج عن هذه القيم والسلوكيات والأخلاق، وصادة لمن تراوده نفسه عن فعل مشين، حتى وإن «هفّته» نفسه المريضة على ذلك. وإذا أردنا اليوم أن نسقط هذا القانون المعياري المجتمعي «المحضرم» على واقع الحال وأبنائه، ونتقصى صداه في نماذج من الشرائح الفاعلة والمؤثرة في محيطها اليومي لنرى كيف ستأتي النتيجة. إذاً دعونا نرحل قليلاً لنقف أولاً والأستاذ الدكتور الجامعي الذي سخّر كل معارفه لمصالحه الذاتية وأنانيته العلمية، وتسلق السلم الإداري في الجامعة من خلال الورقة الحزبية حتى بلغ إلى عميد كلية أو مسئول في قسم من أقسامها، وأهمل العلم والمعرفة والبحث العلمي ودوره التنويري في المجتمع، وليته وقف عند هذا الحد، إلا أنه أصبح مجاوشاً ومقاولاً ودلالاً سمسار أراضي ومقيماً دائماً في منتديات القات والذي منه، دون أن يجدد علمه ومعرفته ويقرأ ما يجد في تخصصه، وباقي الفروع الأخرى من فروع العلم الذي ينهمر منتجه في كل ثانية في العالم، فعندما تصبح الجامعة أداة من أدوات صناعة الجهل في المجتمع، فهل عرف هذا الأستاذ الجامعي فلسفة «يا لوماه»؟! . وثانياً نجد المثقف الكبير الذي قضى جلّ عمره ينثر المبادئ والقيم ويلسع الشرائح الأخرى بما لديه من مثاليات رأى فيها مادة لصناعة الذات في زمن مضى يوم كنا ولا تسل كيف كنا ويتجاهل اليوم كل هذه الصيرورة الحياتية، عازفاً على وتر النسيان والغفران الذي تصاب به أمة في مرحلة اختلال القيم والمعايير واهتزاز الثقة فيها، فيبدأ يمارس دوره المقيت في تسطيح الوعي والثقافة والتاريخ والتراث، ويمارس مبدأ الفهلوة «واللي تغلب به العب به» مثل هذا النموذج من المثقفين أو مدّعي الثقافة وما أكثرهم اليوم، فهل مر بخاطره يوماً هاجس «يا لوماه»؟!. ثالث هذه النماذج وأكثرها خطراً، عاشق التراث وخادم التاريخ والمعجون بالأصالة عندما يصرّ على تهويماته وشخبطاته التي لا تمتّ للعلم والمنهجية البحثية بصلة، ويستغل الخواء الذي تعيشه الأجيال الجديدة وعدم إلمامها بتراثها وتاريخها الماضي التليد، ويشرع في تشويه هذا الموروث والتاريخ دون خجل، والأمرّ من هذا الدّعي المزورّ الجهات الرسمية التي يجد بينها من يتولى مثل هذه التشوهات المعرفية والتراثية ويدفع بها تميلاً وطباعة في كتيبات أقل ما يمكن أن توصف به أنها خالية من أية قيمة علمية ومعرفية وتاريخية وتراثية، ويبقى صاحبنا مصراً على جهله، ويكابر في ذلك بعد أن شكّل مع غيره منظومة للتخلف والتشويه، فهل فهم عمق دلالة «يا لوماه»؟!. أما النموذج الأخير فهو الإعلامي «الكبير» الذي سخّر صوته وقلمه للعزف على نقيض نبض أمته، وعميت بصيرته عن رؤية واقعه المعيش، ناسخاً كل يوم عوالم لا يراها أحد غيره، ويبشر بالرخاء والرفاهية، وما على «الغلابى» إلا الصبر والانتظار، في حين هو قد امتلك سيارة، وبنى بيتاً، ورصيده من قطع الأراضي معمور، وفي زمن قياسي، ويتحدث في كل تجمع أو لقاء أو حوار مباشر أو نقاش عابر عن شرف الكلمة وضميرها الذي يجب أن لا يغفله عاشق الحرف، فهل بقي ل «يا لوماه» قيمة لديه؟!. نكتفي بهذه النماذج، والقائمة تطول، ولكننا آثرنا الإشارة، ويا لوماه.